السبت، 22 نوفمبر 2014

أصول الإسلام ومصادره : من كتاب الإسلام أصوله ومبادئه - د . محمد بن عبدالله بن صالح السحيم

أصول الإسلام ومصادره

من كتاب
الإسلام أصوله ومبادئه
د . محمد بن عبدالله بن صالح السحيم

اعتاد أتباع الأديان الباطلة والملل الوضعية أن يقدسوا كتباً متوارثة فيهم، كتبت في أزمنة غابرة، وقد لا يعلم حقيقة من كتبها، ولا من ترجمها، ولا في أي زمن كتبت، إنما كتبها أناس يعتريهم ما يعترى البشر من الضعف والنقص والهوى والنسيان.
أما الإسلام فإنه يتميز عن غيره حيث يعتمد على المصدر الحق (الوحي الإلهي) القرآن والسنة وفيما يلي تعريف موجز بهما:
أ - القرآن العظيم : علمت فيما سبق أن الإسلام هو دين الله، ولأجل ذلك أنزل الله القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هدى للمتقين، ودستوراً للمسلمين، وشفاءً لصدور الذين أراد الله لهم الشفاء، ونبراساً لمن أراد الله لهم الفلاح والضياء، وهو مشتمل على ألاصول التي بعث الله من أجلها الرسل([1])، ولم يكن القرآن بدعاً من الكتب، كما لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم بدعاً من الرسل؛ فقد أنزل الله على إبراهيم صحفاً، وأكرم موسى بالتوراة، وداود بالزبور، وجاء المسيح بالإنجيل. وهذه الكتب وحي من الله أوحاه إلى أنبيائه ورسله، ولكن هذه الكتب المتقدمة فُقِد كثير منها، واندرس معظمها، ودخلها التحريف والتبديل.
أما القرآن العظيم فقد تكفل الله بحفظه، وجعله مهيمناً وناسخاً لما سبقه من الكتب قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين بديه من الكتاب ومهيمناً عليه}([2])، ووصفه الذي أنزله بأنه تبياناً لكل شيء فقال جل ثناؤه: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء}([3])، وأنه هدى ورحمة فقال عز من قائل: {فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة}([4])، وأنه يهدي للتي هي أقوم: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}([5])، فهو يهدي البشرية لأقوم سبيل في كل شأن من شؤون حياتها.
وهذا القرآن آية باقية لمحمد صلى الله عليه وسلم - ضمن آيات باقيات إلى يوم القيامة- فقد كانت آيات الأنبياء السابقين ومعجزاتهم تنتهي بانتهاء حياتهم، أما هذا القرآن فقد جعله الله حجة باقية.
وهو الحجة البالغة، والآية الباهرة تحدى الله البشر أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة واحدة من سوره، فعجزوا على الرغم من أنه يتكون من حروف وكلمات، والأمة التي أنزل عليها هي أمة الفصاحة والبلاغة، قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوه بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}([6]).
ومما يشهد لهذا القرآن أنه وحي من عند الله، أنه تضمن أخباراً كثيرة عن الأمم السابقة، وتنبأ عن حوادث مستقبلية وقعت كما أخبر، وذكر من البراهين العلمية الشيء الكثير مما لم يتوصل العلماء إلى بعضه إلا في هذا العصر. ومما يشهد لهذا القرآن -أيضاً- أنه وحي من عندالله أن النبي الذي أنزل عليه هذا القرآن لم يعهد عنه مثله ولم ينقل عنه ما يشابهه قبل تنزل القرآن قال تعالى: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون}([7])، بل كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولم يتردد على شيخ، ولم يجلس إلى معلم ومع ذلك يتحدى الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بمثله: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون}([8])، وهذا الرجل الأمي الذي وصف في التوراة والإنجيل بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب يأتي إليه أحبار اليهود والنصارى -الذين لديهم بقايا من التوراة والإنجيل- يسألونه عما يختلفون فيه، ويحتكمون إليه فيما يتشاجرون فيه، قال تعالى موضحاً خبره في التوراة والإنجيل: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}([9])، وقال تعالى مبيناً سؤال اليهود والنصارى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء}([10])، وقال جل ثناؤه: {ويسألونك عن الروح}([11])، وقال سبحانه: {ويسألونك عن ذي القرنين}([12])، وقال سبحانه: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذين هم فيه يختلفون}([13]).
ولقد حاول القس إبراهيم فيلبس في إطروحة الدكتوراة النيل من القرآن فعجز عن ذلك وقهره القرآن بحججه وبراهينه ودلائله فأعلن عجزه، واستسلم لخالقه وأعلن اسلامه([14]).
وحينما أهدى أحد المسلمين نسخة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الدكتور الأمريكي جفري لانغ وجد أن هذا القرآن يخاطب نفسه، ويجيب على أسئلته، ويزيل الحوجز التي بينه وبين نفسه، بل قال: (إن الذي أنزل القرآن كأنه يعرفني أكثر مما أعرف نفسي) ([15])، كيف لا؟ والذي أنزل القرآن هو الذي خلق الإنسان، وهو الله سبحانه، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}([16]). ثم كانت قراءته لترجمة معاني القرآن الكريم سبباً في إسلامه وتأليفه لهذا الكتاب الذي نقلت لك منه.
والقرآن العظيم شامل لكل ما يحتاج إليه البشر، فهو شامل لأصول القواعد والعقائد والأحكام والمعاملات والآداب قال تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}([17])، ففيه الدعوة إلى توحيد الله، وذكر أسمائه وصفاته وأفعاله، ويدعو إلى صحة ما جاء به الأنبياء والمرسلين، ويقرر المعاد والجزاء والحساب ويقيم الحجج والبراهين على ذلك، ويذكر أخبار الأمم الماضية وما حل بها من المثلات في الدنيا، وما ينتظرهم من العذاب والنكال في الآخرة.
وفيه من الآيات والدلائل والبراهين الشيء الكثير مما يدهش العلماء، ويناسب كل عصر، ويجد فيه العلماء والباحثون ضالتهم، وسأذكر لك ثلاثة أمثلة فقط تكشف لك شيئاً من ذلك وهذه الأمثلة هي:
1 - قوله تعالى: {وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً}([18])، وقال عز شأنه: {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور}([19]).
ومن المعلوم أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يركب البحر، ولم يكن في عصره الوسائل المادية التي تعين على اكتشاف أعماق البحر. فمن الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه المعلومات إلا الله.
2 - قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}([20])، ولم يكتشف العلماء هذه التفاصيل الدقيقة عن مراحل خلق الجنين إلا في هذا العصر.
3 - قال تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}([21])، فلم تعتد البشرية هذا التفكير الشامل ولا تفكر فيه، فضلاً عن أن تستطعيه، بل إذا رصد فريق من العلماء نبتة أو حشرة وسجلوا ما عرفوا عنها تملكنا الإعجاب لذلك، علماً أن ما خفي عليهم من حالها أكثر مما رصدوه.
وقد قارن العالم الفرنسي موريس بوكاي بين التوراة والإنجيل والقرآن، وبين ما توصلت إليه الاكتشافات الحديثة فيما يتعلق بخلق السموات والأرض وخلق الإنسان؛ فوجد أن الاكتشافات المعاصرة موافقة لما ورد في القرآن، بينما وجد التوراة والإنجيل المتداولة اليوم متضمنة لمعلومات كثيرة خاطئة عن خلق السموات والأرض وخلق الإنسان والحيوان([22]).


ب : السنة النبوية
  أنزل الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، وأوحى إليه مثله وهو السنة النبوية الشارحة والمبنية للقرآن، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)([23])، فقد أذن له أن يبين ما في القرآن من عموم أوخصوص أو إجمال، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}([24]).
والسنة هي المصدر الثاني من مصادر الإسلام، وهي جميع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم -بسند صحيح متصل إلى الرسول - من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
وهي وحي من الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم عن هوى قال تعالى: {إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى}([25])، إنما يبلغ إلى الناس ما أمر به قال تعالى: {إن اتبع إلا ما يوحي إليّ وما أنا إلا نذير مبين}([26]).
والسنة المطهرة هي التطبيق الفعلي للإسلام أحكاماً وعقائد وعبادات ومعاملات وآداباً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ما أمر به، ويبينه للناس، ويأمرهم أن يفعلوا مثل فعله كقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ([27])، وقد أمر الله المؤمنين أن يقتدوا به في أفعاله وأقواله؛ حتى يتم لهم كمال إيمانهم قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}([28])، ونقل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله إلى من بعدهم ونقلها هؤلاء إلى من بعدهم، ثم تم تدوينها في دواوين السنة، وقد كان نَقَلَةُ السنة يتشددون فيمن ينقلون عنه، ويطلبون فيمن يأخذون عنه أن يكون معاصراً لمن أخذ عنه، حتى يتصل السند من الراوي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم([29]) وأن يكون جميع رجال السند ثقات عدولاً صادقين أمناء.
والسنة كما أنها التطبيق الفعلي للإسلام، فهي -أيضاً- تبين القرآن الكريم، وتشرح آياته، وتفصل المجمل من أحكامه، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يبين ما نزل إليه، تارة بالقول، وتارة بالفعل، وتارة بهما معاً، وقد تستقل السنة عن القرآن الكريم ببيان بعض الأحكام والتشريعات.
ويجب الإيمان بالقرآن والسنة على أنهما المصدران الأساسيات في دين الإسلام الذي يجب اتباعهما والرد إليهما، واتباع أمرهما، واجتناب نهيهما، وتصديق أخبارهما، والإيمان بما فيهما من أسماء الله وصفاته وأفعاله، وما أعده الله لأوليائه المؤمنين، وما توعد به أعداءه الكافرين، قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}([30])، وقال سبحانه: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}([31]).
وبعد التعريف بمصادر هذا الدين يحسن بنا أن نذكر مراتبه، وهي الإسلام، والإيمان، والإحسان، وسنتناول بشيء من الإيجاز أركان هذه المراتب.



المرتبة الأولى*
الإسلام: وأركانه خمسة  وهي: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج.
الأول:  شهادة ألا إله إلالله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى شهادة ألا إله إلا الله: أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده، فهو الإله الحق، وكل إله غيره باطل([32])، وتقتضي إخلاص العبادة لله وحده، ونفيها عما سواه، ولا تنفع قائلها حتى يتحقق فيه أمران:
الأول : قول لا إله إلا الله عن اعتقاد وعلم ويقين وتصديق ومحبة.
الثاني : الكفر بما يعبد من دون الله. فمن قال هذه الشهادة ولم يكفر بما يعبد من دون الله لم ينفعه هذا القول([33]).
ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع،  وأن تعلم وتعتقد بأن محمداً رسول الله إلى الناس جميعاً، وأنه عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب، بل يطاع ويتبع، من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، وأن تعلم وتعتقد بأن تلقي التشريع سواء في العقيدة، أم في شعائر العبادات التي أمر الله بها، أم في نظام الحكم والتشريع أم في مجال الأخلاق، أم في مجال بناء الأسرة، أم في مجال التحليل والتحريم.. لا يكون إلا عن طريق هذا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رسول الله المبلغ عنه شريعته([34]).
الثاني : الصلاة* : هي الركن الثاني من أركان الإسلام، بل هي عمود الإسلام، إذ هي صلة بين العبد وربه، يكررها كل يوم خمس مرات، يجدد فيها إيمانه، ويطهر فيها نفسه من أدران الذنوب، وتحول بينه وبين الفواحش والآثام، فإذا استيقظ العبد من نومه في صباحه -مَثُلَ بين يدي ربه طاهراً نظيفاً -قبل أن ينشغل بحطام الدنيا- ثم كبر ربه، وأقر بعبوديته واستعانه واستهداه، وجدد ما بينه وبين ربه من ميثاق الطاعة والعبودية ساجداً وقائماً وراكعاً يكرر ذلك في كل يوم خمس مرات، ويلزم لأداء هذه الصلاة أن يكون متطهراً في قلبه وبدنه وثوبه ومكان صلاته، وأن يؤديها المسلم جماعة مع إخوانه المسلمين إلى ربهم، ومتوجهين بوجههم إلى الكعبة المشرفة بيت الله، فالصلاة قد وضعت على أكمل الوجوه وأحسنها التي تعبّد بها الخالق تبارك وتعالى عباده؛ من تضمّنها للتعظيم له بأنواع الجوارح، من نطق اللسان، وعمل اليدين والرجلين والرأس وحواسه، وسائر أجزاء بدنه، كل يأخذ حظه من هذه العبادة العظيمة.
فالحواس والجوارح تأخذ بحظها منها، والقلب يأخذ حظه منها، فهي مشتملة على الثناء والحمد والتمجيد والتسبيح والتكبير، وشهادة الحق، وقراءة القرآن الكريم والقيام بين يدي الرب مقام العبد الذليل الخاضع للرب المدبر، ثم التذلل له في هذا المقام والتضرع والتقرب إليه، ثم الركوع والسجود والجلوس خضوعاً وخشوعاً واستكانة لعظمته وذلاً لعزته، قد انكسر قلبه، وذل له جسمه، وخشعت له جوارحه، ثم يختم صلاته بالثناء على الله والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة([35]).
الثالث الزكاة* : هي الركن الثالث من أركان الإسلام، ويجب على المسلم الغني أن يخرج زكاة ماله، وهي جزء يسير جداً، ويدفعها إلى الفقراء والمساكين وغيرهم ممن يجوز دفعها إليهم.
ويجب أن يدفعها المسلم إلى مستحقها بطيب نفسه، ولا يمنّ بها على أهلها ولا يؤذيهم بسببها، ويجب أن يدفعها المسلم ابتغاء رضوان الله، لا يريد بذلك جزاءً ولا شكوراً من الخلق؛ بل يدفعها خالصة لوجه الله لا رياءً ولا سمعة.
وفي إخراج الزكاة استجلاب للبركة، وتطييب لنفوس الفقراء والمساكين وذوي الحاجات، وإغناء لهم عن ذل السؤال، ورحمة بهم من التلف والعوز إذا تركهم الأغنياء، وفي إخراج الزكاة اتصاف بصفات الكرم والجود والإيثار والبذل والرحمة، وتخلٍ عن سمات أهل الشح والبخل والدناءة. وفيها يتكاتف المسلمون، ويرحم غنيُهم فقيرَهم، فلا يبقى في المجتمع -إذا طبقت هذه الشعيرة- فقير معدم، ولا مدين مرهق، ولا مسافر منقطع.
الرابع : الصيام *: وهو صيام شهر رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يدع فيه الصائم الطعام والشراب والجماع عبادة لله سبحانه وتعالى، ويكف نفسه عن شهواتها، وقد خفف الله الصيام عن المريض والمسافر والحامل والمرضع والحائض والنفساء؛ فلكل منهم حكم يناسبه.
وفي هذا الشهر يكف المسلم نفسه عن شهواتها؛ فتخرج نفسه بهذه العبادة من شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين، حتى إن الصائم ليتصور بصورة من لا حاجة له في الدنيا إلا في تحصيل رضى الله.
والصيام يحي القلب، ويزهد في الدنيا، ويرغب فيما عند الله، ويذكر الأغنياء بالمساكين وأحوالهم؛ فتعطف قلوبهم عليهم، ويعلمون ما هم فيه من نعم الله فيزدادوا شكراً.
والصيام يزكي النفس، ويقيمها على تقوى الله، ويجعل الفرد والمجتمع يستشعر رقابة الله عليه في السراء والضراء في السر والعلانية؛ حيث يعيش المجتمع شهراً كاملاً محافظاً على هذه العبادة، مراقباً لربه يدفعه إلى ذلك خشية الله تعالى والإيمان بالله وباليوم الآخر، واليقين بأن الله يعلم السر وأخفى، وأن المرء لابد له من يوم يقف فيه بين يدي ربه فيسأله عن أعماله كلها صغيرها وكبيرها([36]).
الخامس الحج* : إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، ويجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر، يملك وسيلة النقل أو أجرتها إلى البيت الحرام، ويملك ما يكفيه من النفقة في ذهابه وإيابه، على أن تكون هذه النفقة فاضلة عن قوت من يعولهم، وأن يكون آمناً على نفسه في طريقه، وآمناً على من يعولهم أثناء غيابه عنهم، ويجب الحج مرة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً.
وينبغي لمن أراد الحج أن يتوب إلى الله؛ لتتطهر نفسه من دنس الذنوب، فإذا بلغ مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أدى شعائر الحج عبودية وتعظيماً لله، ويعلم أن الكعبة وسائر المشاعر لا تعبد من دون الله، وأنها لا تنفع ولا تضر، ولولم يأمر الله بالحج إليها لما صح للمسلم أن يحج إليها.
وفي الحج يلبس الحاج إزاراً ورداءً أبيضين، فيجتمع المسلمون من جميع أقطار الأرض في مكان واحد، يلبسون زياً واحداً، يعبدون رباً واحداً، لافرق بين رئيس أو مرؤوس، وغني أو فقير، أو أبيض أو أسود، الكل خلق الله وعباده، لا فضل لمسلم على غيره إلا بالتقوى والعمل الصالح.
فيحصل للمسلمين التعاون والتعارف، ويتذكرون يوم يبعثهم الله جميعاً، ويحشرهم في صعيد واحد للحساب، فيستعدون بطاعة الله تعالى لما بعد الموت([37]).


العبادة في الإسلام*

هي العبودية لله معنى وحقيقة، فالله خالق وأنت مخلوق، وأنت عبد والله معبودك، وإذ كان ذلك كذلك فلا بد أن يسير المرء في هذه الحياة على صراط الله المستقيم متبعاً لشرعه، مقتفياً أثر رسله، وقد شرع الله لعباده شرائع عظيمة كتحقيق التوحيد لله رب العالمين والصلاة والزكاة والصيام والحج.
ولكن ليست هذه هي كل العبادات في الإسلام، فالعبادة في الإسلام أشمل إذ هي: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. فكل عمل أو قول عملته أو قلته مما يحبه الله ويرضاه فهو عبادة ، بل كل عادة حسنة عملتها بنية التقرب إلى الله فهي عبادة، فمعاشرتك الحسنة لأبيك وأهلك وزوجك وأولادك وجيرانك إذا قصدت بها وجه الله فهي عبادة، ومعاملتك الحسنة في البيت والسوق المكتب وإذا قصدت بها وجه الله فهي عبادة، وأداء الأمانة والتزام الصدق والعدل وكف الأذى وإعانة الضعيف واكتساب الحلال والنفقة على الأهل والأولاد ومواساة المسكين وزيارة المريض وإطعام الجائع ونصرة المظلوم كل ذلك عبادة إذا قصد به وجه الله. فكل عمل تعمله لنفسك أو لأهلك أو لمجتمعك أو لبلدك تقصد به وجه الله فهو عبادة. بل حتى تحقيق شهوات نفسك في حدود ما أباح الله لك؛ تكون عبادة إذا قَارَنَتْها نية صالحة قال صلى الله عليه وسلم: (وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)([38]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (على كل مسلم صدقة. قيل: أرأيت إن لم يجد! قال: يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال يعين ذا الحاجة الملهوف. قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة)([39]).


المرتبة الثانية *
الإيمان وأركانه ستة وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر.
الأول: الإيمان بالله: أن تؤمن بربوبية الله تعالى، أي أنه الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، وتؤمن بألوهية الله تعالى، أي أنه الإله الحق، وكل معبود سواه باطل، وتؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى والصفات العلى الكاملة.
وتؤمن بوحدانية الله في ذلك، بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى: {رب السموات والأرض وما ينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً}([40]).
وتؤمن بأنه لا تأخذه سنة ولا نوم، وأنه عالم الغيب والشهادة، وأنه له ملك السموات والأرض، {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولاحبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}([41]).
وتؤمن بأنه تعالى على عرشه عالٍ على خلقه ، وهو أيضاً مع خلقه يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى مكانهم، ويدبر أمورهم، يرزق الفقير، ويجبر الكسير، يؤت الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء وهو على كل شيء قدير([42]).
ومن ثمرات الإيمان بالله ما يلي:
1 - يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره، واجتناب نهيه، وإذا قام العبد بذلك نال بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة.
2 - أن الإيمان بالله ينشئ في النفس الأنفة والعزة؛ لأنه يعلم أن الله هو المالك الحقيقي لكل ما في هذا الكون، وأنه لا نافع ولا ضار إلا هو، وهذا العلم يغنيه عن غير الله، وينزع من قلبه خوف سواه، فلا يرجو إلا الله ولا يخاف سواه.
3 - أن الإيمان بالله ينشئ في نفسه التواضع؛ لأنه يعلم أن ما به من نعمة فمن الله، فلا يغره الشيطان، ولا يبطر ولا يتكبر، ولا يزهو بقوته وماله.
4 - أن المؤمن بالله يعلم علم اليقين أنه لا سبيل إلى الفلاح والنجاة إلا بالعمل الصالح الذي يرضاه الله، في حين يعتقد غيره اعتقادات باطلة كاعتقاد أن صلب ابن الله كفر عنه سيئاته، أو يؤمن بآلهة  ويعتقد أنها تحقق له ما يريد، وهي في حقيقتها لا تنفع ولا تضر، أو يكون ملحداً فلا يؤمن بوجود خالق.. وكل هذه أماني، حتى إذا وردوا على الله يوم القيامة وعاينوا الحقائق أدركوا أنهم كانوا في ضلال مبين.
5 - أن الإيمان بالله يربي في الإنسان قوة عظيمة من العزم والإقدام والصبر والثبات والتوكل حينما يضطلع بمعالي الأمور في الدنيا ابتغاء لمرضاة الله، ويكون على يقين تام أنه متوكل على ملك السموات والأرض، وأنه يؤيده ويأخذ بيده، فيكون راسخاً رسوخ الجبال في صبره وثباته وتوكله([43]).
الثاني : الإيمان بالملائكة : وأن الله خلقهم لطاعته، ووصفهم بأنهم: {عباد مكرمون. لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون}([44])، وأنهم: {لايستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون}([45])، حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشف الله بعضهم لبعض أنبيائه ورسله.
وللملائكة أعمال كلفوا بها، فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من عباده المرسلين، ومنهم الموكل بقبض الأرواح، ومنهم الملائكة الموكلون بالأجنة في الأرحام، ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم، ومنهم الموكلون بكتابة أعمالهم فلكل شخص ملكان: {عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}([46]).
ومن ثمرات الإيمان بالملائكة :
1 -  أن تتطهر عقيدة المسلم من شوائب الشرك وأدرانه؛ لأن المسلم إذا آمن بوجود الملائكة الذين كلفهم الله بهذه الأعمال العظيمة؛ تخلص من الاعتقاد بوجود مخلوقات وهمية تسهم في تسيير الكون.
2 -  أن يعلم المسلم أن الملائكة لا ينفعون ولا يضرون، وإنما هم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فلا يعبدهم ولا يتوجه إليهم، ولا يتعلق بهم.
الثالث : الإيمان بالكتب : الإيمان بأن الله أنزل كتباً على أنبيائه ورسله؛ لبيان حقه والدعوة إليه، كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط}([47])، وهذه الكتب كثيرة منها: صحف إبراهيم، والتوراة التي أوتيها موسى، والزبور الذي أرسل به داود، والإنجيل الذي جاء به المسيح عليهم السلام.
وهذه الكتب التي أخبرنا الله عنها اندثرت فلم يبق لصحف إبراهيم وجود في الدنيا، أما التوراة والإنجيل والزبور فإنها وإن كانت توجد بأسمائها عند اليهود والنصارى إلا أنها حرفت وبدلت وفقد الكثير منها، ودخل فيها ما ليس منها، بل نسبت إلى غير أصحابها، فالعهد القديم فيه أكثر من أربعين سفراً، وينسب إلى موسى خمسة فقط، والأناجيل الموجودة اليوم لا ينسب واحد منها إلى المسيح.
فالإيمان بهذه الكتب السابقة أن تؤمن أن الله أنزلها على رسله، وأنها تضمنت الشرع الذي أراد الله إبلاغه إلى الناس في ذلك الزمان.
أما آخر الكتب التي أنزلت من عند الله فهو القرآن العظيم الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يزال محفوظاً بحفظ الله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل في حروفه أو كلماته أو حركاته أو معانيه.
والفرق بين القرآن العظيم وبين هذه الكتب الماضية من وجوه كثيرة منها:
1 - أن هذه الكتب الماضية قد ضاعت ودخلها التحريف والتبديل، ونسبت إلى غير أصحابها، وأضيف إليها شروحات وتعليقات وتفاسير، وتضمنت من الأمور المنافية للوحي الإلهي والعقل والفطرة الشيء الكثير.
أما القرآن الكريم فهو لا يزال محفوظاً بحفظ الله، بنفس الأحرف والكلمات التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم، لم يطرأ عليه تحريف ولم يدخله زيادة؛ إذ حرص المسلمون على أن يبقى القرآن الكريم خالصاً من كل شائبة، فلم يخلطوه بغيره من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو سيرة الصحابة رضي الله عنهم أو تفسير القرآن الكريم أو أحكام العبادات والمعاملات.
2 - أن الكتب القديمة لا يعرف لها اليوم سند تاريخي، بل بعضها لا يعرف على من نزلت ولا بأي لغة كتبت، بل قسم منها نسب إلى غير من جاء به.
أما القرآن فنقله المسلمون عن محمد صلى الله عليه وسلم نقلاً متواتراً شفهياً وكتابياً، ولدى المسلمين في كل عصر ومصر آلاف الحفاظ لهذا الكتاب وآلاف النسخ المكتوبة منه، وما لم تتفق النسخ الشفهية منه مع النسخ المكتوبة فلا يعتد بالنسخ المخالفة، فلابد أن يتوافق ما في الصدور بما في السطور.
وفوق ذلك فإن القرآن نقل نقلاً شفهياً لم يحظ به أي كتاب من كتب الدنيا، بل لم توجد صورة هذا النقل إلا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وطريقة هذا النقل: أن يحفظ الطالب القرآن على شيخه حفظاً عن ظهر قلب، وشيخه قد حفظه على شيخه، ثم يمنح الشيخ تلميذه شهادة تسمى "إجازة" يشهد فيها الشيخ بأنه أقرأ تلميذه ما قرأه هو على مشايخه شيخاً بعد شيخ، كل منهم يسمي شيخه باسمه إلى أن يصل السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا يتسلسل السند الشفهي من الطالب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد تضافرت الأدلة القوية والشواهد التاريخية - المتسلسلة بالسند أيضاً- على معرفة كل سورة وكل آية من القرآن الكريم أين نزلت ومتى نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم.
3 - أن اللغات التي أنزلت بها الكتب الماضية قد اندثرت منذ زمن بعيد، فلا يوجد أحد يتكلم بها، وقليل من يفهمها في العصر الحاضر، أما اللغة التي نزل بها القرآن فلغة حية يتكلم بها اليوم عشرات الملايين، وهي تدرس وتعلم في كل قطر من أقطار الأرض، ومن لم يتعلمها يجد في كل مكان من يُفهّمه معاني القرآن الكريم.
4 - أن الكتب القديمة كانت لزمن معين، وكانت موجهة إلى أمة بعينها دون سائر الناس؛ ولذلك تضمنت أحكاماً خاصة بتلك الأمة وذلك الزمن، وما كان كذلك فلا يناسب أن يكون للناس جميعاً.
أما القرآن العظيم فهو كتاب شامل لكل زمان، مناسب لكل مكان، متضمن من الأحكام والمعاملات والأخلاق ما يصلح لكل أمة، ويناسب كل عصر؛ إذ الخطاب فيه موجه إلى الإنسان بعامة.
ومن خلال ذلك يتبين أنه لا يمكن أن تكون حجة الله على البشر في كتب لا توجد نسخها الأصلية، ولا يوجد على ظهر الأرض من يتكلم اللغات التي كتبت بها تلك الكتب بعد تحريفها... إنما تكون حجة الله على خلقه في كتاب محفوظ سالم من الزيادة والنقص والتحريف، نسخه مبثوثة في كل مكان، مكتوب بلغة حية يقرأ بها الملايين من الناس، ويبلغون رسالات الله إلى الناس، وهذا الكتاب هو "القرآن العظيم" الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وهو المهيمن على هذه الكتب السابقة، والمصدق لها، والشاهد عليها، وهو الذي يجب على جميع البشرية اتباعه؛ ليكون لهم نوراً وشفاءً وهدى ورحمة، قال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون}([48])، وقال جل ثناؤه: {قل أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}([49]).
الرابع : الإيمان بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم:
أن الله أرسل إلى خلقه رسلاً يبشرونهم بالنعيم إذا آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، وينذرونهم العذاب إذا عصوا قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}([50])، وقال جل ثناؤه: {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}([51]).
وهؤلاء الرسل كثير أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من أخبرنا الله عنهم كإبراهيم وموسى وعيسى وداود ويحيى وزكريا وصالح..، ومنهم من لم يذكر الله خبره قال تعالى: {ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك}([52]).
وهؤلاء الرسل كلهم بشر مخلوقون لله، ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية نصيب، فلا يصرف لهم من العبادة أي جزء، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، قال الله  عن نوح -وهو أولهم- أنه قال لقومه: {ولا أقولكم عندي خزائن لله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك}([53])، وأمر الله تعالى آخرهم أن يقول: {لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك}([54])، وأن يقول: {لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله}([55]).
فالأنبياء عبيد مكرمون، اصطفاهم الله وأكرمهم بالرسالة، ووصفهم بالعبودية، دينهم الإسلام، ولا يقبل الله ديناً سواه، قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}([56])، اتفقت رسالاتهم في أصولها، وتنوعت شرائعهم قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً}([57])، وخاتمة هذه الشرائع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ناسخة لكل شريعة سابقة، وأن رسالته خاتمة الرسالات، وهو خاتم المرسلين.
فمن آمن بنبي وجب عليه أن يؤمن بهم جميعاً، ومن كذب نبياً فقد كذبهم جميعاً؛ لأن جميع الأنبياء والمرسلين يدعون إلى الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولأن دينهم واحد، فالذي يفرق بينهم أو يؤمن ببعضهم ويكفر ببعض فقد كفر بهم جميعاً؛ لأن كلاً منهم يدعو إلى الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين([58]). قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله}([59]). وقال جل ثناؤه: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً}([60]).
الخامس : الإيمان باليوم الآخر ذلك أن نهاية كل مخلوق في الدنيا الموت! فما مصير الإنسان بعد الموت؟ فما مآل الظَلَمة الذين سلموا من العذاب في الدنيا هل يسلمون من طائلة ظلمهم؟ والمحسنون الذين فاتهم نصيبهم وجزاء إحسانهم في الدنيا هل تضيع أجورهم؟
إن البشرية تتابع إلى الموت، جيلاً بعد جيل، حتى إذا أذن الله بانقضاء الدنيا، وهلك كل مخلوق على ظهرها، بعث الله جميع الخلائق في يوم مشهود، يجمع الله فيه الأولين والآخرين، ثم يحاسب العباد على أعمالهم من خير أو شر كسبوه في الدنيا، فالمؤمنون يساقون إلى الجنة، والكفار يقادون إلى النار.
والجنة هي : النعيم الذي أعده الله لأوليائه المؤمنين، فيها من أصناف النعيم ما لا يقدر أحد على وصفه، فيها مائة درجة، لكل درجة سكان على قدر إيمانهم بالله وطاعتهم له، وأدنى أهل الجنة منزلة من يعطى من النعيم مثل مُلْك مَلِكٍ من ملوك الدنيا وعشرة أضعافه.
والنار هي العذاب الذي أعده الله لمن كفر به، فيها من ألوان العذاب ما يهول ذكره، ولو أذن الله بالموت لأحد في الآخرة لمات أهل النار بمجرد رؤيتها.
وقد علم الله - بسابق علمه - ما سوف يقوله ويعمله كل إنسان من خير أو شر سراً كان أم علانية، ثم وكل بكل إنسان ملكين أحدهما يكتب الحسنات، والآخر يكتب السيئات، لا يفوتهما شيء قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}([61])، وتدون هذه الأعمال في كتاب يعطى للإنسان يوم القيامة، قال تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مالهذا هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً}([62])، فيقرأ كتابه لا ينكر منه شيئاً ومن أنكر شيئاً من أعماله أنطق الله سمعه وبصره ويديه ورجليه وجلده بجميع عمله قال تعالى: {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون. حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون. وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون}([63]).
والإيمان باليوم الآخر -وهو يوم القيامة، يوم البعث والنشور- جاءت به جميع الأنبياء والمرسلين. قال تعالى: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير}([64])، وقال سبحانه وتعالى: {أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى}([65])، وهو ما تقتضيه الحكمة الإلهية؛ فإن الله لم يخلق خلقه عبثاً، ولم يتركهم سدى، إذ أضعف الناس عقلاً لا يمكن أن يعمل عملاً -ذا بال- دون غاية معلومة لديه، ودون قصد منه، فكيف لا يتصور هذا من الإنسان، ثم يظن الإنسان بربه أنه خلق خلقه عبثاً، وسيتركهم سدى، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون}([66])، وقال جل شأنه: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}([67]).
وشهد على الإيمان به جميع العقلاء، وهو الذي يقتضيه العقل، وتسلم له الفطر المستقيمة؛ لأن الإنسان إذا آمن بيوم القيامة؛ أدرك لماذا يترك الإنسان ما يترك، ويعمل ما يعمل رجاء ما عند الله، ثم أدرك -أيضاً- أن من يظلم الناس لابد أن يأخذ نصيبه، وأن يقتص الناس منه في يوم القيامة، وأن الإنسان لابد أن يأخذ جزاءه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، لتجزي كل نفس بما تسعى، ويتحقق العدل الإلهي قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}([68]).
ولا يعلم أحد من الخلق متى يأتي يوم القيامة، فهذا يوم لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب بل اختص الله ذلك بعلمه قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}([69]). وقال سبحانه: {إن الله عنده علم الساعة}([70]).
السادس : الإيمان بالقضاء والقدر :
أن تؤمن بإن الله علم ما كان وما سيكون، وعلم أحوال العباد وأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم قال تعالى: {إن الله بكل شيء عليم}([71])، وقال جل ثناؤه: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولارطب ولايابس إلا في كتاب مبين}([72])، وكتب كل ذلك في كتاب عنده قال تعالى: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين}([73])، وقال سبحانه: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}([74])، فإذا شاء الله أمراً قال له: كن فيكون. قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}([75])، والله سبحانه كما أنه قدر كل شيء فهو الخالق لكل شيء قال جل ثناؤه: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}([76])، وقال عز من قال: {الله خالق كل شيء}([77])، فخلق العباد لطاعته، وبينها لهم، وأمرهم بها، ونهاهم عن معصيته، وبينها لهم، وجعل لهم القدرة والمشيئة التي يتمكنون بها من فعل أوامر الله؛ فيحصل لهم الثواب، ومن ارتكاب معاصيه، فيستحقون العذاب.
فإذا آمن الإنسان بالقضاء والقدر تحقق له ما يلي:
1- اعتماده على الله عند فعل الأسباب؛ لأنه يعلم أن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.
2- راحة النفس وطمأنينة القلب؛ لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله وقدره، وأن المكروه المقدر كائن لا محالة ارتاحت نفسه ورضي بقضاء الله، فلا أحد أطيب عيشاً وأريح نفساً وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
3 - طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد؛ لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والفلاح؛ فيشكر الله على ذلك.
4 - طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه؛ لأن ذلك بقضاء الله الذي لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، وهو كائن لامحالة، فيصبر ويحتسب الأجر من الله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور}([78]).
5 - التوكل التام على الله سبحانه؛ لأن المسلم يعلم أنه سبحانه بيده -وحده- النفع والضر، فلا يرهب قوياً لقوته، ولا يتوانى عن فعل خير مخافة أحد من البشر، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: {واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك}([79]).


المرتبة الثالثة : الإحسان وهو ركن واحد وهو :
أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فيعبد الإنسان ربه على هذه الصفة، وهي استحضار قربه، وأنه بين يديه، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم، ويوجب النصح في أداء العبادة، وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها.
فالعبد يراقب ربه في أداء العبادة، ويستحضر قربه منه حتى كأنه يراه، فإن شق عليه ذلك فليستعن على تحقيقه بإيمانه بأن الله يراه ويطلع على سره وعلانيته، وباطنه وظاهره، ولا يخفى عليه شيء من أمره([80]).
فالعبد الذي بلغ هذه المنزلة يعبد ربه مخلصاً، لا يلتفت إلى أحد سواه، فلا ينتظر ثناء الناس، ولا يخشى ذمهم، إذ حسبه أن يرضى عنه ربه، ويحمده مولاه.
فهو إنسان تساوت علانيته وسره، فهو عابد لربه في الخلوة والجلوة، موقن -تمام اليقين- أن الله مطلع على ما يكنه قلبه وتوسوس به نفسه، هيمن الإيمان على قلبه، واستشعر رقابة ربه عليه؛ فاستسلمت جوارحه لبارئها، فلا يعمل بها من العمل إلا ما يحبه الله ويرضاه، مستلم لربه.
وحيث تعلق قلبه بربه فلا يستعين بمخلوق؛ لاستغنائه بالله، ولا يشتكي لإنسان، لأنه أنزل حاجته بالله سبحانه وكفى به معيناً، ولا يستوحش في مكان، ولا يخاف من أحد؛ لأنه يعلم أن الله معه في كل أحواله، وهو حسبه ونعم النصير، ولا يترك أمراً أمره الله به، ولا يقترف معصية لله؛ لأنه يستحيي من الله، ويكره أن يفقده حيث أمره، أو يجده حيث نهاه، ولا يعتدي أو يظلم مخلوقاً أو يأخذ حقه؛ لأنه يعلم أن الله مطلع عليه، وأنه سبحانه سيحاسبه على أفعاله. ولا يفسد في الأرض؛ لأنه يعلم أن مافيها من خيرات ملك لله تعالى سخرها لخلقه فهو يأخذ منها على قدر حاجته، ويشكر ربه أن يسرها له.
* * *
إن ما ذكرته لك، وعرضته أمامك في هذا الكتيب ما هو إلا الأمور المهمة، والأركان العظيمة في الإسلام، وهذه الأركان هي التي إذا آمن العبد بها، وعمل بها؛ أصبح مسلماً، والإ فإن الإسلام- كما ذكرت لك - دين ودنيا، عبادة ومنهج حياة، إنه نظام إلهي شامل كامل حوى في تشريعاته كل ما يحتاج إليه الفرد والأمة على حد سواء في جميع مجالات الحياة الاعتقادية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.. ويجد فيه الإنسان قواعد وأصولاً وأحكاماً تنظم السلم والحرب، والحقوق الواجبة، وتحافظ على كرامة الإنسان والطير والحيوان والبيئة من حوله، وتبين له حقيقة الإنسان والحياة والموت، والبعث بعد الموت، ويجد فيه -أيضاً- المنهج الأمثل لمعاملة الناس من حوله من مثل قوله تعالى: {وقولوا للناس حسناً}([81])، وقوله تعالى: {والعافين عن الناس}([82])، وقوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}([83]).
ويحسن بنا وقد عرضنا مراتب هذا الدين، وأركان كل مرتبة من مراتبه أن  نذكر نبذة يسيرة من محاسنه.





([1]) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، تأليف مصطفى السباعي، ص 376.
([2]) سورة المائدة ، الآية 48.
([3]) سورة النحل، الآية 89.
([4]) سورة الأنعام، الآية 157.
([5]) سورة الإسراء، الآية 9.
([6]) سورة يونس، الآية 38.
([7]) سورة يونس، الآية 16.
([8]) سورة العنكبوت الآية 48.
([9]) سورة الأعراف، الآية 157. 
([10]) سورة النساء الآية 153. 
([11]) سورة الإسراء الآية 85. 
([12]) سورة الكهف الآية 83.
([13]) سورة النمل، الآية 76. 
([14]) انظر المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي، تأليف إبراهيم خليل أحمد.  
([15]) الصراع من أجل الإيمان، تأليف د.جفري لانغ ترجمة د. منذر العبسي نشر دار الفكر، ص 34.
([16]) سورة تبارك، الآية 14. 
([17]) سورة الأنعام الآية 38. 
([18]) سورة الفرقان، الآية 53.
([19]) سورة النور، الآية 40.
([20]) سورة المؤمنون، الآيات 12-14.
([21]) سورة الأنعام، الآية 59.
([22]) انظر كتاب التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء المعارف الحديثة. ص 133-283، تأليف موريس بوكاي، كان طبيباً فرنسياً نصرانياً ثم أسلم.
([23]) رواه الإمام أحمد في مسنده جـ 4،ص 131، وأبو داود في سننه في كتاب السنة، باب لزوم السنة، حديث 4604، جـ4، ص 200.
([24]) سورة النحل، الآية 44.
([25]) سورة النجم، الآيتان 4،5.
([26]) سورة الأحقاف، الآية 9.
([27]) رواه البخاري في كتاب الأذان باب 18، جـ1 ص 155.
([28]) سورة الأحزاب، الآية 21.
([29]) نتيجة لهذا المنهج العلمي الفريد، ولهذا الضبط في نقل السنة النبوية نشأ لدى المسلمين ما عرف بعلم (الجرح والتعديل)، وعلم (مصطلح الحديث) وهذان العلمان من خصائص الأمة الإسلامية لم تسبق إليهما.
([30]) سورة النساء ، الآية 65.
([31]) سورة الحشر، الآية 7.
*     لمزيد من التوسع في هذا ينظر كتاب "التوحيد" و"الأصول الثلاثة" وكتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، تأليف الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وكتاب "دين الحق" تأليف الشيخ عبدالرحمن العمر، وكتاب "ما لابد من معرفته عن الإسلام" تأليف الشيخ محمد بن علي العرفج، وكتاب "أركان الإسلام" تأليف الشيخ عبدالله بن جار الله الجارالله رحمه الله، وكتاب شرح أركان الإسلام والإيمان، تأليف جماعة من طلبة العلم، ومراجعة الشيخ عبدالله الجبرين.
([32]) دين الحق، ص38.
([33]) قرة عيون الموحدين، ص60. 
*     ينظر لمزيد من التوسع كتاب "كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" تأليف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله.
([34]) دين الحق، ص51-52.
*     ينظر لمزيد من التوسع كتاب "رسالتان في الزكاة والصيام" تأليف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
([35]) مفتاح دار السعادة ، ج2 ص 384.
*     ينظر لمزيد من التوسع كتاب "دليل الحاج والمعتمر" تأليف مجموعة من العلماء، وكتاب "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة" تأليف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
([36]) انظر مفتاح دار السعادة ج 2، ص 384.
([37]) انظر المصدر السابق، جـ 2، ص 385، ودين الحق، ص 67.
*     ينظر لمزيد من التوسع كتاب "العبودية" تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
([38]) رواه مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة، حديث 1006.
([39]) رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب 29، ومسلم في كتاب الزكاة،حديث 1008، واللفظ له.
*     ينظر لمزيد من التوسع "شرح أصول الإيمان" تأليف الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وكتاب "الإيمان"، تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكتاب "عقيدة أهل السنة والجماعة" تأليف الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
([40]) سورة مريم الآية 65.
([41]) سورة الأنعام، الآية 59.
([42]) انظر عقيدة أهل السنة والجماعة، ص7 ،11.
([43]) انظر عقيدة أهل السنة والجماعة، ص 44. ومبادئ الإسلام ص 80،84.
([44]) سورة الأنبياء، الآيتان 26،28
([45]) سورة الأنبياء، الآيتان 19،20.
([46]) سورة ق، الآيتان 17،18. وانظر عقيدة أهل السنة والجماعة، ص 19.
([47]) سورة الحديد،الآية 25.
([48]) سورة الأنعام الآية 155.
([49]) سورة الأعراف الآية 158 وانظر لما سبق العقيدة الصحيحة وما يضادها، ص 17، وعقيدة أهل السنة والجماعة ص 22، ومبادئ الإسلام، ص89.
([50]) سورة النحل، الآية 36.
([51]) سورة النساء، الآية 165.
([52]) سورة النساء، الآية 164.
([53]) سورة هود، الآية 31.
([54]) سورة الأنعام، الآية 50.
([55]) سورة الأعراف، الآية 188.
([56]) سورة آل عمران، الآية 19.
([57]) سورة المائدة، الآية 48.
([58]) ينظر العقيدة الصحيحة وما يضادها، ص 17، وعقيدة أهل السنة والجماعة، ص 25.
([59]) سورة البقرة، الآية 285.
([60]) سورة النساء، الآية 150.
([61]) سورة ق، الآية 18.
([62]) سورة الكهف، الآية 49.
([63]) سورة فصلت، الآيتان 20،22.
([64]) سورة فصلت، الآية 39. 
([65]) سورة الأحقاف الآية 33.
([66]) سورة المؤمنون والآية 115. 
([67]) سورة ص، الآية 27.
([68]) سورة الزلزلة الآيتان 7،8. وانظر دين الحق، ص 19.
([69]) سورة الأعراف، الآية 187.
([70]) سورة لقمان، الآية 34.
([71]) سورة العنكبوت، الآية 62.
([72]) سورة الأنعام، الآية 59.  لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكانت دليلاً واضحاً وحجة قاطعة على أنه من عند الله؛ ذلك لأن البشرية في كل عصورها -حتى في هذا العصر الذي شاع فيه العلم، واستكبر فيه الإنسان - لا تفكر في هذه الإحاطة الشاملة، فضلاً عن أن تقدر عليها، وقصارى جهدها أن ترصد شجرة أو حشرة في بيئة معينة لتكشف لنا شيئاً من أسرارها، وما خفي عليهم منها أعظم.
أما التفكير الشامل والإحاطة الشاملة فهذا أمرلم تألفه البشرية ولا تقدر عليه.
([73]) سورة يس، الآية 12.
([74]) سورة الحج الآية 70. 
([75]) سورة يس، الآية 82. 
([76]) سورة القمر، الآية 49. 
([77]) سورة الزمر، الآية 62. 
([78]) سورة الحديد، الآيتان 22،23. وانظر العقيدة الصحيحة وما يضادها، ص 19، وعقيدة أهل السنة والجماعة، ص 39، ودين الحق، ص 18.
([79]) رواه الإمام أحمد في مسنده، جـ 1، ص 293، والترمذي في سننه في أبواب القيامة،
جـ 4، ص 76.
([80]) انظر جامع العلوم والحكم، ص 128.
([81]) سورة البقرة، الآية 83.
([82]) سورة آل عمران، الآية 134.
([83]) سورة المائدة، الآية 8.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق