الأحد، 9 نوفمبر 2014

واجبات عضو النيابة العامة في مرحلة التحقيق والتصرف في القضية

بسم الله الرحمن الرحيم

واجبات عضو النيابة العامة في مرحلة التحقيق والتصرف في القضية

المحامي / محمد قايد محمد الصايدي

تعتبر مرحلة التحقيق والتصرف في الدعوى الجنائية المطروحة أمام النيابة العامة وفقاً للقوانين اليمنية النافذة من أهم وأخطر مراحل الدعوى الجنائية, حيث أن الإجراءات التي يقوم بها عضو النيابة العامة والمحاضر التي يحررها والقرارات التي يصدرها خلال مرحلة التحقيق والتصرف في الدعوى الجنائيه , تعتبر الأسس التي تبني عليها الدعوى الجزائية خلال مراحل التقاضي وحتى صدور الحكم النهائي فيها...
حيث يعتبر عضو النيابة العامة بمثابة قاضي التحقيق لكونه يتولى إجراءات التحقيق والتصرف بملف القضية بحرية تامة لا يخضع لأي جهة سوى القانون منذ تقديم الشكوى أمام النيابة العامة وحتى صدور قرار بإحالة ملف القضية إلى المحكمة المختصة للمحاكمة أو قرار بالحفظ أو قرار بألاوجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتاً لعدم كفاية الأدلة أو قرار بالاوجه لإقامة الدعوى الجزائية نهائيا لعدم الجريمة أو لأي سبب أخر من الأسباب المبينة قانوناً ...
ونظراً لأهمية مرحلة التحقيق والتصرف في الدعوى الجزائية فأن هناك واجبات يلزم على عضو النيابة العامة القيام بها أثناء التحقيق والتصرف في الدعوى التي تحال إليه, كما أن هناك العديد من القيود التي يجب على عضو النيابة العامة أن يتقيد بها في إجراءاته وقراراته أثناء التحقيق أو التصرف في الدعوى المطروحة عليه من أجل حسن سير الإجراءات التي يقوم بها, وصحة القرارات التي يصدرها .. منها ما يلي:
1-  التقيد والالتزام بتطبيق الأحكام الشرعية والنصوص القانونية النافذة في البلاد, في جميع الإجراءات التي يقوم بها والقرارات التي يصدرها وعدم الخروج عنها أو مخالفتها إطلاقاً , والسير في إجراءات صحيحة وفقاً لما تنص عليه القوانين النافذة, حتى لا يتيح الفرصة للخصوم أو محاميهم للطعن في أجراءته والتشكيك في صحتها أمام القضاء أو إيجاد الثغرات التي تتيح للمتهم ومحاميه فرصة الإفلات من العقوبة أو تتيح الفرصة للقاضي الفاسد لتعطيل شرع الله والعمل حسب هواه ..
2-  عدم التعامل مع المتهم أو مع مجريات القضية أثناء البحث عن الأدلة والبراهين على أنه خصم للمتهم وأن لا يعتبر نفسه مدعيا عن المجتمع بالحق العام هدفه الوحيد إدانة المتهم المقبوض عليه الماثل أمامه بارتكاب الجريمة المنسوبة إليه من الشاكي المجني عليه أو من ورثته أثناء تقديم الشكوى سواء كان هو من قام بإرتكابها أم غيره, وأنما يعتبر نفسه أثناء تعامله مع المتهم على أنه  قاضياً عادلاً ومستقلاً إستقلالاً تاماً هدفه الوحيد تطبيق شريعة الله عز وجل واظهار الحقيقة وإيصال مرتكب الجريمة إلى منبر العدالة ومثوله أمام القضاء لينال جزاءه الرادع والعقوبة التي يستحقها سواء كان مرتكب الجريمة هو المتهم المقبوض عليه أو غيره ممن لم يتم القبض عليهم, وأن يسعى جاهداً في تحقيق هذا الهدف السامي بكل ما يمتلك من وسائل وبكل جهد وقوة.
3-  أن يعامل المتهم على أنه برئ حتى ولو كانت الأدلة التي قد جمعها ترجح ارتكاب ذلك المتهم للجريمة المنسوبة إليه في الشكوى محل التحقيق, لأن الإدانة لا تثبت إلا بحكم قضائي بات وبعد محاكمة عادلة تمنح للمتهم فيها كل الحقوق القانونية.
4-  أن يبحث أثناء التحقيق وقبل التصرف في القضية عن الأدلة والبراهين التي تثبت براءة المتهم المقبوض عليه الموجه إليه الاتهام من المدعي الشخصي وتدين بإرتكابها غيره من الأشخاص الذين لم يتهمهم المدعي الشخصي مثلما يبحث عن الأدلة التي تثبت إرتكاب ذلك المتهم المقبوض عليه لتلك الجريمة, إذا لم يعترف المتهم أمامه أثناء التحقيق بإرتكاب الجريمة  اعترافاً مفصلاً وأنكر قيامه بارتكاب الجريمة وادعى البراءة منها, وتبين لعضو النيابة من خلال بعض الوقائع أن ذلك المتهم قد يكون برئ من إرتكاب الجريمة محل التحقيق, أو أذا وجدت لدى عضو النيابة العامة بعض الشكوك في إدانة المتهم المقبوض بإرتكاب الجريمة.
5-  أن لا يهمل ولا يقصر في أعماله بأي قضية يتولى التحقيق والتصرف فيها, ولا يستهين بصغائر الأمور فيها قبل كبارها وأن لا يتهاون ولا يتساهل ولا يتخاذل ولا يجامل في تطبيق أحكام شرع الله والقوانين النافذة في البلاد على الجميع دون استثناء , وأن لا يسعى إلى تعطيل حدود الله وأحكامه لأي سبب من الأسباب إلا إذا لم تتوافر الأدلة التي تثبت ارتكاب المتهم للجريمة المنسوبة إليه أو لم تتوافر الشروط الحدية لإقامة الحد عليه.
6-  أن لا يدع باباً من الأبواب التي توصله إلى معرفة الحقيقة إلا طرقه ودخل منه, ولا طريقاً يوصله إلى كشف ملابسات القضية ومعرفة مرتكبها بأدلة يقينية سواء كان مرتكبها هو المتهم المقبوض عليه أو غيره إلا سلكه, وأن لا يكون أسيراً لتوقعات وظنون وشكوك ما لم يفسرها بأدلة تثبتها على الواقع وتؤكد صحتها.
7-  أن يقوم بتطبيق مبدأ المساواة بين الخصوم في كل شئ, سواء في الجلوس في غرفة التحقيق والحضور إجراءات التحقيق وسماع الشهود وطرح الأسئلة عليهم بواسطته ومناقشة الأدلة التي يقدمها خصمه, أو في تقديم ما لديهم من أدلة وبراهين ودفوع وطلبات أو في تصوير ملف القضية, أو في توكيل محامي أو أي حق من الحقوق الأخرى التي كفلتها لهم القوانين.
8-  أن لا يتعامل مع أحد الخصوم بأي أسلوب من أساليب المكر والخداع والغش والتدليس بهدف الحصول على أدلة أدانة أو تبرئه للمتهم المقبوض عليه الموجه إليه التهمة من المدعي الشخصي أو لغيره من الأشخاص.
9-  أن لا يتأثر بأي عامل من العوامل الخارجية التي قد تؤثر في حياده واستقلاله ونزاهته وعدالته, أو يترتب عنها خروجه عن الحق وأتباعه للباطل, والتي قد يمتلكها أحد الخصوم دون الأخر منها السلطة أو الوساطة أو الرشوة أو الوجاهة أو المحسوبية  أو المكانة الاجتماعية أو الانتماء السياسي أو المناطقي أو الثراء والغنى أو العلاقة الأسرية أو الصحافة والإعلام أو قدرة أحد الخصوم على التظاهر بالضعف وأنه مظلوم وصاحب حق وصادق فيما يدعيه على خصمه والقدرة على البكاء وإنزال الدموع وغيرها من العوامل الخارجية .
10-                   أن يلتزم بسرية الإجراءات في القضية ويتجنب الكشف عن وقائعها أو التحدث عنها سواء أمام وسائل الإعلام أو في مجالس المقيل أو في أي مكان أوإظهار بعض قدراته للناس بقصد الشهرة والافتخار..
11-                   أن يلتزم ويتقيد في دوامه وعمله بساعات الدوام الرسمي سواء في حضوره أو مغادرته لمقر عمله أو في غيابه, فيجب عليه أن لا يتغيب أو يتأخر عن دوامه الرسمي إلا لعذر شرعي, ولا يغادر مقر عمله قبل انتهاء ساعات الدوام الرسمي, إلا بعذر شرعي, وأن يكون منضبطاً في مواعيد أعمال جلسات التحقيق, مرتباً لها بحسب جدول أعماله الأسبوعية والشهرية فيؤدي كل أعماله اليومية في موعدها المحدد لها دون تأخير أو تكاسل أو تهاون وان يسارع في التصرف في كل قضية بمجرد الانتهاء من إجراءات التحقيق أولا بأول, بحسب ورودها إليه ولا يجعل القضايا تتراكم لديه دون التصرف فيها في الوقت المناسب لها.
12-                   أن يتجنب الازدراء أو الشماتة من المتهم الماثل أمامه أثناء التحقيق أو جرح كرامته بالفاظ وعبارات سيئة ولا ينظر إليه نظرة ازدراء واستحقار حتى وإن كانت الادلة تثبت انه قد أرتكب الجريمة محل التحقيق ومهما كانت الجريمة المتهم بأرتكابها جسيمة أو مشينة أو بشعة, إلا إذا كان يقصد من كلامه توجيه النصح والإرشاد والتأنيب للمتهم , فيجب أن يكون ذلك بألفاظ مؤدبة تبين للمتهم مسأوي طريق الإجرام الذي سلكه وأثارها السلبية عليه وعلى أسرته ومجتمعه, ويرشده إلى الطريق القويم والصلاح والاستقامة.
13-                   أن لا يعامل المتهم على أنه قد أصبح شخصاً منبوذاَ وعضوا فاسداً في المجتمع يصعب إصلاحه وتقويمه , وأن المجتمع لن يصلح شأنه إلا ببتره وإزالته منه, وأن لا يتعدى على كرامته ويهينه ويشمت منه بألفاظ وعبارات سئية تجرح كرامته وتؤثر في نفسيته ..
فيجب على عضو النيابة أثناء التحقيق أن يضع نصب عينيه أن المتهم وإن كان قد ارتكب الجريمة المنسوبة إليه فهو إنسان كغيره من البشر معرض للخطأ وإرتكاب المعصية والآثام والذنوب والجرائم, فأبونا أدم عليه السلام وأمنا حواء قد أرتكبا المعصية وهما في الجنة فكان عقابهما الخروج منها والحرمان من نعيم الجنة وإسكانهما الأرض والعيش في العراء والجوع والبرد والحر, وأبنهما قابيل أرتكب أكبر جريمة  على وجه الأرض وذلك بقيامه بقتل أخيه هابيل دون وجه حق..
 وقد قررت الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة في البلاد العقوبات والحدود الشرعية للجرائم التي حرمت إرتكابها, من أجل إصلاح المجتمع وإصلاح الفرد الذي يسلك طريق الإجرام وإعادته إلى رشده وتأهيله ويكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه في إرتكاب مثل تلك الجريمة, وكذا ردعه وردع غيره عن إرتكاب تلك الجريمة في المستقبل.
 وأما دور عضو النيابة العامة في القضية وفي تطبيق شرع الله عزوجل وأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة في البلاد فهو محدود بالبحث عن الأدلة التي تثبت نسبة الجريمة المرتكبة على الواقع إلى مرتكبها فرداً أو عدد أفراد سواء كان الشخص المقبوض عليه المقدم فيه الشكوى من المجني عليه أو غيره ممن لم تشملهم الشكوى , وذلك لتقديمه أمام القضاء للحكم عليه بالعقوبة المقررة شرعاً وقانوناً ثم قيام النيابة العامة بتنفيذ الحكم القضائي البات ليتم ردع ذلك المتهم وتأهيله وإصلاحه ليكون عضوا فاعلا في المجتمع وبمجرد تنفيذ تلك العقوبة على ذلك المتهم يعود الى حياته الطبيعية يتمتع بكامل حقوقه وحرياته وكرامته الإنسانية ..

14-                   أن لا يتعامل مع الخصوم وأطراف القضية بأي طريقة من طرق المكر والخداع والغش والحيلة بهدف الوصول إلى دليل لإدانة المتهم أو بقصد حرمانه من حقه في اثبات براءته أو في حقه في تقديم أي دليل يكون في مصلحته وفي إظهار الحقيقة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق