الأحد، 14 ديسمبر 2014

كتاب الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء - الباب الثالث في كيفية حكم الإمام

كتاب
الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

العلامة
محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي

دار النشر / مكتبة نزار مصطفى الباز - الرياض - 1417هـ- 1996م
عدد الأجزاء / 1


الباب الثالث في كيفية حكم الإمام
قال الله تعالى ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ( ص 26 ) وقال النبي عليه السلام اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به وقال عليه السلام إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأبعدهم منه مجلسا إمام جائر وقال عليه السلام ما من أمير عشيرة إلا يؤتى يوم القيامة مغلولا حتى يفك عنه العدل أو يوبقه الجور

وقال عليه السلام من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله أي من أذل حاكما بأن آذاه وعصاه أهانه الله وقال عليه السلام قال الله - تعالى - في بعض الكتب أنا الله ملك الملوك ومالك الملك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلى أعطفهم عليكم اعلم أن الله - تعالى - جلت عظمته وتوالت نعمه وتتابعت آلاؤه وسبقت رحمته أثبت في الآية السابقة عشرة أحكام رحمة للملوك والأمراء وتنبيها على حفظ المملكة والأداء وكمال أدب السلطنة والمعدلة والقضاء الأول منها أنه قال ( إنا جعلناك خليفة ) ( ص 26 ) يعني نحن أعطيناك الخلافة فينبغي للملوك أن يعلموا أن السلطنة من الله تعالى ومن نعمه على الملوك لا من غيره كما قال الله تعالى ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ) ( آل عمران 26 ) وينبغي للسلطان أولا أن يعرف قدر الولاية ويعلم خطرها فإن الولاية نعمة من نعم الله تعالى من قام بحقها نال من السعادة ما لا نهاية له ولا سعادة بعده ومن قصر عن النهوض بحقها حصل في شقاوة لا شقاوة بعدها إلا الكفر بالله تعالى والدليل على عظم قدرها وجلالة خطرها ما روى عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أنه قال عدل السلطان يوما واحدا أفضل من عبادة سبعين سنة

وقال عليه السلام إذا كان يوم القيامة لا يبقى ظل ولا ملجأ إلا ظل الله تعالى ولا يستظل بظله إلا سبعة أناس إمام عادل عدل في رعيته وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل يكون في السوق وقلبه في المسجد ورجلان تحابا في الله ورجل ذكر الله تعالى في خلوته وأذرى دمعه من مقلته ورجل دعته إمرأة ذات جمال ومال إلى نفسها فقال إني أخاف الله ورجل تصدق سرا بيمينه ولم يشعر شماله وقال عليه السلام أحب الناس إلى الله - تعالى - وأقربهم منه السلطان العادل وأبغضهم إليه وأبعدهم عنه السلطان الجائر وقال عليه السلام والذي نفس محمد بيده إنه ليرفع للسلطان العادل إلى السماء من العمل مثل عمل جملة رعيته وكل صلاة يصليها تعدل سبعين ألف صلاة فإذا كان كذلك فلا نعمة أجل من أن يعطى العبد درجة السلطة ويجعل ساعة من عمره بجميع عمر غيره ومن لم يعرف قدر هذه النعمة واشتغل بظلمة وهواه يخاف عليه أن يجعله الله تعالى من جملة أعدائه كما قال ( عليه السلام ) ما من عبد ولاه الله تعالى أمر رعية فغشهم ولم ينصح لهم ولم يشفق عليهم إلا حرم الله عليه الجنة

وقال عليه السلام من ولى أمور الناس ولم يحفظهم كحفظه أهل بيته فقد تبوأ مقعده من النار وقال عليه السلام رجلان من أمتي يحرمان شفاعتي ملك ظالم ومبتدع غال في الدين بتعدي الحدود وقال عليه السلام أشد الناس عذابا يوم القيامة السلطان الظالم وقال عليه السلام خمسة قد غضب الله عليهم وإن شاء أمضى غضبه ومقرهم النار أمير قوم يأخذ حقه منهم ولا ينصفهم من نفسه ولا يرفع الظلم عنهم ورئيس قوم يطيعونه وهو لا يساوي بين القوي والضعيف ويحكم بالميل والمحاباة ورجل لا يأمر أهله وأولاده بطاعة الله - تعالى ولا يعلمهم أمور الدين ولا يبالي من أين أطعمهم ورجل استأجر أجيرا فتم عمله ومنعه أجرته ورجل ظلم زوجته في صداقها وقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يؤتى بالولاة يوم القيامة فيقول الله جل وعلا أنتم كنتم رعاة خلقي وخزنة ملكي في أرضي ثم يقول لأحدهم لم ضربت عبادي فوق الحد الذي أمرت به فيقول يا رب لأنهم عصوك وخالفوك فيقول الله جل جلاله لا ينبغي أن يسبق غضبك غضبي ثم يقول لآخر لم ضربت عبادي أقل من الحد الذي أمرت به فيقول يا رب رحمتهم فيقول جل وعلا كيف تكون أرحم مني ثم يقول الله جل وعلا خذوا الذي زاد والذي نقص فاحشوا بهما في زوايا جهنم

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه - وجماعة من أهل بيته إنا كنا ندعو الله تعالى أن يرينا عمر - رضي الله عنه - في المنام فرأيته بعد اثنتي عشرة سنة يجيء خلف رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - ومعه أربعة آلاف نبي ومائة وعشرين نبيا فقلت يا أبي قف ساعة فقال ليس وقت الموقف لأن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - مع جميع الأنبياء يذهبون بي إلى موضع الحساب ويشفعون لي لعل الله - تعالى - يخلصني بشفاعتهم فقلت يا أب كيف حالك في اثنتي عشرة سنة قال كنت في عتاب الله تعالى فطلبني الله تعالى من حساب الرعية إلى أن قال كان في الشام قنطرة ولها ثقب فرسخ فيه قوائم عناق عجوز فكسر أحد قوائم عناق العجوز فقال لي لم لم تعمر ذلك القنطرة كي لا يكون زحمة لذلك العناق فقلت يا رب إني كنت في المدينة فلم يكن لي خبر من ذلك القنطرة فقال الله تعالى يا عمر لم أخذت من ولاية الدنيا مقدارا لا تقدر على خبره فإذا كان حال الأمير العادل هكذا فكيف حال الأمير الظالم الذي يظلم كل يوم ألف فقير وألف عجوز وفي رواية أخرى رأى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أباه عمر فسأل عن حاله فقال لما وضعتموني في القبر فذهبوا بي إلى شفير جهنم فسألوني عن النقير والقطمير وعن جميع أحوال رعيتي إلى أن قالوا قد كان في ولايتك امرأة عجوز ولها بقرة فعقدت ثديها بالحبل شديدا وكان ذلك في

ولايتك لم غفلت عن ظلم العجوز بتلك البقرة ولم تمنع ظلم العجوز عن البقرة فينبغي أن يعلم أن خطر الولاية عظيم وخطبها جسيم والشرح في ذلك طويل ولا يسلم الولاة منه إلا بمقارنة علماء الدين ليعلموا الولاة طرق العدل وليسهلوا عليهم خطر هذا الأمر وأن يجعل الوالي كلام الله تعالى نصب عينيه ويشتاق أبدا إلى رؤية علماء الدين ويحرص على استماع نصحهم ويحذر من رؤية علماء السوء الذين يحرصون على الدنيا فإنهم يثنون عليك ويغرونك ويطلبون رضاك طمعا فيما في يدك من خبيث حطام ووبيل حرام ليحصلوا منه شيئا بالمكر والحيل والعالم الصالح هو الذي لا يطمع فيما عندك من المال ويبغضك في الوعظ والمقال حكاية قيل دخل أبو حازم على سليمان فقال له الملك ما لنا نكره الموت فقال لأنكم عمرتم دنياكم وأخربتم آخرتكم فأنتم تخافون أن تنقلوا من العمران إلى الخراب قال فأخبرني كيف قدوم الخلق على الله تعالى فقال أما المحسن فكالقادم على أهله فرحا مسرورا وأما المسئ فكالعبد الآبق يقدم على مولاه خائفا مذعورا قال فأي الأعمال أفضل قال أداء الفرائض واجتناب المحارم قال فأي الدعاء أفضل قال دعاء الملهوف للمحسن إليه قال فأي الصدقات أفضل قال جهد المقل لا من فيه ولا أذى قال فأي القول أفضل قال كلمة الحق في موضع يخاف فيه فقال فاي الناس أفضل وأعقل قال من عمل بطاعة الله ودل عليها قال فأي الناس أجهل قال من باع آخرته لدنيا غيره قال فعظني

قال يا أمير المؤمنين نزه ربك أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك قال فبكى سليمان بكاء شديدا فقال له رجل من جلسائه أسأت إلى أمير المؤمنين قال له أبو حازم اسكت فإن الله تعالى أخذ على العلماء ميثاقهم ليبيننه للناس ولا يكتمونه فلما دخل سليمان منزله أنفذ إليه جملة من الدنانير فقال أبو حازم لرسوله ردها إليه وقل له والله ما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفسي خذها فأنت المحاسب عليها كما حكي أن هشام بن عبد الملك - كان من خلفاء بني أمية - فسأل يوما أبا حازم ما التدبير في النجاة من أمور الخلافة فقال أن تأخذ كل درهم من وجه حلال وأن تضعه في موضع حق فقال من يقدر على هذا فقال من يرغب في نعيم الجنان ويهرب من عذاب النيران والثاني منها أن الله تعالى قال ( إنا جعلناك خليفة ) ( ص 26 ) يعني أخذنا الخلافة من الغير ثم أعطيناك فإذا لم تؤد حق هذه النعمة ولم تشكر الله - تعالى - بمقابلة هذه النعمة أخذنا منك الخلافة وأعطيناها غيرك كما قال الله تعالى ( وتنزع الملك ممن تشاء ) آل عمران 25 فينبغي للملوك أن يعملوا في هذه المملكة العارية الفانية - العدل والعمل الصالح ليحصل به سلطنة المملكة الباقية ويكون قصدهم ألا يكونوا محرومين في الدنيا من الثناء الجميل وفي الآخرة من الأجر الجزيل

حكاية روى أن الخضر - عليه السلام - ذهب عند ملك لينصح له فقال يا ملك اعلم وتفكر إني مضيت يوما من الأيام من مدينتك فرأيت هذه المدينة مدينة عظيمة وعامرة وكثرت فيها الحدائق والنعم فغبت عنها ثلاثمائة سنة فلما رجعت إلى هذه المدينة فرأيتها قد كانت بحرا تجري فيه السفن مملوءة من الخلائق يجيئون ويذهبون ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم رجعت إلى هذه البلدة وقد كانت أيكة وفي طرفها جزيرة وفيها كثير من الخلائق وعمروها ثلاثمائة سنة ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم جئت فرأيت قد نبت فيها الزعفران والكافور وكانت بحيث لم يكن في الدنيا أعز من هذه المدينة ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم جئت فرأيتك فيها بهذه الإمارة فينبغي لك أن تفكر فكر الآخرة وتعتبر بأن الملوك الماضية الذين مضوا قبلك عمروا هذه المدينة أكثر مما عمرت ثم ماتوا فتركوها لمن خلفهم فلا تغتر بهذه الدنيا الدنية فإنها غدارة مكارة ليست بدار أنس وعمارة بل دار العمارة هي دار الآخرة فلما سمع الملك هذا الحديث نزل عن تخته وترك الإمارة ووضع على رأسه التراب واشتغل بالطاعة والتوبة والندامة والاستغفار إلى أن مات روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - قال يوما يا أبا هريرة تريد أن أريك الدنيا فقلت نعم فأخذ بيدي وانطلق حتى وقف بي على رأس مزبلة فيها رءوس الآدميين ملقاة وبقايا عظام نخرة وخرق قد تمزقت وتلوثت بنجاسات الآدميين فقال يا أبا هريرة هذه رءوس الناس التي تراها كانت مثل رءوسكم مملؤة من الحرص والاجتهاد على جمع الدنيا وكانوا يرجون من الدنيا ما ترجون من طول الأعمار وكانوا يجدون

في جمع المال وعمارة الدنيا كما تجدون فاليوم تغيرت عظامهم وتلاشت أجسامهم كما ترى وهذه الخرق كانت أثوابهم التي يتزينون بها عند التجمل ووقت الرعونة والتزين فاليوم قد ألقتها الريح في النجاسات وهذه عظام دوابهم التي كانوا يطوفون بها أقطار الأرض على ظهورهم وهذه النجاسات كانت أطعمتهم اللذيذة التي كانوا يحتالون في تحصيلها وينهبها بعضهم من بعض قد ألقوها عنهم بهذه الفضيحة التي لا يقربها أحد من نتنها فهذه جملة أحوال الدنيا كما تشاهد وترى فمن أراد أن يبكي على الدنيا فليبك فإنها موضع البكاء قال أبو هريرة رضي الله عنه - فبكى الجماعة الحاضرون اعلم يا سلطان العالم أن بني آدم طائفتان طائفة نظروا إلى شاهد حال الدنيا وتمسكوا بتأمل العمر الطويل ولم يتفكروا في النفس الأخير وطائفة عقلاء جعلوا نفسهم الأخير نصب أعينهم لينظروا إلى ماذا يكون مصيرهم وكيف يخرجون من الدنيا ويفارقونها وإيمانهم سالم أخذوا من الدنيا ما ينزل معهم في القبور وتركوا لأعدائهم ما يبقى وباله ونكاله وهذه الفكرة واجبة على كافة الخلق وهي على الملوك وأهل الدنيا أوجب لأنهم كثيرا أزعجوا قلوب الخلق وفزعوا الخلق وقتلوا الخليقة وأدخلوا في قلوبهم الرعب فإن بحضرة الله - جل وعلا - غلاما يقال له عزرائيل يعرف بملك الموت لا مهرب لأحد من مطالبته وتشبيثه وكل موكلي الملوك يأخذون جعلهم ذهبا وفضة وطعاما وصاحب هذا التوكيل لا يأخذ سوى الروح جعلا وسائر موكلي السلاطين تنفع عندهم الشفاعة وهذا الموكل لا تنفع عنده شفاعة الشافعين وجميع الموكلين يمهلون من يوكلون به اليوم أو الساعة وهذا الموكل لا يمهل نفسا واحدا

والثالث منها أن يعلم السلطان أن السلطة هي الخلافة من الله تعالى فينبغي أ ن يتصرف في عباد الله - تعالى - بالأخلاق الحسنة والألطاف المرضية والرأفة والرحمة كما قال عليه السلام تخلقوا بأخلاق الله وكما روي عن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - أنه كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وقال عليه السلام حسن الخلق زمام من رحمة الله تعالى في أنف صاحبه والزمام في يد ملك والملك يجر إلى الخير والخير يجر إلى الجنة وسوء الخلق زمام من عذاب الله تعالى في أنف صاحبه والزمام في يد الشيطان والشيطان يجر إلى الشر والشر يجر إلى النار وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه عليه السلام فقرأت ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) ( المؤمنون 1 2 ) إلى عشر آيات وقد مدح الله تعالى نبيه عليه السلام بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ( القلم 4 ) وقال الجنيد - رحمه الله - سمى خلقه عظيما لأنه لم يكن له همة سوى الله تعالى
وقيل سمى خلقه عظيما لأنه امتثل تأديب الله - تعالى - إياه بقوله عليه السلام ( أدبني ربي أدبا حسنا ) قال ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ( الأعراف 199 ) فلما قبل ذلك منه قال ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ( القلم 4 ) وعن أبي الدرداء أن النبي عليه السلام قال ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذئ

وعنه قال سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ درجة صاحب الصلاة والصوم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سئل رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق وعن عبد الله بن المبارك - رحمه الله - أنه وصف حسن الخلق فقال هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى فينبغي للسلطان أنه مهما أمكنه أن يعمل الأوامر بالرفق واللطف فلا يعملها بالشدة والعنف فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} كل وال لا يرفق برعيته لا يرفق به يوم القيامة ودعا النبي عليه السلام فقال اللهم الطف بكل وال يلطف برعيته واعنف على كل وال يعنف على رعيته
وقال عليه السلام الولاية والإمارة حسنتان لمن قام بحقهما وسيئتان لمن قصر فيهما وينبغي للسلطان أيضا أن يجتهد بأن يرضى عنه جميع رعيته بموافقة الشرع كما قال عليه السلام لأصحابه خير أمتي الذين يحبونكم وتحبونهم وشر أمتي الذين يبغضونكم وتبغضونهم ويلعنونكم وتلعنونهم وينبغي للوالي ألا يغتر بمن وصل إليه وأثنى عليه وألا يعتقد أن جميع الرعية مثله راضون فإن الذي يثنى عليه من خوفه منه يثنى بل ينبغي أن يرتب معتمدين يسألون الرعية عن أحواله ويتجسسون ليعلم عيبه من ألسنة الناس وايضا ينبغي للوالي ألا يطلب رضاء أحد من الناس بسخط الله بسبب مخالفة الشرع فإن من سخط بخلاف الشرع لا يضر سخطه

كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنهما أن عظيني عظة مختصرة فكتبت إليه فقالت سمعت رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - يقول من طلب رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط الخلق عليه مثل ألا يأمرهم بالطاعة ولا يعلمهم أمور دينهم ويطعمهم الحرام ويمنع الأجير أجرته والمرأة مهرها أسخط الله عليه الناس والرابع منها أنه قال ( فاحكم بين الناس بالحق ) ( ص 26 ) أشار بذلك إلى أنه ينبغي أن يحكم الملك بين الرعية بنفسه ولا يعتمد على حكم غيره لأن الله تعالى وضع في قلب الأمراء والوزراء شفقة الرعية كما وضع في قلب الوالدين شفقة الأولاد لأن كمال الرحمة في خمسة أشياء الأول رحمة الله تعالى على عباده والثاني رحمة النبي عليه السلام على أمته والثالث رحمة الملوك والأمراء على رعيته والرابع رحمة الوالد على أولاده والخامس رحمة الشيخ على تلاميذه
وقال عبد الرحمن بن عوف دعاني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ذات ليلة وقال قد نزل بباب المدينة قافلة وأخاف عليهم إذا ناموا أن يسرق شيء من متاعهم فمضيت معه فلما وصلنا قال نم أنت ثم جعل يحرس القافلة طول ليله حكاية قال زيد بن أسلم رضي الله عنه رأيت ليلة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يطوف مع العسس فتبعته فقلت أتأذن لي أن أصحبك قال نعم فلما خرجنا من المدينة رأينا نارا من بعيد فقلنا ربما يكون قد نزل هناك من مسافر فقصدنا النار فرأينا امرأة أرملة ومعها ثلاثة أطفال وهم يبكون وقد وضعت لهم قدرا على النار وهي تشاغلهم وهي تقول اللهم أنصفني من عمر وخذ لي بالحق منه فإنه شبعان وأطفالي جياع فلما سمع عمر - رضي الله عنه - ذلك تقدم وسلم عليها وقال لها أتأذنيني أن أدنو إليك قالت إن كان بخير فبسم الله فتقدم عمر - رضي الله عنه - إليها وسألها عن حالها وحال أطفالها فقالت نعم وصلت - وهؤلاء أطفالي معي - من مكان بعيد وأنا جائعة والأطفال جياع

وقد بلغ مني ومنهم الجهد والجوع وقد منعهم عن الهجوع فقال عمر رضي الله عنه وأي شيء في هذه فقالت فيها ما أشاغلهم به ليظنوا أنه طعام فيصبروا قال فعاد إلى المدينة وقصد دكان بياع الدقيق وابتاع منه ملء جراب وقصد دكان السمان فابتاع منه سمنا ووضع الجميع على عاتقه ومضى يطلب المرأة والأطفال فقلت يا أمير المؤمنين ناولنيه لأحمله عنك فقال إن حملته عنى في الدنيا فمن يحمل ذنوبي في الآخرة ومن يحول بيني وبين دعاء تلك المرأة وجعل يسعى - وهو يبكي - إلى المرأة فقالت المرأة جزاك الله عني أفضل الجزاء فأخذ عمر - رضي الله عنه - جزءا من الدقيق وشيئا من السمن ووضعهما في القدر وجعل يوقد النار فكلما أرادت النار أن تخمد نفخها وكان الرماد يسقط على وجهه ومحاسنه حتى انطبخت القدر فوضع الطبيخ في القصعة وقال للأطفال كلوا فأكلت المرأة والأطفال فقال أيتها المرأة لا تدعين على عمر فإنه لم يكن له منك ولا من أطفالك علم ولا خبر وأول من دعى بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يدعوه الناس بخليفة رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - فلما وصل الأمر إلى عمر رضي الله عنه دعوه بخليفة خليفة رسول الله وكان الأمر يطول على المسلمين فقال عمر - رضي الله عنه - ألست أميركم قالوا بلى فقال سموني أميركم وإن دعوتموني أمير المؤمنين فإني ذلك ابن الخطاب حكاية كان في زمن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - قحط عظيم فوفد عليه وفد من العرب واختاروا رجلا من العرب للخطابة فقال يا أمير المؤمنين إنا أتيناك من ضرورة عظيمة وقد يبست جلودنا على أجسادنا لفقد الطعام وهذا المال لا يخلو من ثلاثة أقسام إما أن يكون لله أو لعباد الله أو لك فإن كان لله فهو غنى عنه وإن كان لعباد الله تعالى أو لك

فتصدق به علينا فإن الله يجزي المتصدقين فتغرغرت عينا عمر - رحمه الله - بالدموع وقال هو كما ذكرت وأمرت فقضى حوائجهم من بيت مال المسلمين فلما هم الأعرابي بالخروج قال له عمر أيها الإنسان الخير كما رفعت إلى حوائج عباد الله وأسمعتني كلامهم فأوصل كلامي وارفع حاجتي إلى الله تعالى فحول الأعرابي وجهه نحو السماء وقال اللهم اصنع مع عمر بن عبد العزيز كصنعه في عبادك فما استتم كلامه حتى ارتفع غيم فأمطر مطرا غزيرا وجاء في المطر بردة كبيرة فوقعت على صخرة فانكسرت فخرج منها كاغد عليه مكتوب هذه براءة من الله العزيز إلى عمر بن عبد العزيز بالنجاة من النار والخامس منها أن الله تعالى أمر في الآية بالحكم بالحق - أي بالعدل - بموجب الشرع لا بالجور والظلم والميل والرشوة كما قال عليه السلام ما من أمير عشيرة إلا يؤتى يوم القيامة مغلولا حتى يفك عنه العدل أو يوبقه الجور فينبغي للسلطان أو الملك أن يساوي بين المجهول الذي لا يعرف وبين المحتشم صاحب الجاه في مكان واحد في وقت الدعوى وينظر إليهما في الدعوى نظرا مساويا ولا يفضل أحدهما على الآخر لأجل أن أحدهما غني والآخر فقير فإن في القيامة الجوهر والخزف شيء واحد وإن كان لرجل ضعيف على سلطان حق أو دعوى فينبغي للحاكم أن يأمر ذلك السلطان بأن يقوم من صدر مرتبته ويساوي في القيام والقعود مع الغريم الضعيف ويحكم الحاكم بينهما بحكم الله وينصف ذلك الضعيف بموجب الشرع ويرضيه فلا يخاف ولا يستحي من الحق لقوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) ( النحل 90 ) فقد جاء عن النبي عليه السلام أنه قال كل راع يسئل عن غنمه وكل سلطان يسئل عن رعيته فاعلم أن الملوك القدماء كانت همتهم واجتهادهم في عمارة بلادهم لعلمهم

أنه كلما كانت الولاية أعمر كانت الرعية أوفر وأشكر وكانوا يعلمون أن الذي قالته الحكماء ونطقت به العلماء صحيح لا ريب فيه وهو قولهم إن الدين بالملك والملك بالجند والجند بالمال والمال بعمارة البلاد وعمارة البلاد بالعدل في البلاد والعباد فما كان الملوك القدماء يوافقون أحدا على الجور والظلم ولا يرضون لحشمهم بالجور والغشم علما منهم أن الرعية لا تثبت على الجور وأن الأماكن والبلاد تخرب إذا استولى عليها الظالمون وتتفرق أهل الولاية ويهربون إلى ولاية فيها العدل ويقع النقص في الملك ويقل في البلاد البركة وتخلو الخزائن من الأموال ويتكدر عيش الرعايا لأن الرعايا لا يحبون جائرا ولا يزال دماؤهم عليه متواترا فلا يتمتع بمملكته وتسرع إليه دواعي هلكته وقيل الظلم نوعان أحدهما ظلم السلطان لرعيته وجور القوي على الضعيف والغني على الفقير والثاني ظلمك لنفسك وذلك من شؤم معصيتك فلا تظلم لنفسك ليرفع عنك ظلم السلاطين سئل ذو القرنين فقيل أي شيء من مملكتك أنت به أكثر سرورا فقال شيئان أحدهما العدل والإنصاف والثاني أن أكافئ من أحسن إلي بأكثر من إحسانه وقال ابن عمر رضي الله عنه إن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - قال لم يخلق الله تعالى في الأرض شيئا أفضل من العدل والعدل ميزان الله تعالى في أرضه من تعلق به أوصله إلى الجنة وقال أيضا قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إن للمحسنين في الجنة منازل حتى المحسن إلى أهله وعياله وأتباعه

وقال قتادة في تفسير هذه الآية ( ألا تطغوا في الميزان ) ( الرحمن 8 ) قال أراد به العدل وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - قال إن الله تعالى لما أهبط آدم - عليه السلام - إلى الأرض أوحى الله تعالى إليه أربع كلمات وقال يا آدم عملك وعمل جميع ذريتك على هذه الكلمات الأربع وهي كلمة لي وكلمة لك وكلمة بيني وبينك وكلمة بينك وبين الناس أما الكلمة التي هي لي فهي أن تعبدني ولا تشرك بي شيئا وأما الكلمة التي هي لك فإني أجازيك بعملك وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء ومني الإجابة وأما الكلمة التي بينك وبين الناس فهي أن تعدل فيهم وتنصف بينهم وقال قتادة الظلم ثلاثة أضرب ظلم لا يغفر لصاحبه وظلم لا يبقى وظلم يغفر لصاحبه فأما الظلم الذي لا يغفر لصحابه فهو الشرك بالله لقوله تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم ) ( لقمان 13 ) وأما الظلم الذي لا يبقى فإنه ظلم العباد بعضهم لبعض وأما الظلم الذي يغفر لصاحبه فهو ظلم العبد نفسه بارتكاب الذنوب ثم يرجع إلى ربه ويتوب فإن الله يغفر له برحمته ويدخله الجنة بفضله ومنه

حكاية يروى أنه كان في بني إسرائيل رجل يصيد السمك ويقوت بصيده أطفاله وزوجته فكان بعض الأيام يتصيد فوقعت في شبكته سمكة كبيرة ففرح وقال أمضي بهذه السمكة إلى السوق فأبيعها وأخرج ثمنها في نفقات الأولاد فلقيه بعض العوانية فقال له أتبيع هذه السمكة فقال الصياد في نفسه إن قلت لا فإنه يؤذيني وإن قلت له نعم اشتراها مني بنصف ثمنها فقال لا أبيعها فغضب العواني فضربه بخشبة كانت معه على صلبه وأخذ السمكة منه غصبا بلا ثمن فدعا الصياد عليه وقال إلهي خلقتني مسكينا ضعيفا وخلقته قويا عنيفا فخذ لي بحقي منه في هذه الدنيا فما أصبر إلى الآخرة ثم إن ذلك الغاصب انطلق بالسمكة إلى منزله وسلمها إلى زوجته وأمرها أن تشويها فلما شوتها ووضعتها بين يديه على المائدة ليأكل منها فتحت السمكة فاها ونكزت أصبعه نكزة سلبت قراره وأزالت بشدة عضتها اصطباره فقصد الطبيب وشكا إليه وذكر له ما ناله فقال الطبيب ينبغي أن تقطع هذه الأصبع لئلا يسري الألم إلى جميع اليد فقطع أصبعه فسرى الألم إلى جميع الكف فقال الطبيب ينبغي أن تقطع الكف لئلا يسري الألم إلى الزند فقطع كفه فسار الألم إلى زنده فقطع زنده فسار الألم إلى الساعد وزال قراره فقال الطبيب ينبغي أن يقطع ساعده لئلا يسري الألم إلى الكتف فقطع ساعده فتوجع كتفه فخرج من مكانه هاربا على وجهه داعيا إلى ربه ليكشف ما قد نزل به فرأى شجرة فاتكأ عليها فأخذه النوم فنام فرأى في منامه قائلا يقول له يا مسكين إلى كم تقطع يدك امض إلى الصياد وأرض خصمك فانتبه من نومه وتفكر وتذكر وقال أنا أخذت السمكة غصبا وأوجعت الصياد ضربا وهي التي تركتني هكذا فنهض وقصد المدينة وطلب الصياد فوجده فوقع بين

يديه والتمس الإقالة من ذنبه وأعطاه شيئا من ماله وتاب من فعاله فرضى عنه خصمه ففي الحال سكن ألمه وبات تلك الليلة على فراشه وقد تاب عما كان يصنع ونام على توبة خالصة ففي اليوم الثاني تداركه ربه برحمته ورد يده كما كانت بقدرته فنزل الوحي إلى موسى عليه السلام أن يا موسى وعزتي وجلالي وقدرتي لولا أن الرجل أرضى خصمه لعذبته مهما امتدت به حياته والسادس منها لما أمر الله تعالى في الآية الحكم بالعدل ينبغي للحاكم أن يحكم لأجل الله - تعالى - لا لأجل خاطر الخلق ولا للرياء والسمعة ليحصل له الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في العقبى كما قال عليه السلام عدل في حكم ساعة خير من عبادة سبعين سنة وجور في حكم ساعة يحبط عبادة سبعين سنة وقال النبي عليه السلام كل مجلس لا ذكر له كبستان لا ثمرة له وكل شاب لا أدب له كفرس لا لجام له وكل امرأة لا حياء لها كطعام لا ملح له وكل عالم لا ورع له كسراج لا دهن له وكل صديق لا وفاء له كقوس لا وتر له وكل غني لا سخاوة له كنهر لا ماء له وكل أمير لا عدل له كبيت مظلم لا نور له حكاية يحكى عن إسماعيل الساماني في كتاب سير الملوك أنه قال كان لجدي موليان وكان في كل يوم يأمر المنادي في وقت العصر أن

ينادي في الناس وكان يرفع الحجاب ويرجو من الله الثواب ويقول ليجئ كل من له ظلامة ويقف على جانب البساط ويخاطبه ويعود ويقضي الحاجات وكان يقضي بين الخصوم مثل الحكام إلى أن تنقضي الدعاوى ثم يعود موضعه ويقبض على محاسنه ويوجه وجهه نحو السماء ويقول إلهي هذا جهدي وطاقتي قد بذلته وأنت عالم الأسرار وتعلم نيتي ولا أعلم على أي عبد جرت ولا على أي عبد ظلمت وما أنصفت فاغفر لي يا إلهي من ذلك ما لا أعلم فلما كان نقي النية جميل الطوية لا جرم علا أمره وارتفع قدره وكان عسكره ألف فارس معدين بالسلاح وببركة ذلك العدل والإنصاف ظفره الله بعمرو بن ليث فقبضه وفتح خراسان ثم إن عمرو أنفذ إليه من السجن وقال لي ب خراسان أموال كثيرة وكنوز موفورة وأنا أسلم إليك الجميع وأطلقني من السجن فلما سمع إسماعيل ذلك ضحك وقال إلى الآن لم يستقم معي ابن ليث ثم يريد أن يجعل المظالم التي ارتكبها في عنقي ويتخلص من ثقل أوزارها في الآخرة قولوا له مالي في مالك حاجة وأخرجه من السجن وأنفذه رسولا إلى بغداد فنال من أمير المؤمنين الخلع والتشريف وجلس إسماعيل في مملكته ب خراسان آمنا مطمئنا فارغ البال حسن البال

حكاية يحكى أن أنو شروان كان قد ولي عاملا فأنفذ إليه العامل زيادة عن الخراج بثلاثة آلاف درهم فأمر أنو شروان بإعادة الزيادة إلى أصحابها وأمر بصلب العامل وقال كل سلطان أخذ من الرعية شيئا بالجور والغصب وخزنه في خزائن الملك كان مثله كمثل رجل عمل أساس حائط فلم يصبر عليه حتى يجف ثم وضع البنيات عليه وهو رطب فلم يبق الأساس ولا الحائط وينبغي للسلطان أن يهتم بأمور الدين كما يهتم بأمور بيته ليتنعم في الدنيا وينبغي للسلطان أن يأخذ ما يأخذ من الرعية بقدر ويهب ما يهب بقدر لأن لكل واحد من هذين الأمرين حدا حكاية سأل الإسكندر يوما حكماءه - وكان قد عزم على سفر - فقال أوضحوا لي من الحكمة لعلم أشغالي واتقان أعمالي فقال له كبير العلماء والحكماء أيها الملك لا تدخل قلبك حب شيء ولا بغضه فإن القلب خاصته كاسمه وإنما سمي قلبا لتقلبه وأعمل الفكر واتخذه وزيرا واجعل العقل صاحبا ومشيرا واجتهد أن تكون في الملك متيقظا ولا تشرع في عمل أي شيء بغير مشورة واجتنب الميل والمحاباة في وقت العدل والإنصاف فإذا فعلت ذلك جرت الأشياء على إيثارك وتصرفت باختيارك وينبغي أن يكون الملك وقورا حليما ولا يكون عجولا قالت الحكماء ثلاثة أشياء قبيحة وهي في ثلاثة أقبح الحدة في الملوك والحرص في العلماء والبخل في الأغنياء كتب الوزير يونان إلى الملك العادل أنو شروان وصايا ومواعظ فقال ينبغي يا ملك الزمان أن يكون معك أربعة أشياء العدل والعقل والصبر والحياء وينبغي أن تنفي عنك أربعة أشياء الحسد والكبر وضيق القلب يريد به البخل والعداوة

واعلم يا سلطان العالم أن الذين كانوا من قبلك من الملوك مضوا والذين يأتون بعدك لم يصلوا فاجتهد أن يكون جميع ملوك الزمان محبيك ومشتاقيك حكاية يقال إن أبو شروان ركب بعض أيام الربيع على سبيل الفرجة فجعل يسير في الرياض المخضر ويشاهد الأشجار المثمرة وينظر الكروم العامرة فنزل عن فرسه شكرا لربه وخر ساجدا ووضع خده على التراب زمانا طويلا فلما رفع رأسه قال لأصحابه إن خصب السنين من عدل الملوك والسلاطين وحسن نيتهم إلى رعيتهم فالمنة لله الذي أظهر حسن نيتنا في سائر الأشياء وإنما قال ذلك لأنه جربه بعض الأوقات حكاية يقال إن أنو شروان العادل مضى يوما إلى الصيد وانفرد من عسكره خلف الصيد فرأى ضيعة بالقرب منه وكان قد عطش فقصد الضيعة وأتى باب دار قوم وطلب ماء للشرب فخرجت صبية فأبصرته ثم عادت إلى البيت فدقت قصبة واحدة من قصب السكر ومزجت ما عصرته منها بالماء ووضعته في القدح فرأى فيه ترابا فشرب منه قليلا قليلا حتى انتهى إلى آخره وقال للصبية نعم الماء لولا القذى فقالت أنا ألقيت فيه القذى عمدا فقال لها لم فعلت ذلك قالت رأيتك شديد العطش فلو لم يكن في الماء قذى لشربته عجلا نوبة واحدة وكان يضرك شربه فتعجب أنو شروان من كلامها وعلم أنها قالت ذلك عن ذكاء وفطنة ثم قال لها من كم دققت ذلك الماء قالت من قصبة واحدة فتعجب أنو شروان وأضمر في نفسه أن ينظر في جريدة خراجها وأن يزيد عليهم الخراج ثم عاد إلى تلك الناحية بعد عودته بلده واجتاز على ذلك القرية منفردا وطلب الماء فخرجت تلك الصبية بعينها فرأته فعرفته ثم عادت لتخرج الماء فأبطأت عليه فاستعجلها أنو شروان وقال لأي سبب أبطأت قالت لأنه لم يخرج من قصبة واحدة حاجتك وقد دققت ثلاث قصبات ولم يخرج منها بقدر ما كان يخرج من قصبة واحدة

فقال أبو شروان ما سبب هذا القحط قالت الصبية سببه تغير نية السلطان فقد سمعنا من العلماء أنه إذا تغير نية السلطان على قوم زالت بركاتهم وقلت خيراتهم فعند ذلك ضحك أنو شروان وأزال من نفسه ما كان قد أضمر لهم وتزوج بالصبية لتعجبه من ذكائها وحسن كلامها والسابع منها أنه تعالى قال في الاية ( ولا تتبع الهوى ) ( ص 26 ) يعني لا تتبع الهوى في جميع الأوقات وفي جميع الأمور واتباع الهوى أصل جميع المعاصي لأن فرعون ادعى الألوهية بسبب الهوى وبني إسرائيل عبدوا العجل بسبب الهوى وقد قال الله تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ( الجاثية 23 ) وكل من يخالف هواه في جميع الأوقات والأمور فإن الجنة مثواه قال الله تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) ( النازعات 40 41 ) وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء حين يلقاه إلا من عدل وقضى بالحق ولم يحكم بالهوى ولم يمل مع أقاربه ولم يبدل حكما لخوف أو طمع لكن يجعل كتاب الله ميزانه ونصب عينه ويحكم بما فيه فلا ينبغي للسلطان أن يشتغل دائما بلعب الشطرنج والنرد وشرب الخمر وضرب الكرة والصيد لأن هذه الأشياء تلهي السلطان وتشغله عن الأعمال ولكل عمل وقت فإذا فات الوقت عاد الربح خسرانا والسرور أحزانا فإن الملوك القدماء قسموا النهار أربعة أقسام قسم منها لعبادة الله تعالى وطاعته والقسم الثاني منها للنظر في أمور السلطنة وإنصاف المظلومين وسياسة الجمهور وتنفيذ المراسيم والأوامر وكتابة الكتب وإنفاذ الرسل والقسم الثالث للأكل والشرب والنوم وأخذ الحظوظ من الفرح والسرور

والقسم الرابع للصيد ولعب الكرة والصولجان وما يشبه ذلك ويقال إن بهرام كور قسم نهاره قسمين وجعله نصفين ففي النصف الأول كان يقضي حوائج الناس وفي النصف الثاني كان يطلب الراحة ويقال إنه في جميع أيامه ما اشتغل يوما تاما بعمل واحد وكان أنو شروان العادل يأمر أصحابه أن يصعدوا إلى أعلى مكان في البلدة فينظروا إلى بيوت الناس فكل من لم يخرج من بيته دخان نزلوا وسألوا عن حاله وشأنه فإن كان في غم أعلموا السلطان وكان يحمل غمه ويزيل همه وسأل معاوية أحنف بن قيس فقال يا أبا يحيى كيف الزمان فقال الزمان أنت إن صلحت صلح الزمان وإن فسدت فسد الزمان وقال إن الدنيا عمرت بالعدل فكذلك تخرب بالجور لأن العدل يضيء نوره ويلوح تباشيره من مسيرة ألف فرسخ والجور يتراكم ظلامه ويسود قيامه عن مسيرة ألف فرسخ وقال الفضيل بن عياض لو كان دعائي مستجابا لم أدع لغير السلطان العادل لأن السلطان العادل صلاح العباد وزينة البلاد

وجاء في الخبر المقسطون على منابر اللؤلؤ يوم القيامة كلمة حكمة قال الإسكندر خير الملوك من بدل السنة السيئة بالحسنة وشر الملوك من بدل السنة الحسنة بالسنة السيئة حكاية إن ملكا شابا قال إني لأجد في الملك لذة فلا أدري كذلك يجدها الملوك أم أجدها أنا فقالوا له كذلك يجدها الملوك قال فماذا يقيم الملك فقيل يقيمه لك أن تطيع الله ولا تعصيه فدعا من كان في بلده من العلماء والصلحاء فقال لهم كونوا بحضرتي ومجلسي فما رأيتم من طاعة الله تعالى فأمروني بها وما رأيتم من معصية الله - تعالى - فازجروني عنها ففعلوا ذلك فاستقام له الملك أربعمائة سنة ثم إن إبليس أتاه يوما على صورة رجل ودخل عليه ففزع منه الملك فقال من أنت فقال إبليس أنا ملك ولكن أخبرني من أنت قال الملك أنا رجل من بني آدم قال إبليس لو كنت من بني آدم لمت كما يموت بنو آدم ولكن أنت إله فادع الناس إلى عبادتك فدخل في قلبه سوء ثم صعد المنبر فقال أيها الناس إني أخفيت عنكم أمرا حان إظهار وقته تعلمون أني ملككم اربعمائة سنة ولو كنت من بني آدم لمت كما مات بنو آدم ولكني إله فاعبدوني فأوحى الله تعالى إليه على لسان نبي زمانه أن أخبره بأني أقمت له ملكه ما استقام فتحول من طاعتي إلى معصيتي فبعزتي وجلالي لأسلطن عليه بخت نصر فلم يرجع عن ذلك فسلطه عليه فضرب عنقه وحمل من خزينته سبعين سفينة من ذهب والثامن منها أنه أشار بقوله ( فيضلك عن سبيل الله ) ( ص 26 ) إلى أن متابعة الهوى يضل صاحبه عن طريق الحق ومخالفة الهوى يهدي صاحبه إلى الجنة كما قال الله تعالى ( ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) ( النازعات 41 )
فينبغي أن يكون الملك متدينا محبا للدين والعلماء والصالحين لأن الدين والملك مثل أخوين ولدا في بطن واحد فيجب للملك أن يهتم بأمور الدين ويؤدي الفرائض والواجبات والنوافل في أوقاتها

ويجتنب الهوى والبدع والمنكر والشبهة وكل ما يرجع بنقصان الشرع وإن علم أن في ولايته من يتهم في دينه ومذهبه فيأمر بإحضاره وتهديده وزجره ووعيده فإن تاب وأناب فبها ونعمت وإلا عاقبه ونفاه عن ولايته ليطهر الولاية من إغوائه وبدعته وتخلو الولاية من أهل الأهواء ويعز الإسلام ويستديم عمارة الثغور بإنفاذ العساكر ويجتهد في إعزاز الحق ويحطاط الملك عن إزالة رونق السنة النبوية والسيرة المرضية ليحمد عند الله تعالى طريقته وتعظم في القلوب هيبته ويخاف سطوته أعداؤه ويعلو قدره ومنزلته وبهاؤه ويجب أن يعلم أن صلاح الناس في حسن سيرة الملك فينبغي للملك أن ينظر في أمور رعيته ويقف على قليلها وكثيرها وعظيمها وحقيرها ولا يشارك رعيته في الأفعال المذمومة ويجب عليه احترام العلماء والصالحين وأن يثبت على الفعل الجميل ويمنع نفسه من الفعل الردئ الثقيل ويعاقب من ارتكب القبح ولا يحابى من أصر على القبيح ليرغب الناس في الخيرات ويحذر من السيئات ومتى كان السلطان بلا سياسة وكان لا ينهى المفسد عن فساده ويتركه على مراده أفسد سائر أموره في بلاده

والتاسع منها أنه أشار في الآية بقوله ( إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ( ص 26 ) إلى أن من ضل عن سبيل الله وأصر على ذلك ولم يستغفر ولم يتب عن ضلاله فإنه يعذب في العذاب الشديد لأن الضلالة عن سبيل الله سبب لنسيان الآخرة ونسيان الآخرة سبب لنسيان الله تعالى ونسيان الله سبب للدخول في العذاب الشديد كما قال الله تعالى ( نسوا الله فنسيهم ) ( التوبة 67 ) قال بزرجمهر لا ينبغي للملك أن يكون في حفظ مملكته أقل من البستاني في حفظ بستانه إذا زرع الريحان ونبت فيه الحشيش استعجل في قلع الحشيش كي يضبط أماكن الريحان وقال أفلاطون علامة السلطان المظفر على أعدائه أن يكون قويا في نفسه حلوا في قلوب الرعية رفيقا في سائر أعماله مجربا لعهد من تقدمه خبيرا بأعمال من هو أقدم منه صلبا في دينه وكل ملك اجتمعت فيه هذه الخصال كان في عين عدوه مهيبا ولا يجد الغائب إليه عيبا وقال سقراط علامة الملك الذي يدوم ملكه أن يكون الدين والعقل حبيبي قلبه ليكون في قلوب الرعية محبوبا وأن يكون العقل قريبا منه ليكون عند العقلاء قريبا وأن يكون طالبا للعلم ليتعلم من العلماء وأن يكون فضله كثيرا ليعظم عند الفضلاء وأن يكون مبعدا عن مملكته طالب العيوب ليبعد عنه العيوب وكل ملك لم يكن له مثل هذه الخصال لا يفرح بمملكته ويسرع إليه دواعي هلكته ويتلف أقرباؤه على يديه والعاشر منها أن الله تعالى أشار بهذه الآية إلى أن الخلافة من الأمور التي تجتمع معها النبوة فلا يبقى للملوك والأمراء عذر بأن قالوا لا يحصل بالخلافة العبادة ومصالح الدين لأن الملوك يشتغلون بمصالح المسلمين بل الخلافة أتم الأمور التي بها يصلح أمور الدين والدنيا ويقرب العباد بها إلى الله - تعالى -

وأن العلم والنبوة يكملان بالخلافة فلذلك سأل سليمان - عليه السلام - الخلافة ولم يسأل العلم والنبوة كما قال الله تعالى ( وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي ) ( ص 35 ) ومن الله تعالى على آدم - عليه السلام - بالخلافة بقوله ( إني جاعل في الأرض خليفة ) ( البقرة 30 ) وخاطب داود عليه السلام بالخلافة فقال ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ) ( ص 26 ) ولم يقل جعلناك عالما أو نبيا ولأن العلم والنبوة متى قرنا بالسلطنة يزيد بهما أمور الدين والدنيا وثواب الأعمال الصالحة كما قال عليه السلام عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة ولأن الدين يقوى ويزيد عزته وشرفه بالسيف وهو يختص بالخلفاء كما دعا عليه السلام بقوله اللهم أعز الإسلام بعمر أو بأبي جهل فاستجاب الله دعاءه في عمر - رضي الله عنه - لتقديمه في الذكر ومدح النبي - عليه السلام - نفسه بالسيف بقوله عليه السلام أنا نبي السيف فلما كانت السلاطين والأمراء خليفة الله تعالى في أرضه ينبغي لهم أن يعدلوا بين الرعايا بالعفو والمساهلة بموجب الشرع ويمنعوا الظالمين عن الظلم والفسق ويقووا الضعفاء ويأدبوا الأغنياء ويكرموا الصلحاء
والفقراء ويوقروا العلماء ويعظموهم غاية التعظيم ليحرصوا على الاشتغال بتعلم العلم وتعليمه لأنه جاء في الخبر إن لكل شيء عمادا وعماد هذا الدين الفقه وقال الحكماء ليس شيء أعز من العلم لأن الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك ولهذا قال إبراهيم بن أدهم رحمة الله عليه رحمة واسعة شرار الأمراء أبعدهم من العلماء والفقراء وشرار الفقراء والعلماء أقربهم من الأمراء وينبغي للسلاطين والأمراء أن يزيدوا في وظائف العلماء والفقراء وأوقافهم لأن دولة السلاطين والملوك تزيد ببركة دعائهم كما قال عليه السلام لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر

وأيضا ينبغي لهم أن يشتاقوا أبدا إلى رؤية علماء الدين ويحرصوا على استماع نصائحهم وأن يحذروا عن رؤية العلماء السوء الذين يحرصون على الدنيا فإنهم يثنون عليك ويغرونك ويطلبون رضاك طمعا فيما في يدك من خبيث الحطام ونيل الحرام ليحصلوا منه شيئا بالمكر والحيلة والعالم الصالح هو الذي لا يطمع فيما عندك من المال ويبغضك في الوعظ والمقال وقال عليه السلام أفضل الجهاد من قال كلمة الحق عند السلطان وينبغي للسلاطين والملوك أن يقضوا حوائج الخلائق ويغتنموا قضاء حوائج الخلق لأن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال إذا أحب الله تعالى عبدا أكثر حوائج الخلق إليه وقال عليه السلام من قضى حاجة لأخيه المسلم قضى الله تعالى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ولا يحتجبوا عن الخلائق وقت حاجتهم فإن الاحتجاب وقت حوائج الخلائق أعظم آفة لزوال دولة الملوك وأعظم سبب لخراب المملكة فإنه بلغنا أن داود النبي - عليه السلام - إنما ابتلى من شدة الحجاب كما روي عن عمرو بن مرة عن رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - أنه قال من ولاه الله - تعالى - شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون

حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره وفي رواية أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته فائدة المراد باحتجاب الوالي عن أرباب الحوائج والمهمات أي يلجون عليه فيعرضونها فترفع عمن استمال ذلك والمراد باحتجاب الله تعالى ألا يجيب دعوته وأن يخيب آماله ويبعده عما يبتغيه ويمنعه عنه فلا يجد سبيلا إلى حاجته والفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الأول يستعمل في الإضرار العام والثاني في الإضرار الخاص والثالث فيما كان كاسرا للظهر وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في منفعة بر أو يسر عسير أعين على إجازة الصراط يوم دحض الأقدام وعن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه قال كان رسول الله - {صلى الله عليه وسلم} - يقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ

حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع له إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة على الصراط وينبغي للسلاطين والملوك أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر بموجب الشرع ويكون قصدهم أن يجعلوا الرعية على الراحة والأمن ليشتغلوا على الطاعة والعبادة مع فراغ البال ويؤمنوا الطرق عن السراق وقطاع الطريق ويدفعوا شر الكفار والمفسدين عن البلاد والعباد ويكونوا حريصين على الجهاد ويحرضوا الخلائق على الجهاد فإذا فعلوا هذه الأشياء يحصل في ديوان أعمالهم مثل ثواب عبادة جميع أهل مملكتهم وحينئذ يعمر الولاية ويحصل الصحة والسلامة والبركة في الأرزاق والأقوات والمياه والأمطار ويزداد عمر الملوك ويحصل الرخاء وأما إذا لم يعدلوا بين الرعية ولم يعظموا العلماء ولم يرحموا الفقراء ولم يصرفوا الأوقاف مصارفها وقطعوا الخيرات ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر فحينئذ يرسل الله تعالى عليهم سبعة أشياء كما جاء في الحديث إذا قل الدعاء نزل البلاء وإذا جار السلطان حبس المطر وإن قطر فلا منفعة له وإذا منع الزكاة ماتت مواشيهم وقحطت بلادهم وإذا قلت الصدقة كثرت الأمراض وإذا خاف بعضهم بعضا صارت الدولة للمشركين وإذا ظهر الزنا زلزلت الأرض على أهلها وإذا شهدوا شهادة الزور نزل الطاعون - وهو الوباء ومصداقه قوله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( الرعد 11 ) والله المستعان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق