الأحد، 14 ديسمبر 2014

كتاب الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء - الباب الأول في الإمامة

كتاب
الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

العلامة
محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي

دار النشر / مكتبة نزار مصطفى الباز - الرياض - 1417هـ- 1996م
عدد الأجزاء / 1

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي له القوة والقدرة والملك بتقديره تجري السفن والفلك وبحكمته البقاء والهلك قل اللهم مالك الملك لك العظمة والكبرياء والرفعة والثناء والمجد والبهاء تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء منك السراء والضراء وبتقديرك الآلاء والنعماء لك البقاء ولغيرك الفناء تعز من تشاء وتذل من تشاء أحمده على جزيل النعم وأعوذ به من وبيل النقم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وخلفائه أجمعين خصوصا على صاحبه المصلى في محرابه المقدم على سائر أصحابه البر الشفيق المكنى بعتيق ( الإمام أمير المؤمنين ) أبي بكر الصديق وعلى الزاهد الأواب والفاروق التواب زين الأصحاب حنفي المحراب وقاتل المرتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
وعلى الطاهر من كل شين المخصوص بالابنتين جامع القرآن معدن الجود والإحسان الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعلى ذي النسب الرفيع والجناب المنيع ليث بني غالب ومظهر العجائب وفارس المشارق والمغارب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعلى الإمامين الهمامين المظلومين المقتولين السعيدين الشهيدين وهما لنبينا بمنزلة السمع والعينين الحسن والحسين

وعلى عميه الحمزة والعباس وعلى جميع الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم أجمعين وسلم تسليما كثيرا كثيرا أما بعد فيقول العبد المفتقر إلى الله الغني الودود الجليل محمود بن الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الخيربيتي عفا الله عنهم وعن كافة المسلمين أجمعين لما كان ملاقاة العلماء السلاطين والأمراء والوزراء والأجناد من الأمور المستحسنة شرعا وعند الملاقاة إياهم المحاورة معهم بما يتعلق بهم من مقتضيات الأحوال التي هي من أعلى البلاغة والفصاحة خصوصا حضرة الجناب العالي صاحب القران الأعدل الأعظم الأعلم مستخدم أرباب السيف والقلم كافل مصالح أطوار الأمم افتخار صناديد العرب والعجم عضد الملوك والسلاطين ومغيث الملهوفين والمظلومين ومربي العلماء والمساكين ذي همة فلكية وسيرة ملكية الذي جنابه كعبة الآمال وعتبته مقبل الإقبال وكل من محاسن شيمه أسنة الأقلام وقصر عن شرح معاليه وأياديه ألسنة أبناء الليالي والأيام
شعر ( الكامل )
أبكى وأضحك خصمه ووليه
بالسيف والقلم الضحوك الباكي
الدر والدرى خافا جوده
فتحصنا في البحر والأفلاك

سلطان الإسلام والمسلمين الملك الظاهر محمد أبو سعيد جقمق أعلى الله - تعالى - شأنه وضاعف إحسانه وأعز أنصاره وأعوانه وبلغ في الدارين إرادته كما بلغه أبعد غايات العز والإقبال وملكه أزمة أمور الأقاليم كما ملكه أعنة الفضل والأفضال وأسبغ ظلاله على مفاريق الخواص والعوام وجعل أياديه ذخرا للأنام بحق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأولاده المعصومين العظام وأصحابه المتقين الكرام أردت امتثال أمر من أمره طاعة وحقه لا يؤدي على ما يجب ولكن على قدر الاستطاعة بأن أجمع لخزانته الشريفة نسخة مشتملة بضبط قواعد السلاطين والقضاة والأمراء والوزراء والولاة ومما لا بد منه للناس من المسائل الشرعية من المشكلات والواقعات وسميتها ( الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء ) وأسأل الله تعالى التوفيق في الفاتحة والخاتمة بمنه وجوده إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وجعلتها عشرة أبواب شاملة كما قال ( تلك عشرة كاملة ) البقرة 196
راجيا من الله تعالى في ذلك الثواب بقدر الوسع والإمكان بفضل الملك المنان وذلك في غرة ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة الباب الأول في الإمامة الباب الثاني في شروط الإمامة الباب الثالث في حكم الإمام الباب الرابع في قواعد الإمامة وأحوالها الباب الخامس في الوزارة الباب السادس في قواعد الأجناد الباب السابع في المسائل الشرعية المتعلقة بالأمراء والسلاطين الباب الثامن في الحيل الشرعية الباب التاسع في تنبيه المجيب في المسائل الشرعية الباب العاشر في المسائل المتفرقة اللهم اهدنا من عندك وأفض علينا من فضلك وانشر علينا من رحمتك وأنزل علينا من بركاتك وألهمنا القيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك وعد علينا في كل حال برفقك وانفعني بما أقول والحاضرين من خلقك برحمتك يا أرحم الراحمين ويا خير الناصرين آمين يا رب العالمين



الباب الأول في الإمامة
اعلم أن الإمام اسم لمن اؤتم به والمراد منه الخلافة وهي رياسة
عامة في الدين والدنيا لا عن دعوى النبوة فيخرج النبوة والقضاء
وفي كتاب التجريد الإمام خلافة شخص للرسول في إقامة قوانين شرعية وحفظ حوزة الإسلام على وجه يجب اتباعه على كافة الأمة وبه اختار جامع الحقائق ثم لا بد للناس من نصب إمام يقوم بمصالحهم من إنصاف المظلوم من الظالم وتنفيذ الأحكام وتزويج الأيتام وقطع المنازعة بين الأنام وإقامة الأعياد والجمع والحدود وأخذ العشور والزكاة والصدقات وصرفها إلى
مصارفها بموجب الشرع وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وقبول الشهادات القائمة على الحقوق وإقامة السياسة على العوام والحراسة لبيضة الإسلام وتجهيز جيوشهم وتقسيم غنائمهم وحفظ أموال بيت المال وأموال الغانمين وأموال اليتامى وإقامة هذه الأمور واجبة وما لا يمكن إقامة الواجب إلا به يكون واجبا واختلفوا في نصب الإمام هل يجب بالسمع أو بالعقل والسمع
أوجبه أهل السنة - وأكثر المعتزلة على الناس بالسمع والعقل
أما العقل فظاهر وأما السمع فقوله عليه السلام من مات وليس له إمام فقد مات ميتة جاهلية ويدل أيضا على وجوب نصب الإمام إجماع الصحابة بعد موت الرسول ولم يقع الاختلاف في نصب الإمام بل الاختلاف وقع في تعيين الإمام
ولا يجوز نصب إمامين في عصر واحد خلافا لبعض الروافض لأنهم يزعمون أن في كل عصر إمامين صامت وناطق فإن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لم يجوزوا ذلك لأنه روى أن الأنصار قالوا منا أمير
ومنكم أمير قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لا يصلح سيفان في غمد واحد ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فكان كون الإمام واحدا بالإجماع ولو عقدت الإمامة لاثنين فالإمام هو الأول لقوله عليه السلام من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر

وقال عليه السلام إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وإن عقدتا معا يستأنف العقد والثاني تحت يد الأول وإن أبى الثاني يقاتل كالباغي وقال في الصحائف يجوز نصب إمامين في عصر واحد إذا تباعد التلاقى بحيث لا يصل المدد من أحدهما إلى الآخر ثم ينبغي أن يكون الإمام ظاهرا في كل عصر ليمكنه القيام بما نصب هو له لأن نصب الإمام لقيام مصالح الناس ولا يصلح ذلك بالمختفى خلافا للروافض فإنهم ينتظرون إلى خروج المهدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق