الجمعة، 21 نوفمبر 2014

الاسلام أصوله ومبادئه – خلق الإنسان وتكريمه - د. محمد بن عبدالله بن صالح السحيم

خلق الإنسان وتكريمه

قضى الله أن يخلق خلقاً جديراً بعمارة هذا الكون؛ فكان هذا المخلوق هو الإنسان، واقتضت حكمته سبحانه أن تكون المادة التي يخلق منها الإنسان هي الأرض، وبدأ خلقه من طين، ثم صوره على هذه الصورة الحسنة التي عليها الإنسان، فلما استوى متكاملاً في شكله، نفخ فيه من روحه؛ فإذا هو إنسان في أحسن تقويم يسمع ويبصر ويتحرك ويتكلم، فأسكنه ربه جنته، وعلمه كل ما يحتاج إلى معرفته، وأباح له كل ما في هذه الجنة، ونهاه عن شجرة واحدة -ابتلاءً وامتحاناً- وأراد الله أن يظهر منزلته ومكانته؛ فأمر ملائكته بالسجود له، فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس امتنع عن السجود تكبراً وعناداً، فغضب عليه ربه، لمخالفة أمره، وطرده من رحمته؛ لأنه تكبر عليه، فطلب إبليس من ربه أن يمد في عمره وأن يمهله إلى يوم القيامة؛ فأمهله ربه ومد في عمره إلى يوم القيامة، وحسد الشيطانُ آدم، لما فضل عليه هو وذريته، وأقسم بربه أن يغوي جميع بني آدم وأنه سيأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، إلا عباد الله المخلصين الصادقين المتقين، فإن الله عصمهم من كيد الشيطان ومكره، وحذر الله آدم من كيد الشيطان، فوسوس الشيطان لآدم وزوجه حواء؛ ليخرجهما من الجنة، وليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما، وأقسم لهما إني لكما ناصحاً، وأن الله لم ينهكما عن تلك الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
فأكلا من تلك الشجرة التي نهى الله عنها، فكان أول ما أصابهما من عقوبة على مخالفة أمر الله أن بدت لهما سوءاتهما، فذكرّهما ربهما بتحذيره لهما من كيد الشيطان، فاستغفر آدم ربه، فغفر له وتاب عليه واجتباه وهداه، وأمره أن يهبط من الجنة التي كان يسكنها إلى الأرض؛ إذ هي مستقرة، وفيها متاعه إلى حين، وأخبره أنه منها خلق وعليها يعيش وفيها يموت، ومنها يبعث.
فهبط آدم إلى الأرض هو وزوجه حواء، وتناسلت ذريتهما، وكانوا يعبدون الله وفق ما أمرهم، إذ كان آدم نبياً.
وقد أخبرنا الله هذا الخبر فقال سبحانه: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك ألا تسجد إذا أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين. قال أنظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين. قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. قال اخرج منها مذءوماً مدحوراً لمن تبعك منهم لأملئن جهنم منكم أجمعين. ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهم الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين. قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون}([1]).
وحينما تتأمل عظيم صنع الله لهذا الإنسان؛ حيث خلقه في أحسن تقويم، وألبسه خِلَع الكرامة كلها من: العقل، والعلم، والبيان، والنطق، والشكل، والصورة الحسنة، والهيئة الشريفة، والجسم المعتدل، واكتساب العلوم بالاستدلال والفكر، واقتناص الأخلاق الشريفة الفاضلة من: البر، والطاعة، والانقياد، فكم بين حاله وهو نطفة داخل الرحم مستودع هناك، وبين حاله والملك يدخل عليه في جنات عدن؟ {فتبارك الله أحسن الخالقين} ([2]).
فالدنيا قرية، والإنسان ساكنها والكل مشغول به، ساع في مصالحه، والكل قد أقيم في خدمته وحوائجه، فالملائكة الموكلون به يحفظونه آناء الليل وأطراف النهار، والموكلون بالقطر والنبات يسعون في رزقه ويعملون فيه، والأفلاك سخرت منقادة دائرة بما فيه مصالحه، والشمس والقمر والنجوم مسخرات جاريات بحساب أزمنته وأوقاته وإصلاح رواتب أقواته، والعالم الجوي مسخر له برياحه وهوائه، وسحابه وطيره وما أودع فيه، والعالم السفلي كله مسخرٌ له، مخلوق لمصالحه، أرضه وجباله، وبحاره وأنهاره، وأشجاره وأثماره، ونباته وحيوانه وكل مافيه كما قال تعالى: {الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}([3])، ومن تمام تكريمه أن خلق له جميع ما يحتاج إليه في حياته الدنيا، وما يحتاج إليه من الوسائل التي تبلغه الدرجات العلى في الدار الآخرة؛ فأنزل إليه كتبه، وأرسل إليه رسله، يبينون له شرع الله ويدعونه إليه.
ثم خلق له من نفسه -أي من نفس آدم- زوجاً يسكن إليه، ملبياً لحاجاته الفطرية -نفسية وعقلية وجسدية- بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار، ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء والمودة والرحمة؛ لأن تركيبهما الجسدي والنفسي والعصبي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر، وائتلافهما لإنشاء جيل جديد، وأودعت نفوسهما هذه العواطف والمشاعر، وجعلت في تلك الصلة سكناً للنفس والعصب، وراحة للجسم والقلب، واستقراراً للحياة والمعاش، وأنساً للأرواح والضمائر، واطمئناناً للرجل والمرأة على السواء.
واختص الله المؤمنين من بين بني الإنسان، فجعلهم أهل ولايته، استخدمهم في طاعته، يعملون له وفق شريعته؛ ليكونوا أهلاً لمجاورة ربهم في جنته.
اصطفى منهم الأولياء والشهداء والأنبياء والمرسلين، ومنحهم في هذه الدنيا أعظم نعمة تنعم بها النفوس ألا وهي: عبادة الله وطاعته ومناجاته، واختصهم بنعم عظيمة -لا يجدها غيرهم- منها الأمن والطمأنينة والسعادة، بل أعظم من ذلك أنهم يعلمون الحق الذي جاء به المرسلون ويؤمنون به، وادّخر لهم -في الدار الآخرة- من النعيم المقيم والفوز العظيم، ما يليق بكرمه سبحانه، ويكافيء إيمانهم به وإخلاصهم له.


مكانة المرأة
بلغت المرأة في الإسلام منزلة عالية، لم تبلغها ملة ماضية، ولم تدركها أمة تالية، إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة والرجل على حد سواء، فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء، كما أنهم أمام ثوابه وجزائه سواء في الدار الآخرة، قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} ([4])، وقال عز من قائل: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} ([5])، وقال جل ثناؤه: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} ([6])، وقال سبحانه: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} ([7])، وقال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} ([8])، وقال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}([9])، وقال جل ثناؤه: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} ([10]). وقال عز من قائل: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً}([11]).
وهذا التكريم الذي حظيت به المرأة في الإسلام لا يوجد له مثيل في أية ديانة أو ملة أو قانون فقد أقرت الحضارة الرومانية أن تكون المرأة رقيقاً تابعاً للرجل، ولا حقوق لها على الإطلاق، واجتمع في روما مجمع كبير وبحث في شؤون المرأة، فقرر أنها كائن لا نفْس له، وأنها لهذا- لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس.
وكانت المرأة في أثينا تُعَدُّ من سقط المتاع، فكانت تباع وتشترى، وكانت تعد رجساً من عمل الشيطان.
وقررت شرائع الهند القديمة: أن الوباء والموت والجحيم وسم الأفاعي والنار خير من المرأة، وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها -الذي هو سيدها- فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه، وإلا حاقت عليها اللعنة.
أما المرأة في اليهودية فقد جاء الحكم عليها في العهد القديم ما يلي: (درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولأعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون؛ فوجدت أمرّ من الموت: المرأة التي هي شباك، وقلبها شراك، ويداها قيود)([12]).
تلك هي المرأة في العصور القديمة، أما حالها في العصور الوسطى والحديثة فتوضحها الوقائع التالية:
شرح الكاتب الدانمركي Wieth Kordsten   اتجاه الكنيسة الكاثوليكية نحو المرأة بقوله: (خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدودة جداً تبعاً لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية) وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً؟ وبعد النقاش: قرر المجتمعون أن المرأة إنسان، ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل. وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي: (المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائماً على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها- لا يجوز لها أن تهب، ولا أن تنقل ملكيتها ولا أن ترهن، ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية).
وفي إنجلترا حرّم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين، وظللن حتى عام 1882م ليس لهن حقوق شخصية ([13]).
أما المرأة المعاصرة في أوربا وأمريكا وغيرها من البلاد الصناعية فهي مخلوق مبتذل مستهلك في الأغراض التجارية، إذ هي جزء من الحملات الإعلانية الدعائية، بل وصل بها الحال إلى أن تجرد من ملابسها لتعرض عليها السلع في واجهات الحملات التجارية وأبيح جسدها وعرضها بموجب أنظمة قررها الرجال لتكون مجرد متعة لهم في كل مكان.
وهي محل العناية مادامت قادرة على العطاء والبذل من يدها أو فكرها أو جسدها، فإذا كبرت وفقدت مقومات العطاء تخلى عنها المجتمع بأفراده ومؤسساته، وعاشت وحيدة في بيتها أو في المصحات النفسية.
قارن هذا -ولا سواء- بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} ([14])، وقوله جل ثناؤه {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} ([15])، وقوله عزوجل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} ([16]).

وحينما كرمها ربها هذا التكريم أوضح للبشرية قاطبة بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً، وشرع لذلك شرائع خاصة تخص المرأة دون الرجل.




حكمة خلق الإنسان

لله سبحانه من الحكم في ذلك ما تعجز العقول عن معرفته، والألسن عن صفته، وسنستعرض في هذه الوقفات شيئاً من هذه الحكم فمنها:
1 - أنه سبحانه له الأسماء الحسنى فمن أسمائه: الغفور، الرحيم، العفو، الحليم،... ولابد من ظهور آثار هذه الأسماء، فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم وذريته داراً يظهر عليهم فيها أثر أسمائه الحسنى، فيغفر لمن يشاء، ويرحم من يشاء، ويعفو عمن يشاء ويحلم على من يشاء إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه وصفاته.
2 - أنه سبحانه الملك الحق المبين؛ والملك هو الذي يأمر وينهي ويثيب ويعاقب، ويهين ويكرم، ويعز ويذل، فاقتضى ملكه سبحانه أن أنزل آدم وذريته داراً تجرى عليهم فيها أحكام الملك، ثم ينقلهم إلى دار يتم فيها جزاؤهم على أعمالهم.
3 - أنه سبحانه أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلاً وأولياء وشهداء يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين أعدائه وامتحنهم بهم، فلما آثروه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في مرضاته ومحبته؛ نالوا من محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بدون ذلك أصلاً، فدرجة الرسالة والنبوة والشهادة من أفضل الدرجات عند الله، ولم يكن ينال الإنسان هذا إلا على هذا الوجه الذي قضاه الله سبحانه من إهباط أدم وذريته إلى الأرض.
4 - أن الله سبحانه خلق آدم وذريته من تركيب قابل للخير والشر ومستلزم لداعي الشهوة والفتنة، وداعي العقل والعلم، فإنه سبحانه خلق فيه العقل والشهوة، ونصبهما داعيين بمقتضياتهما ليتم مراده، ويظهر لعباده عزته في حكمته وجبروته، ورحمته وبره ولطفه في سلطانه وملكه؛ فاقتضت حكمته أن أنزل آدم وذريته إلى الأرض ليتم الامتحان وتظهر آثار استعداد الإنسان لهذه الدواعي واستجابته لها، وتكريمه أو إهانته تبعاً لذلك.
5 -   أن الله سبحانه خلق الخلق لعبادته، وهي الغاية من خلقهم قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}([17])، ومعلوم أن كمال العبودية المطلوب من الخلق لا يحصل في دار النعيم والبقاء؛ إنما يحصل في دار المحنة والبلاء، أما دار البقاء فدار لذة ونعيم، لا دار امتحان وتكليف.
6 -   أن الإيمان بالغيب هو الإيمان النافع، أما الإيمان بالمشاهدة فكل أحد يؤمن يوم القيامة، فلو خلقوا في دار النعيم لم ينالوا درجة الإيمان بالغيب الذي تعقبه اللذة والكرامة الحاصلة بسبب الإيمان بالغيب؛ فلذلك أنزلهم إلى دار يكون لإيمانهم فيها بالغيب مجال.
7 -   أن الله خلق آدم عليه السلام من قبضة من جميع الأرض، والأرض فيها الخبيث والطيب، والحزن والسهل، فعلم سبحانه أن في ذرية آدم من لا يصلح لمساكنته في داره؛ فأنزله إلى دار استخرج فيها الطيب والخبيث، ثم ميّزهم سبحانه بدارين: فجعل الطيبين أهل جواره ومساكنته، وجعل الخبيثين أهل دار الشقاء دار الخبثاء.
8 -   أن الله سبحانه أراد من ذلك أن يعرف عباده الذين أنعم عليهم تمام نعمته عليهم وقدرها؛ ليكونوا أعظم محبة وشكراً، وأعظم التذاذاً بما أعطاهم من النعيم، فأراهم سبحانه فعله بأعدائه وما أعد لهم من العذاب، وأشهدهم تخصيصهم بأعلى أنواع النعيم؛ ليزداد سرورهم، وتكمل غبطتهم، ويعظم فرحهم، وكان ذلك من تمام الإنعام عليهم ومحبتهم، ولم يكن بد في ذلك من إنزالهم إلى الأرض وامتحانهم واختيارهم، وتوفيق من شاء منهم رحمة منه وفضلاً، وخذلان من شاء منهم حكمة منه وعدلاً. وهو العليم الحكيم.
9 -   أن الله أراد أن يعود إليها آدم وذريته وهم على أحسن أحوالهم، فأذاقهم قبل ذلك من نصب الدنيا وغمومها وهمومها وأوصابها ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الدار الآخرة؛ فإن الضد يظهر حسنه الضد([18]).
وبعد أن أوضحت بداية الإنسان فيحسن أن نبيّن احتياجه إلى الدين الصحيح.



([1]) سورة الأعراف، الآيات 11،25.
([2]) سورة المؤمنون، الآية 14.
([3]) مفتاح دار السعادة، جـ1 ص 327،328، والآيات من سورة إبراهيم 32،34.
([4]) سورة الإسراء، الآية 70.
([5]) سورة النساء، الآية 7.
([6]) سورة البقرة، الآية 228.
([7])  سورة التوبة، الآية 71.
([8]) سورة الإسراء، الآيتان 23،24.
([9]) سورة آل عمران، الآية 195.
([10]) سورة النحل، الآية 97.
([11]) سورة النساء، الآية 124.
([12]) سفر الجامعة ، الإصحاح 7: 25-26 ومن المعلوم أن العهد القديم يقدسه ويؤمن به اليهود والنصارى.
([13]) سلسلة مقارنة الأديان، تأليف د. أحمد شلبي  جـ3 ص210،213.
([14]) سورة التوبة، الآية 71.
([15]) سورة البقرة، الآية 228.
([16]) سورة الإسراء ، الآيتان 23،024
([17]) سورة الذاريات، الآية 56.
([18]) انظر مفتاح دار السعادة، جـ1، ص6-11.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق