الأحد، 16 نوفمبر 2014

الباب الثانى : فى الحدود - مسائل عامة عن الحدود - من كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي – الجزء الثاني - الدكتور عبد القادر عودة

الباب الثانى
 فى الحدود
مسائل عامة عن الحدود


من كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي

 الجزء الثاني


الدكتور عبد القادر عودة 



477 - تعريف الحد: الحد لغة: هو المنع، واصطلاحًا: هو العقوبة المقدرة حقًا لله تعالى (3) .
ويطلق لفظ الحد عادة على جرائم الحدود وعلى عقوباتها، فيقال: ارتكب الجانى حدًا ويقال: عقوبته حد، وإذا أطلق لفظ الحد على الجريمة فإنما يقصد تعريف الجريمة بعقوبتها، أى بأنها جريمة ذات عقوبة مقدرة شرعًا، فتسمية الجريمة بالحد تسمية مجازية.
ويرى بعض الفقهاء أن الحد هو العقوبة المقدرة شرعًا (4) .
_________
(1) المغنى ج 12ص 126..
(2) نفس المراجع السابقة، والإقناع ج4 ص 453.
(3) شرح فتح القدير ج4 ص 113، شرح الزرقانى ج8 ص 115، الإقناع ج 4 ص 244، شرح الأزهار ج4 ص 333، المحلى لابن حزم ج 11 ص 118..
(4) شرح فتح القدير ج4 ص113.
(2/343)

ويدخل تحت الحد بهذا المعنى جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية؛ لأن عقوباتها جميعًا مقدرة شرعًا.
والمشهور هو تخصيص لفظ الحد لجرائم الحدود وعقوباتها دون غيرها (1) .
وتعريف عقوبة الحد بأنها العقوبة المقدرة حقًا لله تعالى يؤدى إلى هذا التخصيص، وبهذا العريف تخرج العقوبات المقررة لجرائم القصاص والدية، لأن هذه العقوبات وإن كانت مقدرة شرعًا إلا أنها مقررة حقًا للأفراد، كذلك تخرج عقوبات جرائم التعازير لأنها جميعًا عقوبات غير مقدرة.
ومعنى أن العقوبة مقدرة أن الشارع عين نوعها وحدد مقدارها ولم يترك اختيارها أو تقديرها لولى الأمر أو القاضى.
ومعنى أن العقوبة مقررة حقًا لله تعالى أنها مقررة لصالح الجماعة وحماية نظامها، والفقهاء حينما ينسبون العقوبة لله جل شأنه ويقولون إنها حق لله يعنون بذلك أنها لا تقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة.
وتعتبر العقوبة حقًا لله تعالى كلما استوجبتها المصلحة العامة، وهى دفع الفساد عن الناس وتحقيق الصيانة لهم، فكل جريمة يرجع فسادها إلى العامة وتعود منفعة عقوبتها إليهم تعتبر العقوبة المقررة عليها حقًا لله، تأكيدًا لتحصيل المنفعة ودفع المضرة والفساد، لأن اعتبار العقوبة لله يؤدى إلى عدم إسقاطها بإسقاط الأفراد والجماعة لها (2) .
478 - الحد والجناية: ويعبر بعض الفقهاء عن جريمة الحد بلفظ الجناية، ويكتبون عن جرائم الحدود تحت عنوان الجنايات (3) .
والجناية لغة: اسم لما يجنيه المرء من شر وما اكتسبه. وفى الاصطلاح الفقهى: اسم لفعل محرم شرعًا. ولفظ الجناية مرادف اصطلاحًا للفظ الجريمة، ولما كانت الحدود جرائم فقد صح أن
_________
(1) نفس المرجع السابق..
(2) شرح فتح القدير ج4 ص112، 113، بدائع الصنائع ج7 ص 56.
(3) المحلى لابن حزم ج11 ص118، 373.
(2/344)

تسمى بالجنايات، ولا يغير من ذلك أن عقوباتها مقدرة؛ لأن تسمية الجريمة بالحد إنما هى تسمية مجازية، كما قلنا من قبل.
ويبقى بعد ذلك أن نعرف أنه إذا كان كل حد جناية، فإن كل جناية ليست حدًا؛ لأن من الجنايات جرائم التعازير وعقوباتها غير مقدرة، وإذا لم تكن عقوبة الجريمة مقدرة فالجريمة ليست حدًا بل إنها لا تكون حدًا إلا إذا كانت عقوبتها مقررة حقًا لله تعالى على الرأى المشهور.
479 - جرائم الحدود: جرائم الحدود سبع وهى:
(1) الزنا.
(2) القذف.
(3) الشرب.
(4) السرقة.
(5) الحرابة أو المحاربة.
(6) البغى
(7) الردة.
وهذا ما يراه جمهور الفقهاء، ولكن ابن حزم يخرج البغى من جرائم الحدود ويدخل جريمة جحد العارية (1) .
وسنخصص لكل جريمة من هذه الجرائم كتابًا، أما جريمة جحد العارية فسنتناولها أثناء الكلام على جريمة السرقة، إذ أن ما يعتبره ابن حزم جحدًا للعارية يعتبره جمهور الفقهاء سرقة.
* * *
_________
(1) المغنى ج 10ص 140، المهذب ج ص 198، شرح فتح القدير ج4 ص 137.
(2/345)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق