بسم الله
الرحمن الرحيم
الشروط
الواجب توافرها في عضو النيابة العامة والصفات التي يجب أن يتحلى بها
المحامي / محمد قايد محمد الصايدي
إن النيابة العامة وإن كانت
في مرحلة التقاضي خصماً عن المجتمع فيما يتعلق بالحق العام, فأنها تعتبر في مرحلة
التحقيق بمثابة السلطة القضائية, كون عضو النيابة العامة يعتبر في مرحلة التحقيق
والتصرف في الدعوى الجنائية بمثابة قاضي التحقيق, لأنه يتولى جميع إجراءات التحقيق
والتصرف في القضية منذ إحالة ملف القضية من جهة الضبط القضائي وحتى التصرف في
القضية بقرار مسبب, كما أن المحاضر الصادرة من النيابة العامة تعتبر بمثابة محاضر
قضائية لا يجوز الطعن فيها إلا بالتزوير , كما أن القرارات الصادرة منها تعتبر
بمثابة قرارات قضائية لا يجوز الطعن فيها إلا أمام محكمة الإستئناف وفقاً لما نصت
عليه القوانين النافذة في البلاد...
ولهذا فأن هناك العديد من الشروط
التي يجب أن تتوافر في عضو النيابة العامة الذي يتولى إجراءات التحقيق والتصرف في
الدعوى الجنائية , وصفات يجب أن يتحلى بها على أعتباره قاضي تحقيق , لكي يتحقق
العدل والإنصاف في قراراته , منها ما يلي:
1- التمسك
بالكتاب والسنة والعمل بهما في القول والفعل والعدالة والصلاح والاستقامة :
إن العدالة والصلاح والاستقامة يعتبر أهم الشروط على الإطلاق التي يجب توافرها في
كل من يتولى عملاً عاماً أو وظيفة عامة بشكل عام وفي كل من يتولى منصباً قضائيا أو
سلطة قضائية سواء قاضي أو عضو نيابة أو أمين سر أو موظف إداري بشكل خاص, لأن
انعدام العدالة والصلاح والاستقامة إذا وجدت في قاضي أو عضو نيابة أو أمين سر أو
كاتب في المحكمة أو النيابة العامة كانت سبباً في فساده وفساد عمله وخروجه عن
الحق, فيجب أن يكون عضو النيابة العامة متمسكاً بكتاب الله عز وجل وسنة المصطفى
صلى الله عليه وسلم, مواظباً على أداء الفرائض والأركان , متمتعاً بالصلاح
والإستقامة والنزاهة والقناعة والخلق القويم, ومتمسكاً بأداب السلوك الإجتماعي
بغير تكلف ولاعنت ,لا يدنس وظيفته بفاحشة ولا يسئ إلى سمعته بذنب أو معصية, وأن
يحمي نفسه من الشبهات وأن يحصنها من الكبائر والمعاصي والذنوب والآثام والسيئات
وأن يقيها من الجوارح والشهوات, وأن يحفظها من الأطماع والآفات.
2- الخلو
من العلل والعاهات التي تؤثر على أداءه لمهامه : فيجب أن يكون عضو النيابة العامة خالياً
من العلل والعاهات التي تعيقه عن أداء وظيفته على الوجه المطلوب منه كالعمى أو
الصمم أو البكم أو الجنون أو العته ...
3- العلم
الكافي بأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة في البلاد: فيجب أن يكون لدى عضو النيابة العامة العلم الكافي
بأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة في البلاد والتي تمكنه من معرفة
الأفعال المجرمة والأحكام المطبقة فيها, وأن يستمر في البحث وطلب العلم والقراءة
والإطلاع بصورة دائمة ومتابعة كل جديد من القوانين وتعديلاتها.
4- الرقابة
الذاتية والخوف من الله عزوجل: إن الرقابة
الذاتية والخوف من الله عزوجل ومن حسابه وعقابه يوم القيامة تعتبرأفضل رقابة تجعل
عضو النيابة العامة يتقن عمله وينجزه على الوجه المطلوب ويعمل بأحكام الشريعة
الإسلامية والقوانين النافذة في البلاد في السر والعلانية دون مجاملة أو محاباة
لأحد, وهي التي تجعل عضو النيابة العامة يظل طيلة عمله نزيها عفيفا مستقيماً
صالحاً , فلا يأخذ رشوة ولا يقبل عطية أو هدية أو وساطة أو وجاهة, ولا يقوم بقلب
الحقائق أو التغيير في الوقائع حسب هواه , من أجل مصلحة ذاتية أو من أجل الحصول
على بعض حطام الدنيا الفانية, ولا يسعى إلى إدانة برئ أو إلى تبرئة مجرم أو إلى
تعطيل أحكام الله أو ضياع الحقوق ...
5- المصداقية
والأمانة في العمل : تعتبر المصداقية والأمانة في العمل أحد أهم الشروط التي يجب توافرها في عضو النيابة العامة,
فيجب أن يكون عضو النيابة العامة صادقاً مع نفسه ومع أطراف القضية, صادقاً في جميع
أقواله وأفعاله فلا يلفظ بأي قول كاذب يهدف منه الإيقاع بأحد أطراف الخصومة
المطروحة أمامه, أو الحصول على اعترافات وإقرارات من المتهم بطرق احتيالية أو غش
وخداع , ويجب أن يكون صادقا في وعوده ومواعيده, موفيا بها مهما كانت الأسباب, فلا
يصدر منه أي وعد للأطراف, الا ويوفي به, ويجب أن يكون عضو النيابة العامة أميناً
في كل شئ وفي كل وقت وحين, فلا يسعى إلى الإيقاع بالمتهم ولا تلقينه بألفاظ قد
تدينه بالجريمة محل التحقيق أو بألفاظ تبرئه من الجريمة التي ارتكبها, ولا يحرف في
أقوال المتهم أو أقوال المجني عليه أو أقوال الشهود أو يبدلها بألفاظ وكلمات أخرى
حسب هواه وحسب ما يريده ويسعى إليه, ولا يسجل في محاضر التحقيقات أقوال وينسبها
إلى أحد الأطراف أو الشهود وليست صادرة منه, ولا يقوم بالتغيير والتبديل في محاضر
التحقيقات, ولا يلقن الشهود بالفاظ وشهادات لمصلحة أحد الأطراف, ولا يغش أحد
الأطراف فيحرمه من حقه في تقديم أدلته بزعمه أنها لا تفيده في القضية وأنها ليست
مؤثرة فيها بشئ أو يفوت عليه فرصة تقديمها إليه بهدف عدم أدانة خصمه أو بهدف عدم
تبرئته من التهمة المنسوبة إليه أو يحرمه من تقديمها قبل التصرف في القضية بقصد أن
يتصرف فيها كيفماء شاء وحسب ما يريد.
6- المهابة
وقوة الشخصية : إن
المهابة وقوة الشخصية في عضو النيابة العامة تعتبر من أهم الصفات التي تجعل أطراف
القضية يحترمون عضو النيابة العامة, فلا يتبعون أي أسلوب من أساليب التضليل
والمغالطة وإخفاء الحقيقة, ويصدقونه القول مهما كانت عواقبه وخيمة عليهم , ويكشفون
له كل الحقائق لا يخفون منها شئ..
7- الحلم
والفطنة والحكمة وفصاحة اللسان وحسن المنطق: فيجب
أن يكون عضو النيابة حكيماً لبيباً ذكياً
فطناً بليغاً فصيحاً نبيهاً مهاباً, حازماً واسع الصدر, قوي التحمل لرزانة وجهل
الخصوم, بطئ الغضب والإنفعال في مجلس التحقيق , لا يمازح أثناء التحقيق أحد الخصوم
حتى لا يفقد هيبته ولا يكثر الكلام معهم بأمور خارجية إلا فيما يتعلق بشئون
التحقيق ومناقشة الخصوم والبحث والتحري عن كشف الحقائق واثباتها بأدلة يقينية تؤكد
صحة ما سوف يقرره أثناء التصرف في القضية.
8- الرصانة
والوقار والتواضع وحسن الخلق والتأدب في الكلام مع الأطراف : فيجب
أن يتمتع عضو النيابة العامة بالرصانة
والوقار وحضور ذهن وجهد ومثابرة وشخصية قوية لا ميل فيها ولا هوى أو إنحراف ونفساً
أبية سوية لا يستميله ترغيب ولا يحيد بها عن الحق ترهيب , أن يتمتع بصلابة في الحق
تتأبى عن المؤثرات وتعصم من الشبهات,وأن يتمتع بمقدرة خاصة على التجرد والحيدة
الكاملة فلا يتأثر بقرابة أو صداقة أو مصاهرة أوتوصية أو وجاهة أو وساطة, ولا
ينحاز إلى حزب أو إلى تنظيم سياسي, وأن لا يجامل صاحب سلطة أو مسئولية أو منصب
وظيفي كبير...
9- الإستقلالية
الكاملة : فيجب أن يتمتع عضو النيابة العامة بالإستقلالية الكاملة
في التحقيق والتصرف في القضية التي يتولاها بموجب أختصاصه, فلا يخضع لأي سلطة عليا
أو شخص أو جهة ولا تؤثر فيه أي مؤثرات حزبية أو مذهبية أو طائفية أو عرقيه أو
قبلية أو غيرها من المؤثرات والصراعات المذهبية والسياسية التي ظهرت هذه الأيام في
المجتمعات الإسلامية ..
10-
النزاهة والقناعة :
فيجب على عضو النيابة العامة أن يكون نزيها قنيعاً بمرتبه الشهري, فلا يجعل
من وظيفته وسيلةً للحصول على الأموال وعلى الحطام الفاني, أو طريقاً لتحقيق مآرب
شخصية وأطماع دنيوية وأن لا يقبل رشوة أو هبة أو عطية من أحد الناس إطلاقاً سواء
كان لديه خصومة مطروحة أمامه أو لا , وأن لا يضيف ولا يستضاف عند أحدهم , وأن
يعامل الخصوم على مبدأ المساواة بلا مجاملة أو تحيز إلى طرف.
11-
النشاط في أداء
عمله والالتزام بالمواعيد والحضور طيلة أيام الدوام والتقيد في حضوره وأنصرافه بساعات
الدوام الرسمي : فيجب أن يكون عضو النيابة العامة نشيطاً مواظباً على
عمله , محباً ومخلصاً له , فيكون حاضراَ في مقر عمله يومياً خلال الدوام الرسمي
منذ بدايته وحتى أنتهاءه دون أن يتغيب عن الحضور طيلة أيام العمل إلا عند وجود عذر
رسمي يمنعه عنه الحضور ويرغمه على الغياب ولا يختلق أعذار لغيابه المتكرر, وأن لا
يتأخر عن الحضور إلى مقر عمله منذ بداية الدوام الرسمي في كل يوم ولا يغادر مقر
عمله إلا بعد إنتهاء الدوام الرسمي, وأن يكون منجزاً لأعمال التحقيق والتصرف في
القضايا المطروحة أمامه أولاً بأول فلا يؤخر عمله في اي قضية من القضايا سواء
بالتحقيق فيها أو سماع الأدلة والبراهين أو الإنتقال لسماع أقوال أحد أطرافها في
المستشفى أو السجن أو التصرف فيها من يوم إلى يوم أو من اسبوع إلى أسبوع ومن شهر
إلى شهر فتتراكم عليه القضايا ويتسبب في تأخير قضايا الناس وتعطيل أعمالهم والإضرار
بهم , ويجب عليه أن لا يتكاسل أو يتهاون عن القيام بعمله بالوجه الأكمل أو يتكاسل
عن إجراء تحقيق ذات أهمية أو ذات ضرورة لإيضاح حقائق هامة في القضية وإظهار
العدالة فيقوم بالتصرف في القضية جراء القصور في الاجراءات بغير التصرف الصحيح
الذي كان سيتصرف به في الدعوى المطروحة أمامه في حالة لو قام بذلك الإجراء, فيتسبب
بتكاسله وإهماله وتقصيره وتهاونه في الإضرار بأحد الخصوم وإضاعة الحقوق ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق