الأربعاء، 13 مايو 2015

كتاب الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام – باب التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ

[بَابُ التَّوَارُثِ وَالْفَرَائِضِ]
ِ التَّوَارُثُ: تَفَاعُلٌ مِنْ وَرِثَ وَالْمِيرَاثُ: مَا صَارَ لِلْإِنْسَانِ بَعْدَ مَوْتِ آخَرَ وَالْفَرَائِضُ: جَمْعُ فَرِيضَةٍ قَالَ ابْنُ خَرُوفٍ: الْمِيرَاثُ مِفْعَالٌ مِنْ وَرِثَ يَرِثُ وِرْثًا، وَوِرَاثَةً وَالْإِرْثُ: اسْمُ الشَّيْءِ الْمَوْرُوثِ، وَهَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ كَأَشَاحَ، وَسُمِّيَ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ مِيرَاثًا، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ لِبَقَائِهِمْ بَعْدَ الْمَيِّتِ، وَلِأَخْذِهِمْ الْإِرْثَ، وَالْفَرَائِضُ: جَمْعُ فَرِيضَةٍ مِنْ وقَوْله تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] أَيْ قَدَّرْتُمْ وَأَوْجَبْتُمْ يُقَالُ: فَرَضْتُ الشَّيْءَ أَوْ فَرَضَهُ أَيْ أَوْجَبْتُهُ وَالْفَرَائِضُ لَقَبًا: هُوَ الْعِلْمُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ مِمَّا خَلَّفَهُ الْمَيِّتُ مِنْ
(2/294)

مَالٍ، أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْضُهُ، أَوْ كُلُّهُ عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ وَبِذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ بَعْضٍ أَوْ كُلٍّ وَبِالطَّرِيقِ الْعَمَلِيِّ الْمُوَصِّلِ إلَى ذَلِكَ، فَالْعِلْمُ جِنْسٌ وَقَوْلُنَا بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا هُوَ تَعْيِينُ الْوَارِثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ.
وَقَوْلُنَا: وَبِذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ هَذَا هُوَ تَعْيِينُ مِيرَاثِ كُلِّ وَارِثٍ وَقَوْلُنَا: مِنْ مَالٍ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ وَلَايَةَ النِّكَاحِ، وَالْقِيَامَ بِالدَّمِ، وَالْحَضَانَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ وَظِيفَةِ الْفَرَضِيِّ وَقَوْلُنَا: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ الْحَالَةِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُنَا: عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ احْتِرَازًا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا أَوْ وَصِيَّةً فَإِنَّ هَذَا وَظِيفَةُ الْفَقِيهِ وَلَا كَلَامَ لِلْفَرْضِيِّ فِيهِ، وَدَخَلَ فِي هَذَا الْحَدِّ مَنْ يَرِثُ أَمْوَالَ الْمُرْتَدِّينَ، وَالزَّنَادِقَةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْفَرَضِيِّ. وَلَمْ نَحْتَجْ فِي الْحَدِّ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى الْحَجْبِ لِأَنَّ مَنْ حُجِبَ عَنْ الْجَمِيعِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِالْمِيرَاثِ وَسَوَاءٌ كَانَ حَجْبُهُ بِسَبَبٍ، أَوْ بِنَسَبٍ. وَتَسْمِيَةُ هَذَا الْفَنِّ بِعِلْمِ الْفَرَائِضِ: اصْطِلَاحِيَّةٌ، وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ اللُّغَةِ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ إذَا أُطْلِقَتْ تَدْخُلُ فِيهَا الْوَاجِبَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مُقَدَّرَةً. لَكِنْ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ خَصَّصَهَا بِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ، كَمَا خُصِّصَ لَفْظُ الْفِقْهِ بِعِلْمِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدُورُ الْفَتَاوَى، وَالْأَقْضِيَةُ عَلَيْهَا، أَوْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِدَوَرَانِ لَفْظِ الْفَرْضِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُرَّاضِ، كَمَا سُمِّيَ عِلْمُ الْعَرُوضِ بِعِلْمِ الْعَرُوضِ لِدَوَرَانِ لَفْظِ الْعَرُوضِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.
الْإِرْثُ يُسْتَوْجَبُ شَرْعًا وَوَجَبْ ... بِعِصْمَةٍ أَوْ بِوَلَاءٍ أَوْ نَسَبْ
جَمِيعُهَا أَرْكَانُهُ ثَلَاثَهْ ... مَالٌ وَمِقْدَارٌ وَذُو الْوَرَثَهْ
يَعْنِي أَنَّ الْإِرْثَ يُسْتَوْجَبُ وَيُسْتَحَقُّ بِالشَّرْعِ بِمَعْنَى أَنَّ الْإِرْثَ يَجِبُ لِلْوَارِثِ وَيَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْعِ وَبَنَى يُسْتَوْجَبُ لِلْمَجْهُولِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ لَهُ هُوَ الشَّرْعُ وَالْمُرَادُ بِالشَّرْعِ هُنَا: أُصُولُ الْأَحْكَامِ الَّتِي مِنْهَا تُتَلَقَّى وَهِيَ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَوَجَبْ بِعِصْمَةٍ إلَخْ إلَى أَنَّ أَسْبَابَ الْإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: الْعِصْمَةُ، أَيْ عِصْمَةُ النِّكَاحِ، وَالْوَلَاءُ، وَالنَّسَبُ وَهُوَ: الرَّحِمُ فَأَمَّا النِّكَاحُ فَالْمُرَادُ بِهِ: عَقْدُهُ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ كَنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ خَامِسَةٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَشْهُورُهَا أَنَّ فِيهِ الْإِرْثَ مَا لَمْ يُفْسَخْ إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ فَلَا إرْثِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ إرْثِهِ فَثُبُوتُ الْإِرْثِ فِيهِ تَتْمِيمٌ لِلْغَرَضِ الْفَاسِدِ مِنْ إدْخَالِ الْوَارِثِ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَيَعْنِي بِهِ النِّسْبَةَ الَّتِي يُحْدِثُهَا الْعِتْقُ بَيْنَ الْمُعْتَقِ، وَقَرَابَتِهِ، وَمَوَالِيهِ الْأَعْلَيْنَ، وَبَيْنَ الْمُعْتَقِ وَمَنْ لِلْمُعْتَقِ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ أَوْ وَلَاءٌ هَذَا هُوَ السَّبَبُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَلَاءِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمِيرَاثِ كَقَوْلِهِمْ: الْوَلَاءُ لِلْأَقْعَدِ.
وَقَوْلُهُمْ: الِابْنُ أَوْلَى بِالْوَلَاءِ مِنْ الْأَبِ وَدَلِيلُ إرَادَةِ الْإِرْثِ لَا النِّسْبَةِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لَا تَتَبَدَّلُ عَنْ حَالِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ بَعْدَ وُجُوبِهَا. وَالسَّبَبُ الثَّالِثُ: النَّسَبُ وَيُقَالُ فِيهِ الْقَرَابَةُ، وَالرَّحِمُ وَهِيَ: الْبُنُوَّةُ، وَالْأُمُومَةُ، وَالْجُدُودَةُ، وَالْأُخُوَّةُ، وَالْعُمُومَةُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِرْثُ بِذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ الْقَرَابَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ حَيْثُ يَصِحُّ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ مَحَلَّهُ وَقَدْ تَجْتَمِعُ الثَّلَاثَةُ فَيَكُونُ الرَّجُلُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ وَمَوْلَاهَا وَابْنَ عَمِّهَا وَقَدْ يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَوْلَاهَا، وَزَوْجَهَا أَوْ زَوْجَهَا، وَابْنَ عَمِّهَا وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَقَالَ التَّوَارُثُ يَكُونُ بِشَيْئَيْنِ نَسَبٌ وَسَبَبٌ فَالنَّسَبُ: الْبُنُوَّةُ إلَى
(2/295)

آخِرِهَا وَالسَّبَبُ: النِّكَاحُ، وَالْوَلَاءُ.
(تَنْبِيهٌ) . بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ سَبَبَانِ آخَرَانِ وَهُمَا: الْمِلْكُ، وَالْإِسْلَامُ فَأَمَّا الْمِلْكُ فَإِنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يَمْلِكُ وَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِالْمِلْكِ فَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ السَّيِّدُ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَزِعَ السَّيِّدُ مَالَهُ فَقَدْ مَاتَ وَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَيْسَ هُنَالِكَ وَجْهٌ يَأْخُذُ بِهِ السَّيِّدُ مَالَهُ سِوَى الْإِرْثِ وَلَا سَبَبَ لِلْإِرْثِ سِوَى الْمِلْكِ. وَأَمَّا الْإِسْلَامُ وَهُوَ: بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ وَارِثُ الْعَيْنِ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَلِهَذَا مُنِعَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مُعَيَّنًا أَنْ يُوصِيَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَوَلَايَتُهُ وَلَايَةٌ عَامَّةٌ وَهِيَ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ شَاسٍ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَرِثَهُ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بِوَلَايَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] .
وَنَعْنِي بِاَلَّذِي بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ فِي هَذَا هُوَ عَدُّ وَلَايَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا عَدُّ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ صَرِيحًا ثُمَّ ذَكَرَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ أَرْكَانَ الْإِرْثِ: الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمِقْدَارُ مَا يَرِثُهُ كُلُّ وَارِثٍ، وَمَعْرِفَةُ مَنْ يَرِثُ مِمَّنْ لَا يَرِثُ، وَأَرْكَانُ الْمَاهِيَّةِ هِيَ: أَجْزَاؤُهُ الَّتِي تَتَرَكَّبُ مِنْهَا، وَتَخْتَلُّ بِاخْتِلَالِ بَعْضِهَا وَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَصِحُّ بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ وَمَهْمَا اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ وَضَمِيرُ جَمِيعهَا لِلْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِرْثَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ لَهُ أَرْكَانٌ ثَلَاثَةٌ لَا يَخْلُو عَنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]
َ
ذُكُورُ مَنْ حَقَّ لَهُ الْمِيرَاثُ ... عَشَرَةٌ وَسَبْعٌ الْإِنَاثُ
الْأَبُ وَالْجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلَا ... مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ بِأُنْثَى فُصِلَا
وَالزَّوْجُ وَابْنٌ وَابْنُهُ هَبْ سَفَلَا ... كَذَاكَ مَوْلَى نِعْمَةٍ أَوْ بِوَلَا
وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ لَا لِلْأُمِّ ... وَالْعَمُّ لَا لِلْأُمِّ وَابْنُ الْعَمِّ
وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ ثُمَّ الْبِنْتُ ... وَابْنَةُ الِابْنِ بَعْدَهَا وَالْأُخْتُ
وَجَدَّةٌ لِلْجِهَتَيْنِ مَا عَلَتْ ... مَا لَمْ تَكُنْ بِذَكَرٍ قَدْ فُصِلَتْ
كَذَاكَ مَوْلَاةٌ لَهَا الْعِتْقُ وَلَا ... حَقَّ لَهَا فِيمَا يَكُونُ بَالْوَلَا
وَبَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَقِلْ ... بِحَيْثُ لَا وَارِثَ أَوْ بِمَا فَضَلْ
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَدَدَ الْوَارِثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ فَأَخْبَرَ أَنَّ عِدَّةَ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ يَعْنِي وَيَتَفَرَّعُونَ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ كَمَا يَتَبَيَّنُ، وَإِنَّ عِدَّةَ النِّسَاءِ، سَبْعٌ وَيَتَفَرَّعْنَ إلَى عَشَرَةٍ فَجَعَلْتُهُمْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَارِثًا فَالرِّجَالُ: الْأَبُ، وَالْجَدُّ لَهُ أَيْ لِلْأَبِ.
وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِيُخْرِجَ الْجَدَّ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ وَارِثٌ ثُمَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ
مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ بِأُنْثَى فُصِلَا
أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ فُصِلَ عَنْ الْمَيِّتِ بِأُنْثَى وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ، وَالزَّوْجُ، وَابْنٌ، وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَهُوَ الَّذِي بَاشَرَ عِتْقَ الْمَمْلُوكِ بِنَفْسِهِ كَمَا قِيلَ
مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ بِلَا وَاسِطَةِ ... هُوَ الَّذِي يُدْعَى بِمَوْلَى النِّعْمَةِ
وَمَوْلَى الْوَلَاءِ وَهُوَ: وَلَايَةُ مَا أَعْتَقَهُ غَيْرُكَ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَالْأَخُ يَعْنِي شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَابْنٌ لِأَخٍ يَعْنِي الشَّقِيقَ أَوْ لِأَبٍ فَلِذَلِكَ قَالَ لَا لِلْأُمِّ فَإِنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ، وَالْعَمُّ يَعْنِي أَيْضًا شَقِيقًا، أَوْ لِأَبٍ فَلِذَلِكَ زَادَ أَيْضًا لَا لِلْأُمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ يَعْنِي شَقِيقًا، أَوْ لِأَبٍ لَا لِلْأُمِّ أَيْضًا وَلَمْ يَحْتَجْ لِتَقْيِيدِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَمُّ أَيْ أَخُو الْأَبِ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ فَأَحْرَى ابْنُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالنِّسَاءُ الْأُمُّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْبِنْتُ، وَابْنَةُ الِابْنِ، وَالْأُخْتُ يَعْنِي شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ، أَوْ لِأُمٍّ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لِلْجِهَتَيْنِ يَعْنِي وَأُمَّهَاتُهُمَا وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ:
مَا لَمْ تَكُنْ بِذَكَرٍ قَدْ فُصِلَتْ
أُمُّ الْجَدِّ فَيَعْنِي بِذَكَرٍ مَا عَدَا الْأَبَ الْمُبَاشِرَ لِأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الْمَيِّتِ، وَجَدَّتِهِ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ أَيْ الَّتِي بَاشَرَتْ الْعِتْقَ، وَلَا إرْثَ لَهَا فِيمَا أَعْتَقَهُ غَيْرُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِيمَا يَكُونُ بِالْوَلَا فَهَؤُلَاءِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ. وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَخُو الْجَدِّ، وَبَنُوهُ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَا نَعْنِي بِأَخِ الْجَدِّ أَخَا الْجَدِّ الْمُبَاشِرَ فَقَطْ بَلْ هُوَ عَمُّ الْأَبِ، وَأَخُو الْجَدِّ الَّذِي
(2/296)

فَوْقَهُ وَهُوَ عَمُّ الْجَدِّ وَكَذَا أَخُو مَنْ فَوْقَهُمَا مِنْ الْأَجْدَادِ وَبَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ فَإِنَّ التَّرِكَةَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
(قَالَ الْحَطَّابُ) أَطْلَقَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَالِي يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ ظَاهِرَ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ وَارِثٌ إذَا كَانَ الْوَالِي يَصْرِفُهُ فِي وُجُوهِهِ فَإِنْ كَانَ يَصْرِفُهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِهِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقِيلَ يُرَدُّ لِذَوِي الْأَرْحَامِ (الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ) مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُتَصَدَّقُ بِمَا تَرَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يُخْرِجُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلْيَدْفَعْ إلَيْهِ. (وَقَالَ ابْنُ نَاجِي) إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا دَفَعَ إلَيْهِ وَاجِدُ الرِّكَازِ الْخُمْسَ يَصْرِفُهُ فِي مَحِلِّهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَقَالَ مَالِكُ: يَتَصَدَّقُ بِهِ الْوَاجِدُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَعْبَثُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْعُشْرُ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ الْوَرَثَةِ وَلَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ بَيْتَ مَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْتُ ظُلْمٍ. اهـ. قَالَ الْحَطَّابُ وَكَلَامُهُمْ يُبَيِّنُ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مَعْدُومٌ فِي زَمَانِنَا انْتَهَى. بِاخْتِصَارٍ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمِيرَاثِ]
ِ
الْحَالُ فِي الْمِيرَاثِ قَدْ تَقَسَّمَا ... إلَى وُجُوبٍ وَلِحَجْبٍ قُسِّمَا
لِحَجْبِ الْإِسْقَاطِ أَوْ النَّقْلِ وَذَا ... لِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ أَبْدَى مَنْفَذَا
يَعْنِي أَنَّ الْمِيرَاثَ يَنْقَسِمُ إلَى حَالَتَيْنِ: حَالَةُ وُجُوبٍ، وَحَالَةُ حَجْبٍ، وَمَعْنَى وُجُوبِهِ لُزُومُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ بِحَيْثُ لَا يُحْجَبُ عَنْهُ أَصْلًا بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ وَذَلِكَ كَالْأَبَوَيْنِ، وَالْأَوْلَادِ، وَالزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ كَمَا يَذْكُرُهُ النَّاظِمُ أَوَّلَ فَصْلِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ حَيْثُ قَالَ
وَلَا سُقُوطَ لِأَبٍ وَلَا وَلَدْ ... وَلَا لِزَوْجَيْنِ وَلَا أُمٍّ فَقَدْ
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ حَالَةُ الْحَجْبِ تَنْقَسِمُ إلَى حَجْبِ الْإِسْقَاطِ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ الصُّلْبِ، وَإِلَى حَجْبِ نَقْلٍ مِنْ حَالٍ لِحَالٍ أُخْرَى وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
النَّقْلُ مِنْ فَرْضٍ لِفَرْضٍ دُونَهُ، كَالزَّوْجَةِ فَرْضُهَا الرُّبُعُ حَيْثُ لَا وَلَدَ لِلزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، انْتَقَلَتْ لِلثُّمُنِ، وَالنَّقْلُ مِنْ فَرْضٍ إلَى تَعْصِيبٍ وَذَلِكَ مِثْلُ: الْأُخْتِ، وَالْأَخَوَاتِ فَرْضُ الْوَاحِدَةِ: النِّصْفُ وَالْأَكْثَرِ الثُّلُثَانِ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةٌ انْتَقَلْنَ إلَى التَّعْصِيبِ يَأْخُذْنَ مَا فَضَلَ عَنْ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَالنَّقْلُ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى فَرْضٍ وَذَلِكَ كَالْأَبِ فَإِنَّهُ عَاصِبٌ فَإِذَا كَانَ مَعَ الِابْنِ انْتَقَلَ إلَى فَرْضٍ وَهُوَ: السُّدْسُ فَقَوْلُ النَّاظِمِ: وَذَا أَيْ حَجْبُ النَّقْلِ لِفَرْضٍ يَشْمَلُ النَّقْلَ مِنْ فَرْضٍ لِفَرْضٍ كَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَالنَّقْلُ مِنْ التَّعْصِيبِ إلَى الْفَرْضِ كَالْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعْصِيبٍ أَيْ النَّقْلُ مِنْ الْفَرْضِ إلَى التَّعْصِيبِ وَذَلِكَ كَالْوَجْهِ الثَّانِي وَمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَالتَّرْجَمَةِ، وَالتَّوْطِئَةِ لِمَا يَأْتِي لَهُ مِنْ ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ وَحَجْبِ النَّقْلِ إلَى الْفَرْضِ، وَحَجْبِ النَّقْلِ إلَى التَّعْصِيبِ

[فَصْلٌ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ]
ُ (الْمِقْدَارُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْإِرْثُ)
الْقَدْرُ يُلْغَى بِاشْتِرَاكٍ فِيهِ ... فِي جُمْلَةِ الْمَتْرُوكِ أَوْ بَاقِيهِ
أَوْ بِانْفِرَادٍ بِاحْتِيَازِ الْمَالِ ... أَجْمَعَ فِيهِ وَهُوَ فِي الرِّجَالِ
عَدَا أَخًا لِلْأُمِّ وَالزَّوْجِ وَفِي ... مَوْلَاةِ نِعْمَى حُكْمُ ذَلِكَ اُقْتُفِيَ
لَمْ أَرَ مِثْلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَالْمُرَادُ أَنَّ التَّرِكَةَ تَارَةً يَشْتَرِكُ الْوَرَثَةُ فِي جَمِيعِهَا وَذَلِكَ إذَا كَانُوا ذَوِي سِهَامٍ وَالْفَرِيضَةُ عَادِلَةٌ أَيْ اسْتَغْرَقَ الْوَرَثَةُ جَمِيعَ الْمَالِ وَذَلِكَ إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً أَوْلَادًا أَوْ إخْوَةً أَوْ بَنِي عَمٍّ.
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: الْقَدْرُ يُلْغَى بِاشْتِرَاكٍ فِيهِ فِي جُمْلَةِ الْمَتْرُوكِ وَتَارَةً يَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبَاقِي، كَبِنْتٍ، وَعَصَبَةٍ فَيَشْتَرِكُ الْعَصَبَةُ فِي النِّصْفِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
(2/297)

أَوْ بَاقِيهِ وَتَارَةً يَنْفَرِدُ وَارِثٌ بِجَمِيعِهَا وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهُ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إلَّا فِي الرِّجَالِ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ وَالْعَاصِبُ يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ مَا عَدَا الْأَخَ لِلْأُمِّ، وَالزَّوْجَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إلَّا السُّدْسُ، وَلَيْسَ لِلثَّانِي إلَّا النِّصْفُ، أَوْ الرُّبُعُ إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ابْنَ عَمٍّ فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالْمَالِ بَعْضُهُ بِالْفَرْضِ، وَبَعْضُهُ بِالتَّعْصِيبِ، وَكَذَلِكَ مَوْلَاةُ النِّعْمَةِ تَنْفَرِدُ بِالْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِمُعْتَقِهَا وَارِثٌ مِنْ النَّسَبِ وَلَمْ أَفْهَمْ وَجْهَ تَعْبِيرِ النَّاظِمِ بِالْمِقْدَارِ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ مَجْمُوعَ التَّرِكَةِ وَتَكُونُ الْبَاءُ مِنْ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ ظَرْفِيَّةً بِمَعْنَى فِي.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ]
ِ حَالَاتِ وُجُوبِ الْمِيرَاثِ
وَيَحْصُلُ الْمِيرَاثُ حَيْثُ حُتِمَا ... بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ أَوْ كِلَيْهِمَا
وَالْمَالَ يَحْوِي عَاصِبٌ مُنْفَرِدُ ... أَوْ مَا عَنْ الْفُرُوضِ بَعْدُ يُوجَدُ
وَقِسْمَةٌ فِي الْحَالَتَيْنِ مُعْمِلَهْ ... إمَّا عَلَى تَفَاضُلٍ أَوْ مَعْدِلَهْ
يَعْنِي أَنَّ الْإِرْثَ يَكُونُ تَارَةً بِالْفَرْضِ كَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ، وَتَارَةً بِالتَّعْصِيبِ كَالِابْنِ، وَتَارَةً بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا كَالْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لَهُ السُّدْسُ ثُمَّ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخَذَهُ بِالتَّعْصِيبِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ، هِيَ الْمُرَادُ بِالْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّرْجَمَةِ. وَالْوَارِثُ بِالتَّعْصِيبِ إنْ انْفَرَدَ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَوِي فَرْضٍ، أَخَذَ مَا فَضْلَ عَنْهُمْ.
وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي " وَالْمَالَ " مَفْعُولُ يَحْوِي ثُمَّ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ إلَى أَنَّ الْعَاصِبَ إذَا تَعَدَّدَ إمَّا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْفُرُوضِ كَالْأَوْلَادِ، أَوْ الْإِخْوَةِ، أَوْ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ، كَالْأُمِّ، وَالزَّوْجَةِ وَالْإِخْوَةِ فَإِنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمَالِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ فِي الثَّانِي يُقَسَّمُ بَيْنَ الْعَصَبَةِ إمَّا عَلَى: التَّفَاضُلِ كَمَا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَإِمَّا عَلَى السَّوَاءِ وَالِاعْتِدَالِ وَذَلِكَ إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا وَمُرَادُهُ بِالْحَالَتَيْنِ حَالَةُ عَدَمِ ذَوِي الْفُرُوضِ وَحَالَةُ وُجُودِهِمْ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا]
(أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَأُصُولِهَا)
ثُمَّ الْفَرَائِضُ الْبَسَائِطُ الْأُوَلْ ... سِتَّةٌ الْأُصُولُ مِنْهَا فِي الْعَمَلْ
أَوَّلُهَا النِّصْفُ لِخَمْسَةٍ جُعِلْ ... الْبِنْتِ وَالزَّوْجِ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ
وَلِابْنَةِ ابْنٍ وَلِأُخْتٍ لَا لِأُمْ ... وَنِصْفُهُ الرُّبُعُ بِهِ الزَّوْجَيْنِ أُمْ
وَنِصْفُهُ الثُّمْنُ لِزَوْجَةٍ وَفِي ... تَعَدُّدٍ قِسْمَةُ حَظَّيْهَا اُقْتُفِيَ
وَالثُّلُثَانِ حِصَّةٌ لِأَرْبَعِ ... بَنَاتِ صُلْبٍ وَبَنَاتِ ابْنٍ فَعِ
وَالْأُخْتِ لَا لِلْأُمِّ فِي التَّعْدَادِ ... وَالثُّلُثُ لِلْجَدِّ بِرَجْحٍ بَادِ
وَالْأُمِّ دُونَ حَاجِبٍ وَالْإِخْوَهْ ... لَهَا وَهُمْ فِي قَسْمِ ذَاكَ أُسْوَهْ
وَنِصْفُهُ السُّدْسُ لِأُمٍّ وَأَبِ ... وَلِابْنَةِ ابْنٍ وَلِجَدٍّ اُجْتُبِيَ
وَجَدَّةٍ وَلِأَخٍ مِنْ أُمِّ ... وَاشْمَلْ لِأُخْتٍ جِهَةً فِي الْحُكْمِ
(2/298)

اعْلَمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى مَسَائِلَ.
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) الْفَرَائِضُ وَالْمُرَادُ بِهَا: الْأَجْزَاءُ الْمَحْدُودَةُ شَرْعًا الْمَعْلُومُ نِسْبَتُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ. وَهِيَ سِتَّةٌ: النِّصْفُ، وَالرُّبُعُ، وَالثُّمْنُ، وَالثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ، وَالسُّدْسُ، (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) أَهْلُ الْفَرَائِضِ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا وَهُمْ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فِيمَا بَيْنَ رِجَالٍ، وَنِسَاءٍ فَأَصْحَابُ النِّصْفِ: خَمْسَةٌ، وَأَصْحَابُ الرُّبُعِ: اثْنَانِ، وَأَصْحَابُ الثُّمُنِ: وَاحِدٌ، وَأَصْحَابُ: الثُّلُثَيْنِ: أَرْبَعَةٌ، وَأَصْحَابُ الثُّلُثِ: اثْنَانِ، وَأَصْحَابُ السُّدْسِ: سَبْعَةٌ وَبَيَانُهُمْ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ فَلَا نُطَوِّلُ بِتَسْمِيَتِهِمْ الْآنَ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) أُصُولُ الْمَسَائِلِ أَيْ الْأَعْدَادُ الَّتِي تُقَوَّمُ مِنْهَا الْفَرِيضَةُ وَهِيَ سَبْعَةٌ: اثْنَانِ، وَأَرْبَعَةٌ، وَثَمَانِيَةٌ، وَثَلَاثَةٌ، وَسِتَّةٌ، وَاثْنَا عَشَرَ، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ هَذِهِ الْأُصُولُ عَلَى قِسْمَيْنِ:
مِنْهَا مُرَكَّبٌ وَمِنْهَا بَسِيطٌ غَيْرُ مُرَكَّبٍ فَالْمُرَكَّبُ: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ فَرْضَانِ فَأَكْثَرَ، وَذَلِكَ الِاثْنَا عَشَرَ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ حَتَّى يَكُونَ فِيهَا فَرْضَانِ فَأَكْثَرُ، كَالرُّبُعِ، وَالثُّلُثِ، وَذَلِكَ كَزَوْجَةٍ، وَأُمٍّ، أَوْ الرُّبُعُ، وَالسُّدْسُ، كَزَوْجَةٍ، وَأَخٍ، وَكَذَلِكَ الْأَرْبَعُ وَالْعِشْرُونَ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعَدُّدِ الْفَرْضِ كَالثُّمُنِ، وَالسُّدْسِ كَزَوْجَةٍ، وَأُمٍّ، وَأَوْلَادٍ، أَوْ الثُّمُنُ، وَالثُّلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ آخِرَ هَذَا الْفَصْلِ حَيْثُ قَالَ
(2/299)

وَالْأَصْلُ بِالتَّرْكِيبِ ضِعْفُ سِتَّهْ ... وَضِعْفُهُ لَا غَيْرُ ذَيْنِ الْبَتَّهْ
وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ مِنْ الْأُصُولِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعَدُّدُ الْفَرْضِ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا نِصْفَانِ كَزَوْجٍ، وَأُخْتٍ، أَوْ نِصْفٌ فَقَطْ كَزَوْجٍ.
وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا فَرْضٌ وَاحِدٌ كَسُدُسٍ، أَوْ أَكْثَرَ وَسُدُسٍ وَثُلُثَيْنِ مَثَلًا كَأُمٍّ، وَأَخٍ لِأُمٍّ، وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَاَلَّذِي يَنْقَسِمُ إلَى مُرَكَّبٍ وَبَسِيطٍ: هُوَ أُصُولُ الْمَسَائِلِ لَا الْفَرَائِضُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ بِالتَّرْكِيبِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَالْفَرْضُ بِالتَّرْكِيبِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " ثُمَّ الْفَرَائِضُ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ثُمَّ أُصُولُ الْفَرَائِضِ الْبَسَائِطِ الْأُوَلِ فَيَكُونَ الْوَصْفُ بِالْبَسَائِطِ رَاجِعًا لِلْأُصُولِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَسَائِطَ مِنْ الْأُصُولِ خَمْسَةٌ فَقَطْ لَا سِتَّةٌ، وَانْظُرْ هَلْ يَسْهُلُ الْبَحْثُ بِجَعْلِ الْبَسَائِطِ وَصْفًا كَاشِفًا لَا مَفْهُومَ لَهُ؟
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: الْأُصُولُ مِنْهَا فِي الْعَمَل أَنَّ أُصُولَ الْمَسَائِلِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَرَائِضِ فِي عَمَلِ الْفَرِيضَةِ فَإِذَا كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ لَهُ النِّصْفُ، قِيلَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ اثْنَيْنِ، أَوْ صَاحِبِ ثُلُثٍ فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ صَاحِبِ رُبُعٍ فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقِسْ فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ لَهُ جُزْءَانِ كَمَنْ لَهُ رُبُعٌ، وَثُلُثٌ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلٍ مُرَكَّبٍ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ مَثَلًا وَهَكَذَا ثُمَّ شَرَعَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ الْفَرَائِضِ الْمَحْدُودَةِ وَأَصْحَابِهَا فَأَخْبَرَ أَنَّ أَصْحَابَ النِّصْفِ خَمْسَةٌ الزَّوْجُ فِي فَقْدِ الْوَلَدِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ أَيْ عَنْ النِّصْفِ لِلرُّبُعِ لِوُجُودِ الْوَلَدِ، وَالْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ، وَبِنْتِ الِابْنِ فِي عَدَمِ الْبِنْتِ، وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِلْأَبِ فِي عَدَمِ الشَّقِيقَةِ وَلِإِخْرَاجِ الَّتِي لِلْأُمِّ زَادَ قَوْمٌ لَا لِأُمٍّ وَأَنَّ أَصْحَابَ الرُّبُعِ: اثْنَانِ: الزَّوْجُ مَعَ الْوَلَدِ لِلزَّوْجَةِ، وَالزَّوْجَةُ فِي فَقْدِ الْوَلَدِ لِلزَّوْجِ.
وَأُمْ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ أَمَّ بِمَعْنَى قَصَدَ تَكْمِيلٌ لِلْبَيْتِ وَأَنَّ الثُّمْنَ لِوَاحِدٍ وَهُوَ الزَّوْجَةُ مَعَ الْوَلَدِ لِلزَّوْجِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الزَّوْجَاتُ اقْتَسَمْنَ الْوَاجِبَ لَهُنَّ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ عَلَى عَدَدِهِنَّ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَفِي تَعَدُّدٍ قِسْمَةُ حَظَّيْهَا اُقْتُفِيَ. وَأَنَّ أَصْحَابَ الثُّلُثَيْنِ: أَرْبَعَةٌ الْبِنْتَانِ، فَأَكْثَرُ، وَبِنْتَا الِابْنِ فِي عَدَمِ الْبِنْتِ، وَالْأُخْتَانِ الشَّقِيقَتَانِ، وَاللَّتَانِ لِلْأَبِ فِي عَدَمِ الشَّقِيقَةِ دُونَ الَّتِي لِلْأُمِّ وَلِذَلِكَ زَادَ قَوْلَهُ لَا لِلْأُمِّ وَأَنَّ أَصْحَابَ الثُّلُثِ: ثَلَاثَةٌ الْجَدُّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ حَيْثُ يَكُونُ أَفْضَلَ وَلِذَلِكَ قَالَ بِرَجْحٍ بَادٍ أَيْ ظَاهِرٍ، وَالْأُمُّ فِي فَقْدِ الْوَلَدِ، وَفَقْدِ تَعَدُّدِ الْإِخْوَة وَلِذَلِكَ قَالَ: دُونَ حَاجِبٍ، وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ إنْ تَعَدَّدُوا وَيُقَسِّمُونَ ثُلُثَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِمْ وَهُمْ فِي قَسْمِ ذَاكَ أُسْوَةٌ.
وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعُدَّ الْجَدَّ مَعَ أَصْحَابِ الثُّلُثِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ أَصْحَابَ السُّدْسِ سَبْعَةٌ: الْأُمُّ مَعَ الْوَلَدِ، أَوْ مَعَ تَعَدُّدِ الْإِخْوَةِ، وَالْأَبُ مَعَ الْوَلَدِ، وَبِنْتُ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ، وَالْوَاحِدُ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ، وَالْجَدُّ إذَا كَانَ السُّدْسُ أَفْضَلَ لَهُ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ اُجْتُبِيَ أَيْ اُخْتِيرَ وَلِلْجَدَّةِ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَإِنْ اجْتَمَعَتَا كَانَ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَتَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رَمَزَ أَهْلُ الْفَرَائِضِ لِهَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ بِحُرُوفٍ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: هبادبز بِحِسَابِ الْجُمَلِ، فَالْهَاءُ رَمْزٌ لِأَصْحَابِ النِّصْفِ وَالْبَاءُ لِأَصْحَابِ الرُّبُعِ، وَالْأَلِفُ لِأَصْحَابِ الثُّمُنِ، وَالدَّالُ لِأَصْحَابِ الثُّلُثَيْنِ، وَالْبَاءُ بَعْدَ الدَّالِ لِأَصْحَابِ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَجْعَلْ الْجَدَّ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَهُ أَحْوَالٌ لَا يُضْبَطُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالزَّايُ لِأَصْحَابِ السُّدْسِ وَقَوْلُهُ:
وَاشْمَلْ لِأُخْتٍ جِهَةً فِي الْحُكْمِ
يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ: السُّدْسُ يَشْمَلُ الْأُخْتَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَلَا إشْكَالَ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ يَعْنِي مَعَ الشَّقِيقَةِ.
فَإِنْ يَضِقْ عَنْ الْفُرُوضِ الْمَالُ ... فَالْعَدْلُ إذْ ذَاكَ لَهُ اسْتِعْمَالُ
الْفَرَائِضُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا عَادِلَةٌ: وَهِيَ الَّتِي فُرُوضُهَا مِثْلُ سِهَامِ أَصْحَابِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَذَلِكَ كَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، وَأُمٍّ، وَأَخٍ لِأُمٍّ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ أَوْ نَاقِصَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَفْضُلُ بَعْضُ أَجْزَائِهَا عَنْ سِهَامِ أَهْلِهَا كَزَوْجٍ، وَبِنْتٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى وَاحِدٌ، أَوْ عَائِلَةٌ: وَهِيَ الَّتِي
(2/300)

فُرُوضُهَا أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِهَا وَهِيَ الَّتِي فِي بَيْتِ النَّاظِمِ كَزَوْجٍ، وَأُخْتٍ، وَأُمٍّ فَإِنَّ أَصْلَهَا مِنْ سِتَّةٍ لِأَجْلِ النِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، فَالنِّصْفُ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَمِثْلُهَا لِلْأُخْتِ وَفَرَغَ الْمَالُ فَيُعَالُ لِلْأُمِّ بِثُلُثِ السِّتَّةِ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ.
وَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ يَقُولُ التِّلْمِسَانِيُّ:
وَكُلُّ ذِي فَرْضٍ يُبَدَّى أَوَّلَا ... وَبَعْدَهُ لِعَاصِبٍ مَا فَضَلَا
وَالْمَالُ إنْ ذَوُو السِّهَامِ حَصَّلَهْ ... فَكُلُّ مَنْ يَعْصِبُهُ لَا شَيْءَ لَهْ
وَإِنْ تَكَاثَرَتْ عَلَى الْمَالِ الْفُرُوضْ ... وَلَمْ يَكُنْ بِكُلِّهَا لَهُ نُهُوضْ
فَذَاكَ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ الْعَوْلُ ... حَسْبَمَا يَكُونُ فِيهِ الْقَوْلُ
اهـ وَفِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْعَوْلِ أَنْشَدَ السَّطِّيُّ فِي شَرْحِ الْحَوفِيِّ:
وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُبَاهَلَهْ ... أَوَّلُ مَا كَانَتْ بِعَوْلٍ نَازِلَهْ
زَوْجٌ وَأُمٌّ دُنْيَةً وَأُخْتُ ... نِصْفَانِ وَالثُّلُثُ عَلَيْهِمْ غَتُّ
مَا نَزَلَتْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ ... وَلَا أَبِي بَكْرٍ أَبِي الْبَتُولِ
حَتَّى أَتَتْ خِلَافَةُ الْفَارُوقِ ... وَاغْتُصَّتْ الْأَرْيَاقُ فِي الْحُلُوقِ
فَاجْتَمَعَ الْفَارُوقُ بِالْعَبَّاسِ ... وَاجْتَمَعَ الْحَفْلُ بِخَيْرِ النَّاسِ
فَاسْتَحْسَنَ الْعَبَّاسُ طَرْدَ الْعَوْلِ ... وَأَخَذَ الْكُلُّ بِذَاكَ الْقَوْلِ
وَمَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِلْخِلَافِ ... وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْكَلَامِ الْجَافِي
لِهَيْبَةٍ كَانَتْ عَلَى الْفَارُوقِ ... وَمَا لِعَبَّاسٍ مِنْ الْحُقُوقِ
وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ رُبُعُ مَا بِيَدِهِ فَتَنْسِبُ الْعَوْلَ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجُ مَا عَالَتْ بِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ ثُلُثٌ، وَانْسِبْ الْعَوْلَ أَيْضًا لِمَجْمُوعِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا يَخْرُجُ مَا اُنْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ هُوَ الرُّبُعُ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ رُبُعٌ، وَإِنْ عَالَتْ السِّتَّةُ لِسَبْعَةٍ قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ سُدُسِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ سُبُعُ مَا بِيَدِهِ، وَلِتِسْعَةٍ قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ نِصْفِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ، وَلِعَشَرَةٍ قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ خُمُسُ مَا بِيَدِهِ، وَإِنْ عَالَتْ الِاثْنَا عَشَرَ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ قُلْتُ: عَالَتْ بِنِصْفِ سُدُسِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَلِخَمْسَةَ عَشَرَ.
قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ رُبُعِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ خُمُسُ مَا بِيَدِهِ وَلِسَبْعَةَ عَشَرَ قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا وَرُبُعِ ثُلُثِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَإِنْ عَالَتْ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ قُلْتُ: عَالَتْ بِمِثْلِ ثُمُنِهَا وَانْتُقِصَ لِكُلِّ وَارِثٍ تُسْعُ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَعُولُ مِنْ الْفَرَائِضِ إلَّا هَذِهِ الثَّلَاثُ السِّتَّةُ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ كَزَوْجٍ، وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، أَوْ لِأَبٍ، وَأَخٍ لِأُمٍّ وَلِثَمَانِيَةٍ كَالْمُبَاهَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِثَالًا لِكَلَامِ النَّاظِمِ وَلِتِسْعَةٍ كَزَوْجٍ، وَأُخْتٍ، وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ، وَلِعَشَرَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ، وَأُمٍّ، وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ، وَالِاثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتَيْنِ وَلِخَمْسَةِ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ: الْمِنْبَرِيَّةُ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ التِّلْمِسَانِيُّ:
ثَلَاثَةٌ مِنْهَا تَعُولُ وَصْفُهَا ... السِّتُّ ثُمَّ ضِعْفُهَا وَضِعْفُهَا
فَالسِّتُّ فَاعْلَمْ دُونَ مَا نِزَاعِ ... تَعُولُ بِالْإِفْرَادِ وَالْإِشْفَاعِ
وَتَنْتَهِي فِي عَوْلِهَا لِعَشَرَهْ ... وَكَانَ ذَاكَ الْعَوْلُ فِيهَا أَكْثَرَهْ
وَضِعْفُهَا تَعُولُ بِالْإِفْرَادِ ... لِسَبْعَ عَشَرَةَ بِلَا تَمَادِي
وَعَوْلُ أَرْبَعٍ مَعَ الْعِشْرِينَا ... يُنْمَى لِسَبْعٍ بَعْدَهَا يَقِينَا
اهـ وَسُمِّيَتْ الْفَرِيضَةُ: عَائِلَةً مِنْ الْعَوْلِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ فِيهَا فُرُوضٌ لَا يَفِي بِهَا جُمْلَةُ الْمَالِ وَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ حَاجِبٍ وَلَا تَخْصِيصُ بَعْضِ ذَوِي الْفُرُوضِ بِالنَّقْصِ دُونَ بَعْضٍ فَزِيدَ فِي الْفَرِيضَةِ سِهَامٌ حَتَّى يَتَوَزَّعَ النَّقْصُ عَلَى الْجَمِيعِ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ فَرْضِهِ إلْحَاقًا
(2/301)

لِأَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِأَصْحَابِ الدُّيُونِ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْجَوَاهِرِ، وَفِي الرِّسَالَةِ فَإِذَا اجْتَمَعَ مَنْ سُمِّيَ لَهُ سَهْمٌ مَعْلُومٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ أُدْخِلَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ الضَّرَرُ، وَقُسِّمَتْ الْفَرِيضَةُ عَلَى مَبْلَغِ سِهَامِهِمْ
وَالرُّبُعُ كَالثُّلُثِ وَكَالثُّلُثَيْنِ ... تَعْدَمُهُ فَرِيضَةٌ مِثْلَيْنِ
وَثُمُنٌ بِالرُّبُعِ غَيْرُ مُلْتَقِي ... وَغَيْرُ ذَاكَ مُطْلَقًا قَدْ يَلْتَقِي
وَالْأَصْلُ بِالتَّرْكِيبِ ضِعْفُ سِتَّهْ ... وَضِعْفُهُ لَا غَيْرَ ذَيْنِ الْبَتَّهْ
أَفَادَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا يَجْتَمِعُ فِيهَا رُبُعَانِ، وَلَا ثُلُثَانِ بِحَيْثُ يَكُونُ الرُّبُعُ لِشَخْصٍ وَالرُّبُعُ الْآخَرُ لِشَخْصٍ آخَرَ، وَالثُّلُثُ لِصِنْفٍ وَالثُّلُثُ الْآخَرُ لِصِنْفٍ آخَرَ وَلَا يَجْتَمِعُ أَيْضًا ثُلُثَانِ وَثُلُثَانِ كَذَلِكَ، أَمَّا الرُّبُعُ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا لِلزَّوْجِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَّا لِزَوْجَةٍ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ قُسِمَ بَيْنَهُنَّ لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الثُّلُثُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ إمَّا لِلْأُمِّ فِي عَدَمِ تَعَدُّدِ الْإِخْوَةِ، أَوْ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَتُنْقَلُ الْأُمُّ لِلسُّدْسِ إنْ كَانَتْ، وَإِمَّا لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ فَقَطْ فَلَا أُمَّ، وَأَمَّا مَعَ الْإِخْوَةِ، وَذَوِي الْفُرُوضِ فَإِنَّمَا لَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ الْآنَ وَكَذَلِكَ الثُّلُثَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ ثُلُثَيْنِ آخَرَيْنِ فِي فَرِيضَةٍ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِلْبِنْتَيْنِ أَوْ لِبِنْتَيْ الِابْنِ فِي عَدَمِهِمَا أَوْ لِلْأُخْتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ اللَّتَيْنِ لِلْأَبِ فِي عَدَمِ الشَّقِيقَتَيْنِ وَمَعَهُمَا وُجِدَتْ بِنْتَانِ لَمْ يَبْقَ لِبَنَاتِ الِابْنِ إلَّا ثُلُثٌ إنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ وَكَانَ الْبَاقِي لِلْأُخْتَيْنِ بِالتَّعْصِيبِ وَكَذَلِكَ بَنَاتُ الِابْنِ مَعَ الْأَخَوَاتِ يَرِثُ الْأَخَوَاتُ مَا فَضَلَ عَنْهُنَّ وَأَفَادَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا يَجْتَمِعُ فِيهَا الثُّمُنُ وَالرُّبُعُ لِأَنَّ الرُّبُعَ إمَّا لِلزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ.
فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الثُّمُنِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا لِلزَّوْجَةِ مَعَ الْوَلَدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ قَدْ يَلْتَقِيَانِ كَالرُّبُعِ، وَالثُّلُثِ كَزَوْجَةٍ، وَأُمٍّ، وَالرُّبُعِ وَالثُّلُثَيْنِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُخْتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَفَادَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَصْلَ بِالتَّرْكِيبِ هُوَ الِاثْنَا عَشَرَ وَضِعْفُهُ، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَعَنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَبَّرَ بِضِعْفِ السِّتَّةِ، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ مُرَكَّبَيْنِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا تُقَوَّمُ مِنْهُمَا إلَّا إذَا كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرْضَانِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَقَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا فَرْضٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْسِيمُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ إلَى مُرَكَّبٍ، وَبَسِيطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مَا شَرَحَ بِهِ الشَّارِحُ هَذَا الْبَيْتَ الثَّالِثَ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ مِنْهُ بَيَانَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الْفَرِيضَةُ إذَا دَخَلَهَا الْعَوْلُ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَقَدْ أَخَلَّ بِالسِّتَّةِ لِقَوْلِهِ لَا غَيْرَ ذَيْنِ وَهِيَ تَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ]
ِ حَجْبِ الْإِسْقَاطِ
وَلَا سُقُوطَ لِأَبٍ وَلَا وَلَدْ ... وَلَا لِزَوْجَيْنِ وَلَا أُمٍّ فَقَدْ
الْحَجْبُ: الْمَنْعُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: حَجْبُ إسْقَاطٍ، وَحَجْبُ نَقْلٍ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِحَجْبِ النَّقْصِ وَسَيَأْتِي فِي التَّرْجَمَةِ بَعْدَ هَذِهِ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْوُرَّاثِ مَنْ لَا يُحْجَبُ بِحَالٍ قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْكَلَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا يُحْجَبُ حَجْبَ نَقْصٍ أَوْ حَجْبَ إسْقَاطٍ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَبَوَيْنِ، وَالْأَوْلَادَ وَالزَّوْجَيْنِ، لَا يَسْقُطُونَ بِحَالٍ وَمَنْ عَدَاهُمْ قَدْ يَسْقُطُ وَقَدْ لَا.
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْحَجْبُ عَلَى قِسْمَيْنِ: حَجْبُ إسْقَاطٍ، وَحَجْبُ نَقْلٍ، فَأَمَّا حَجْبُ الْإِسْقَاطِ فَلَا يَلْحَقُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ كَالْبَنِينَ، وَالْبَنَاتِ، وَالْآبَاءِ، وَالْأُمَّهَاتِ وَفِي مَعْنَاهُمْ الْأَزْوَاجُ وَالزَّوْجَاتُ وَيَلْحَقُ مَنْ عَدَاهُمْ اهـ وَمَعْنَى فَقَدْ فَحَسْبُ
وَالْجَدُّ يَحْجُبُهُ الْأَدْنَى فَالْأَبُ ... كَذَا ابْنُ الْأَبْنَاءِ بِالْأَعْلَى يُحْجَبُ
وَبِأَبٍ وَابْنٍ وَبِابْنِ ابْنٍ حُجِبْ ... إخْوَةُ مَنْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ يَجِبْ
كَذَا بَنُو الْإِخْوَةِ أَيْضًا حُجِبُوا ... بِالْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ ضَمَّهُمْ أَبُ
وَالْجَدُّ بِالْحَجْبِ لِإِخْوَةٍ دَهَا ... فِيمَا انْتَمَتْ لِمَالِكٍ وَشِبْهِهَا
وَابْنُ أَخٍ بِالْحَجْبِ لِلْعَمِّ وَفَى ... وَالْعَمُّ لِابْنِ الْعَمِّ مَا كَانَ كَفَى
(2/302)

يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ يَحْجُبُهُ عَنْ الْمِيرَاثِ الْجَدُّ الَّذِي هُوَ أَدْنَى وَأَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ مِنْهُ، فَإِذَا هَلَكَ وَتَرَك جَدَّهُ، وَجَدَّ أَبِيهِ فَإِنَّ جَدَّهُ يَحْجُبُ جَدَّ أَبِيهِ.
وَكَذَلِكَ الْأَبُ يَحْجُبُ الْجَدَّ فَيَحْجُبُ الْأَبُ أَبَاهُ، وَجَدَّهُ وَمَنْ فَوْقَهُمَا وَكَذَلِكَ أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ يَحْجُبُونَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ فَابْنُ الصُّلْبِ يَحْجُبُ ابْنَ الِابْنِ، وَابْنُ الِابْنِ يَحْجُبُ ابْنَ الْحَفِيدِ وَهَكَذَا وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الْأَبُ، وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا شَقَائِقَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْمِيرَاثِ لِلْإِخْوَةِ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " وَبِأَبٍ وَابْنٍ " الْبَيْتَ. وَكَذَلِكَ الْجَدُّ فَإِنَّهُ يَحْجُبُ ابْنَ الْأَخِ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْجُبُ ابْنَ الْأَخِ مَا كَانَ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَذَا بَنُو الْإِخْوَةِ الْبَيْتَ.
وَقَوْلُهُ وَالْإِخْوَةِ عَطْفٌ عَلَى الْجَدِّ، وَجُمْلَةُ ضَمَّهُمْ أَبٌ صِفَةُ الْإِخْوَةِ وَالْإِخْوَةُ الَّذِينَ ضَمَّهُمْ الْأَبُ يَصْدُقُونَ بِالْأَشِقَّاءِ، وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ وَكَذَلِكَ، الْجَدُّ فَإِنَّهُ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الَّذِينَ لِلْأَبِ، وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَحْجُبُ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ، وَالْأَشِقَّاءَ فِي الْفَرِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ الشَّبِيهَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ وَكِلَاهُمَا مِنْ شَوَاذِّ الْمَسَائِلِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقِيَاسِ فَتُحْفَظَانِ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا. فَالْمَالِكِيَّةُ امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا، وَجَدًّا، وَأُمًّا، وَأَخًا لِأَبٍ، وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ.
فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِسُدُسِ الْأُمِّ، وَنِصْفُ الزَّوْجِ مُنْدَرِجٌ فِي السِّتَّةِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدْسُ وَاحِدٌ، وَلِلْجَدِّ السُّدْسُ وَاحِدٌ أَيْضًا وَيَبْقَى وَاحِدٌ، مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لِلْجَدِّ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلْأَخِ لِلْأَبِ لَوْلَا أَنَا لَأَخَذَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَلَا شَيْءَ لَك لِأَنَّكَ عَاصِبٌ وَلَمْ يَبْقَ لَك شَيْءٌ فَأَنَا مَنَعْتُهُمْ مِنْ ذَلِكَ السُّدْسِ فَأَنَا أَوْلَى بِهِ وَمَذْهَبُ زَيْدٍ: أَنَّهُ لِلْأَخِ لِلْأَبِ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مَحْجُوبُونَ بِالْجَدِّ فَوُجُودُهُمْ كَالْعَدَمِ وَقَدْ أَخَذَ ذَوُو الْفُرُوضِ فُرُوضَهُمْ وَهَذَا الْبَاقِي لِلْأَخِ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ وَالشَّبِيهَةُ بِالْمَالِكِيَّةِ هِيَ كَالْمَالِكِيَّةِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ فِي الْمَالِكِيَّةِ يُجْعَلُ مَكَانَهُ الشَّقِيقُ فِي هَذَا.
فَذَهَبَ مَالِكٌ أَيْضًا أَنَّ السُّدْسَ الْبَاقِي لِلْجَدِّ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْجُبُ كُلَّ مَنْ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَلَوْلَا الْجَدُّ لَكَانَ دُخُولُ الشَّقِيقِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ كَمَا فِي الْحِمَارِيَّةِ فَيَحْجُبُ الْجَدُّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ وَمَذْهَبُ زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ السُّدْسَ الْبَاقِيَ لِلْأَخِ الشَّقِيقِ لِأَنَّهُ فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ فَيَأْخُذُهُ الْعَاصِبُ. وَدَهَا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا دَهَاكَ أَيْ مَا أَصَابَكَ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ التِّلْمِسَانِيُّ: بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحِمَارِيَّةَ وَهِيَ زَوْجٌ، وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ، وَأَخٌ شَقِيقٌ وَأَنَّهَا إذَا دَخَلَ فِيهَا الْجَدُّ فَهِيَ الشَّبِيهَةُ بِالْمَالِكِيَّةِ وَإِنْ أُبْدِلَ الْأَخُ الشَّقِيقُ بِالْأَخِ لِلْأَبِ فَهِيَ الْمَالِكِيَّةُ
فَإِنْ تَكُنْ تُدْخِلُ فِيهَا الْجَدَّا ... فَمَالِكٌ خَالَفَ فِيهَا زَيْدَا
فَالْجَدُّ فِي مَذْهَبِ زَيْدٍ يَكْتَفِي ... بِسُدُسِ الْمَالِ تَفَهَّمْ وَاعْرِفْ
وَلِلْأَشِقَّاءِ جَمِيعُ الْبَاقِي ... دُونَ بَنِي الْأُمِّ بِلَا شِقَاقِ
وَمَالِكٌ يُورِثُ فِيهَا الْجَدَّا ... سِهَامَهُمْ جَمِيعَهَا لَا بُدَّا
لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلْأَشِقَّا ... لَوْ كُنْتُمْ دُونِي وَرِثْتُمْ حَقَّا
بِأُمِّكُمْ وَإِنَّنِي لَحَاجِبُ ... كُلَّ بَنِي الْأُمِّ فَكُلٌّ خَائِبُ
فَإِنْ يَكُنْ مَكَانَهُمْ إخْوَةُ أَبْ ... فَهِيَ الَّتِي لَهَا لِمَالِكٍ نَسَبْ
فَمَا لَهُمْ لِمَا بَقِيَ سَبِيلُ ... فِيهَا لِأَنَّ جَدَّهُمْ يَقُولُ
لَوْ كُنْتُمْ دُونِي إذَنْ لَمْ تَرِثُوا ... فَيُحْرِزُ الْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثُ
وَرَأْيُ زَيْدٍ رَأْيُهُ هُنَالِكَا ... بِلَا خِلَافٍ عَنْهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَا
فَقَوْلُهُ فَإِنْ تَكُنْ تَدْخُلُ فِيهَا الْجَدَّا أَيْ فِي الْحِمَارِيَّةِ فَتَكُونَ حِينَئِذٍ هِيَ الشَّبِيهَةُ بِالْمَالِكِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ
(2/303)

فَإِنْ يَكُنْ مَكَانَهُمْ أَيْ مَكَانَ الْأَشِقَّاءِ فِي الشَّبِيهَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ أُخُوَّةٌ لِأَبٍ فَهِيَ الْمَالِكِيَّةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْأَخَ الَّذِي مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي الشَّبِيهَةِ شَقِيقٌ وَفِي الْمَالِكِيَّةِ لِأَبٍ فَالشِّينُ فِي الشَّبِيهَةِ فِي مُقَابَلَةِ شِينِ الشَّقِيقِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْأَخِ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ يَحْجُبُ الْعَمَّ، وَالْعَمُّ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ يَحْجُبُ ابْنَ الْعَمِّ إلَى التَّعْمِيمِ فِي ابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ كَفَى أَيْ كَفَى فِي الْحَجْبِ وَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ ابْنُ الْأَخِ وَالْعَمِّ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ حَتَّى لِلْمَحْجُوبِ وَأَنَّ الْعَمَّ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ يُحْجَبُ بِابْنِ الْأَخِ، وَأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ يُحْجَبُ بِالْعَمِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْأُمُّ كِلْتَا الْجَدَّتَيْنِ تَحْجُبُ ... وَجَدَّةً لِلْأَبِ يَحْجُبُ الْأَبُ
وَمَنْ دَنَتْ حَاجِبَةٌ لِبُعْدَى ... جِهَتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعَدَّى
وَقُرْبَى الْأُمِّ حَجَبَتْ بُعْدَى لِأَبْ ... وَالْعَكْسُ إنْ أَتَى فَمَا حَجْبٌ وَجَبْ
وَحَظُّهَا السُّدْسُ فِي الِانْفِرَادِ ... وَقِسْمَةُ السَّوَاءِ فِي التَّعْدَادِ
وَالْإِرْثُ لَمْ يَحُزْهُ مِنْ هَاتَيْنِ ... تَعَدُّدٌ أَكْثَرُ مِنْ ثِنْتَيْنِ
وَمُسْقِطٌ ذُو الْجِهَتَيْنِ أَبَدَا ... ذَا جِهَةٍ مَهْمَا تَسَاوَوْا قُعْدُدَا
وَمَنْ لَهُ حَجْبٌ بِحَاجِبٍ حُجِبْ ... فَحَجْبُهُ بِمَنْ لَهُ الْحَجْبُ يَجِبْ
وَإِخْوَةُ الْأُمِّ بِمَنْ يَكُونُ فِي ... عَمُودَيْ النَّسَبِ حَجْبُهُمْ قُفِيّ
يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ أُمَّهَا وَهِيَ جَدَّةُ الْمَيِّتِ لِأُمِّهِ وَتَحْجُبُ أُمَّ زَوْجِهَا وَهِيَ جَدَّةُ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ أُمَّهُ وَلَا يَحْجُبُ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَهِيَ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَجَدَّةً بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَحْجُبُ الْأَبُ وَقَوْلُهُ: " وَمَنْ دَنَتْ " الْبَيْتَ، مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَدَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ تَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهَا مِنْ جِهَتِهَا وَلَا تَتَعَدَّى لِحَجْبِ مَنْ لَيْسَتْ فِي جِهَتِهَا فَأُمُّ الْأُمِّ تَحْجُبُ أُمَّهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا تَتَعَدَّى لِحَجْبِ مَنْ لَيْسَتْ مِنْ جِهَتِهَا مِنْ الْجَدَّاتِ اللَّائِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ إلَّا مَا يُذْكَرُ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا وَكَذَلِكَ أُمُّ الْأَبِ تَحْجُبُ أُمَّهَا وَإِنْ عَلَتْ دُون أَنْ تَتَعَدَّى لِغَيْرِ جِهَتِهَا.
وَقَوْلُهُ: " وَقُرْبَى الْأُمِّ " الْبَيْتَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَدَّةَ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَإِذَا تَرَكَ أُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أُمِّ أَبِيهِ فَلَا شَيْءَ لِأُمِّ أُمِّ أَبِيهِ، وَأَمَّا الْعَكْسُ فَلَا تَحْجُبُ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ أُمَّ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ فَالسُّدْسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
وَالْعَكْسُ إنْ أَتَى فَمَا حَجْبٌ وَجَبْ
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَالسُّدْسُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَقِسْمَةُ السَّوَاءِ فِي التَّعْدَادِ
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَهَا السُّدْسُ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
وَحَظُّهَا السُّدْسُ فِي الِانْفِرَادِ
وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي تَعْدَادِ أَصْحَابِ السُّدْسِ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ مَا أَشَارَ بِهِ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَأَسْقَطَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا وَالْأَبُ الْجَدَّةَ مِنْ جِهَتِهِ وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَإِلَّا اشْتَرَكَتَا.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالْإِرْثُ لَمْ يَحُزْهُ الْبَيْتَ إلَى قَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِ، وَاللَّفْظ لَهُ وَلَا يَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ: أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهُمَا، وَيُذْكَرُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ وَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أُمَّ أُمِّ الْأَبِ وَأُمَّ أَبِي الْأَبِ، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ الْخُلَفَاءِ تَوْرِيثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ فَقَوْلُهُ: أُمُّ أُمِّ الْأَبِ إلَخْ هُوَ بَيَانٌ لِلِاثْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمُرَادُهُ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ، وَأُمُّ الْجَدِّ وَهُوَ مُرَادُهُ بِأُمِّ الْأَبِ وَأُمِّهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلِذَلِكَ زَادَ وَأُمَّهَاتُهُمَا.
(وَفِي الْجَوَاهِرِ) وَأَمَّا الْجَدَّاتُ فَفَرْضُهُنَّ السُّدْسُ فِي الِانْفِرَادِ، وَالِاجْتِمَاعِ وَلَا يَرِثُ مِنْهُنَّ الِاثْنَتَانِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا فَقَوْلُهُ: " تَعَدُّدًا " مَنْصُوبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ " وَأَكْثَرُ " فَاعِلُ يَحُزْ " وَثِنْتَيْنِ " صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ جَدَّتَيْنِ ثِنْتَيْنِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمُسْقِطٌ ذُو الْجِهَتَيْنِ الْبَيْت إلَى أَنَّ الْقَرِيبَيْنِ إذَا كَانَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ ذَا الْجِهَتَيْنِ يُسْقِطُ ذَا جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ كَأَخَوَيْنِ شَقِيقٍ وَلِأَبٍ وَعَمَّيْنِ وَابْنَيْ أَخٍ وَابْنَيْ عَمٍّ كَذَلِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّقِيقَ يَحْجُبُ الَّذِي لِلْأَبِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَرْتَبَةِ فَذُو الْجِهَتَيْنِ مُبْتَدَأ وَمُضَافٌ
(2/304)

إلَيْهِ وَمُسْقِطٌ خَبَرُهُ، وَذَا جِهَةٍ مَفْعُولُ مُسْقِطٌ وَالْقُعْدُدُ الْمَرْتَبَةُ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ لَهُ حَجْبٌ بِحَاجِبِ الْبَيْتَ إلَى أَنَّ الْوَارِثَ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْحَجْبُ بِحَاجِبٍ مِنْ صِفَةِ ذَلِكَ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ. أَقْرَبُ مِنْهُ فَإِنَّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْحَجْبُ أَوَّلًا يَجِبُ حَجْبُهُ أَيْضًا بِحَاجِبِ حَاجِبِهِ حَيْثُ يُعْدَمُ حَاجِبُهُ وَذَلِكَ كَابْنِ الْأَخِ فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالْأَخِ، وَالْأَخُ مَحْجُوبٌ بِالْوَلَدِ فَإِنَّهُ إذَا عُدِمَ الْأَخُ بَقِيَ ابْنُ الْأَخِ مَحْجُوبًا بِحَاجِبِ الْأَخِ وَهُوَ الْوَلَدُ فَالْكَلَامُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ فَاَلَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْحَجْبُ ابْنُ الْأَخِ مَثَلًا وَهُوَ مَحْجُوبٌ بِحَاجِبٍ وَهُوَ الْأَخُ فَإِذَا عُدِمَ الْأَخُ بَقِيَ ابْنُ الْأَخِ مَحْجُوبًا بِحَاجِبِ الْأَخِ وَهُوَ الْوَلَدُ، وَكَذَلِكَ الْأَخُ لِلْأَبِ فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالشَّقِيقِ، وَالشَّقِيقُ مَحْجُوبٌ بِالِابْنِ فَإِذَا عُدِمَ الشَّقِيقُ بَقِيَ الْأَخُ لِلْأَبِ مَحْجُوبًا بِحَاجِبِ الشَّقِيقِ وَهُوَ الِابْنُ وَهَكَذَا فَجُمْلَةُ حُجِبَ صِفَةٌ لِ " حَاجِبِ ".
وَضَمِيرُ حَجْبُهُ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ الْحَجْبُ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، وَالْأَخُ لِلْأَبِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي وَمَنْ مَوْصُولٌ بِمَعْنَى الَّذِي وَاَلَّذِي يَجِبُ لَهُ الْحَجْبُ أَيْ لِلْحَاجِبِ هُوَ الِابْنُ فِي الْمِثَالَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَفْظُ الشَّارِحِ كُلُّ مَنْ حَجَبَهُ حَاجِبٌ مَحْجُوبٌ بِحَاجِبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَحْجُوبَ بِالْحَاجِبِ الْمُتَوَسِّطِ حَالَ عَدَمِهِ مَحْجُوبٌ أَيْضًا بِحَاجِبِ ذَلِكَ الْحَاجِبِ الْمُتَوَسِّطِ اهـ وَمَعْنَاهُ كَمَا قَرَّرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إلَّا أَنَّ الْبَيَانَ فِي تَقْرِيرِنَا أَكْثَرُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِخْوَةُ الْأُمِّ الْبَيْتَ إلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مَحْجُوبُونَ بِعَمُودَيْ النَّسَبِ وَهُمَا الْأَوْلَادُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَالْآبَاءُ هُمْ الْأَبُ وَالْجَدُّ لِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ إلَّا فِي الْكَلَالَةِ وَهِيَ كَمَا قِيلَ
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْكَلَالَةِ ... هِيَ انْقِطَاعُ النَّسْلِ لَا مَحَالَّهْ
لَا وَالِدٌ يَبْقَى وَلَا مَوْلُودُ ... قَدْ ذَهَبَ الْأَبْنَاءُ وَالْجُدُودُ
وَذَلِكَ كُلُّهُ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ إلَى فَرْضٍ]
ٍ
وَالْأَبُ مَعَ فُرُوضِ الِاسْتِغْرَاقِ ... وَالنَّقْصُ يَحْوِي السُّدْسَ بِالْإِطْلَاقِ
كَذَاكَ يَحْوِي مَعَ ذُكْرَانِ الْوَلَدْ ... أَوْ وَلَدِ ابْنٍ مِثْلِهِمْ سُدُسًا فَقَدْ
وَالسُّدْسُ مَعْ أُنْثَى مِنْ الصِّنْفَيْنِ لَهْ ... وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ بَعْدُ حَصَّلَهْ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ النَّقْلَ مِنْ التَّعْصِيبِ إلَى الْفَرْضِ فَذَكَرَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ فِي فَرِيضَةٍ يَسْتَغْرِقهَا وَرَثَتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَادِلَةً كَبِنْتَيْنِ، وَأَبٍ، وَأُمٍّ، أَوْ عَائِلَةً كَزَوْجٍ، وَأُمٍّ، وَبِنْتٍ، وَأَبٍ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْصِيبِ، وَيَصِيرُ ذَا فَرْضٍ فَلَهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى السُّدْسُ وَاحِدٌ، وَلَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ السُّدْسُ اثْنَانِ فَتَعُولُ الثَّلَاثَةَ عَشْرَ لِأَجْلِ سُدُسِ الْأَبِ وَلَوْ بَقِيَ عَاصِبًا لَأَخَذَ الْوَاحِدُ الْبَاقِيَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَا يَحْتَاجُ لِعَوْلٍ وَكَذَلِكَ فِي الَّتِي يَسْتَغْرِقُهَا وَرَثَتُهَا وَهِيَ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّقْصِ كَأَبٍ، وَبِنْتٍ مِنْ سِتَّةٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ السُّدْسُ بِالْفَرْضِ وَاحِدٌ، وَاثْنَانِ بِالتَّعْصِيبِ فَقَدْ انْتَقَلَ لِلْفَرْضِ أَيْضًا.
وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَهُوَ عَاصِبٌ إلَّا الزَّوْجَ، وَالْأَخَ لِلْأُمِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِيهِ أَنَّ الْأَبَ لَهُ السُّدْسُ فِي فُرُوضِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَالنَّقْصُ أَيْ فِي الْفَرِيضَةِ الْعَادِلَةِ، وَالْعَائِلَةِ، وَالنَّاقِصَةِ، إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَادِلَةِ يَأْخُذُ السُّدْسَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ، وَفِي الْعَائِلَةِ يَأْخُذُ السُّدْسَ إلَّا مَا نَقَصَهُ الْعَوْلُ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَفِي النَّاقِصَةِ يَأْخُذُ السُّدْسَ، وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي الْأَبِ كُلُّهُ يَجْرِي فِي الْجَدِّ
(2/305)

كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ هَذِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ الْأَبَ يَرِثُ بِالْفَرْضِ السُّدْسَ أَيْضًا مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَكَذَلِكَ يَرِثُ مَعَ الِابْنِ السُّدْسَ فَقَطْ بِالْفَرْضِ وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى زَادَ قَوْلَهُ: مِثْلِهِمْ أَيْ مِثْلِ وَلَدِ الصُّلْبِ فِي كَوْنِهِمْ ذُكُورًا، وَسُدُسًا بِسُكُونِ الدَّالِ مَفْعُولُ يَحْوِي، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْأَبِ وَقَدْ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى حَسْبُ ثُمَّ، ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَبَ مَعَ الْأُنْثَى مِنْ بَنَاتِ الصُّلْبِ، أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ وَهُوَ الَّذِي يَعْنِي بِالصِّنْفَيْنِ لَهُ السُّدْسُ أَيْضًا بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي يُحَصِّلُهُ بِالتَّعْصِيبِ وَهَذَا الْمَعْنَى تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالنَّقْصُ يَحْوِي السُّدْسَ وَصَرَّحَ هُنَا زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى السُّدْسِ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ.
(قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ) وَأَمَّا النَّقْلُ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى فَرْضٍ فَيَخْتَصُّ بِالْأَبِ، وَالْجَدِّ يَنْقُلُهُمَا الِابْنُ، وَابْنُهُ إلَى السُّدْسِ وَلَا يَرِثَانِ مَعَ هَذَيْنِ بِالتَّعْصِيبِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إنْ اسْتَغْرَقَتْ السِّهَامُ الْمَالَ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِأَيِّهِمَا كَانَ السُّدْسُ كَزَوْجٍ، وَابْنَتَيْنِ، وَأَبٍ أَوْ جَدٍّ (وَفِي الْمُقَرِّبِ) وَمِيرَاثُ الْأَبِ السُّدْسُ مَعَ الْوَلَدِ وَمَعَ، وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ مَعَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَقِيَ أَقَلَّ مِنْ السُّدْسِ فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْهِ، وَزَوْجَتَهُ وَأَبَاهُ لَكَانَ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمْنُ وَيَبْقَى السُّدْسُ، وَرُبُعُ السُّدْسِ يَأْخُذُهُ الْأَبُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ زِيَادَةُ أُمٍّ، أَوْ جَدَّةٍ لِأُمٍّ لَمْ يَبْقَ لِلْأَبِ إلَّا رُبُعُ السُّدْسِ فَهَهُنَا يَرِثُونَ الْفَرِيضَةَ، وَلَا يُنْقَصُ الْأَبُ مِنْ السُّدْسِ إلَّا مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَوْلِ اهـ بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ.
وَهَذِهِ هِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ زَوْجَةٌ، وَأَبَوَانِ، وَاِبْنَتَانِ إنْ قُدِّمَ الْأَبَوَانِ، وَالْبِنْتَانِ بَقِيَتْ الزَّوْجَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمُنُهَا وَإِنْ قُدِّمَتْ الْبِنْتَانِ، وَالزَّوْجَةُ، وَأَحَدُ الْأَبَوَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلْآخَرِ إلَّا وَاحِدٌ رُبُعُ السُّدْسِ وَهُوَ لَا يُنْقَصُ عَنْ السُّدْس فَتَعُولُ بِثَلَاثَةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَبْلُغَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا
وَالْجَدُّ مِثْلُ الْأَبِ مَعْ مَنْ ذُكِرَا ... حَالًا بِحَالٍ فِي الَّذِي تَقَرَّرَا
وَزَادَ بِالثُّلْثِ إنْ الرَّجْحُ ظَهَرْ ... مَعْ صِنْفِ إخْوَةٍ وَقَسْمٍ كَذَكَرْ
وَالسُّدْسُ إنْ يَرْجَحْ لَهُ مَتَى صَحِبْ ... أَهْلَ. الْفُرُوضِ صِنْفُ إخْوَةٍ يَجِبْ
أَوْ قِسْمَةُ السَّوَاءِ فِي الْبَقِيَّهْ ... أَوْ ثُلْثُهَا إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّهْ
فَالْعَوْلُ لِلْأُخْتِ بِهَا قَدْ أُعْمِلَا ... وَاجْمَعْهُمَا وَاقْسِمْ وَجَدًّا فَضِّلَا
وَالْقَسْمُ مَعْ شَقَائِقَ وَمَنْ لِأَبْ ... مَعًا لَهُ وَعَدُّ كُلِّهِمْ وَجَبْ
وَحَظُّ مَنْ لِلْأَبِ لِلْأَشِقَّا ... وَحْدَهُمْ يَكُونُ مُسْتَحَقَّا
ذَكَر فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَدَّ مِثْلُ الْأَبِ فِي جَمِيعِ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي شَرْحِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَبْيَاتِ قَبْلَ هَذِهِ وَكَوْنُهُ يَنْتَقِلُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْصِيبِ وَيَصِيرُ ذَا فَرْضٍ فَيُفْرَضُ لَهُ السُّدْسُ فِي الْفَرِيضَةِ الْعَادِلَةِ وَالْعَائِلَةِ وَالنَّاقِصَةِ وَمَا يَفْضُل فِي النَّاقِصَةِ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ وَيُفْرَض لَهُ السُّدْسُ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهُ. الْمُرَادُ بِمَنْ ذُكِرَ ذَوُو الْفُرُوضِ فِي الْفَرِيضَةِ الْعَادِلَةِ وَالْعَائِلَةِ وَالنَّاقِصَةِ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَقِيَّةِ الْأَبْيَاتِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ مِنْ حَالَاتِ الْجَدِّ: الْأُولَى إذَا اجْتَمَعَ الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَكَانُوا صِنْفًا وَاحِدًا إمَّا شَقَائِقُ كُلُّهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ لِأَبٍ وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَزَادَ بِالثُّلُثِ الْبَيْتَ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا اجْتَمَعَ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ وَذَوُو الْفُرُوضِ.
وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالسُّدْسُ إنْ يَرْجَحْ لَهُ إلَى قَوْلِهِ وَجَدًّا فَضِّلَا وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا اجْتَمَعَ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَالْقَسْمُ مَعْ شَقَائِق وَمَنْ لِأَبْ
الْبَيْتَيْنِ وَهَذِهِ الْحَالَاتُ الثَّلَاثُ يَخْتَصُّ بِهَا الْجَدُّ عَنْ الْأَبِ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ مَعَ الْجَدِّ يَرِثُونَ فَاحْتِيجَ إلَى بَيَانِ مَا يَرِثُونَ وَمَعَ الْأَبِ مَحْجُوبُونَ بِهِ فَلَا تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْحَالَاتُ إلَّا مَعَ الْجَدِّ وَلِذَا عَبَّرَ بِالزِّيَادَةِ فَقَالَ وَزَادَ بِالثُّلُثِ إلَخْ أَيْ زَادَ الْجَدُّ عَلَى الْأَبِ بِكَذَا.
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ التَّعْصِيبِ إلَى الْفَرْضِ قَوْله وَزَادَ بِالثُّلُثِ الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَهُمْ صِنْفٌ
(2/306)

وَاحِدٌ أَشِقَّاءُ كُلُّهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ لِأَبٍ فَإِنَّ لَهُ الْأَفْضَلَ بِمَا تُخْرِجُهُ الْمُقَاسَمَةُ أَوْ الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْمُقَاسَمَةُ: أَنْ يُقَدَّرَ أَخًا كَوَاحِدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ وَلَا فَرْقَ فِي الْإِخْوَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُجْتَمِعِينَ وَيُعَدُّ لِلذَّكَرِ بِرَأْسَيْنِ وَالْأُنْثَى بِرَأْسٍ، فَإِذَا كَانَ الْجَدُّ مَعَ أَخٍ وَاحِدٍ فَالْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلُ لَهُ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلُ مَعَ أُخْتٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ لَهُ مَعَهَا الثُّلُثَيْنِ وَكَذَلِكَ مَعَ أُخْتَيْنِ لِأَنَّ لَهُ مَعَهُمَا النِّصْفَ وَكَذَلِكَ مَعَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ إذْ ذَاكَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَقَامَ الْجَامِعَ لِلْأَثْلَاثِ، وَالْأَخْمَاسِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا تِسْعَةٌ، وَثُلُثُهَا خَمْسَةٌ.
وَكَذَلِكَ مَعَ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأَنَّ لَهُ مَعَهُمَا خُمُسَيْنِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ خُمُسَيْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ سِتَّةٌ، وَثُلُثهَا خَمْسَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ مَعَ خَمْسِ أَخَوَاتٍ فَأَكْثَرَ فَالثُّلُثُ أَفْضَلُ لَهُ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ سُبُعَيْنِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَقَامَ الْجَامِعَ لِلْأَثْلَاثِ، وَالْأَسْبَاعِ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ، وَسُبْعَاهَا سِتَّةٌ، وَثُلُثهَا سَبْعَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ ثَلَاثِ إخْوَةٍ ذُكُورٍ لَهُ الرُّبُعُ فَالثُّلُثُ أَفْضَلُ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ أَخٍ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ لِأَنَّ لَهُ سُبُعَيْنِ أَيْضًا فَالثُّلُثُ أَفْضَلُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ أَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ.
(قَالَ الشَّارِحُ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَأَقَلُّ أَوْ أَخٌ وَاحِدٌ فَالْمُقَاسَمَةُ أَفْضَلُ، وَإِنْ كُنَّ خَمْسَ أَخَوَاتٍ أَوْ ثَلَاثَ إخْوَةٍ فَأَكْثَرَ فَالثُّلُثُ أَفْضَلُ لَهُ وَإِنْ كُنَّ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخَوَيْنِ فَتَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ فَقَوْلُهُ
وَزَادَ بِالثُّلُثِ إنْ الرَّجْحُ ظَهَرْ
مَعْنَاهُ الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ يَأْخُذُ الثُّلُثَ إنْ ظَهَرَ كَوْنُهُ أَرْجَحَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ كَالْأَمْثِلَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَوْلُهُ: وَقَسْمٍ عَطْفٌ عَلَى بِالثُّلُثِ أَيْ وَزَادَ الْجَدُّ أَيْضًا بِالْقَسْمِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَيَكُونُ كَذَكَرٍ مِنْهُمْ يَعْنِي إنْ ظَهَرَ الرُّجْحَانُ فِي الْقَسْمِ عَلَى الثُّلُثِ أَيْضًا كَالْأَمْثِلَةِ الْأُولَى قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَقَسْمٌ بِمَعْنَى أَوْ.
وَقَوْلُهُ: وَالسُّدْسُ إنْ يَرْجَحْ لَهُ الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَة يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ فِي الْفَرِيضَةِ الْجَدُّ، وَالْإِخْوَةُ، وَذُو الْفَرَائِضِ فَإِنَّ لِلْجَدِّ الْأَفْضَلَ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا السُّدْسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ مُقَاسَمَةُ الْإِخْوَةِ فِي الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوض، أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَيْضًا، فَمِثَالُ أَفْضَلِيَّةِ السُّدْسِ زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَجَدٌّ، وَأَخَوَانِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ إنْ أَخَذَ السُّدْسَ أَخَذَ وَاحِدًا كَامِلًا وَإِنْ قَاسَمَ فِي الْبَاقِي أَخَذَ ثُلُثَيْ الْوَاحِدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَالْأُمُّ وَاحِدًا يَبْقَى اثْنَانِ لِلْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ اثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُلُثَانِ وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ.
وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَالسُّدْسُ إنْ يَرْجَحْ لَهُ مَتَى صَحِبْ ... أَهْلَ الْفُرُوضِ صِنْفُ إخْوَةٍ يَجِبْ
فَالسُّدْسُ بِسُكُونِ الدَّالِ مُبْتَدَأٌ، وَجُمْلَةُ يَجِبُ خَبَرُهُ، وَفَاعِلُ يَجِبُ ضَمِيرُ السُّدْسِ وَكَذَا فَاعِلُ يَرْجَحْ، وَلَهُ يَتَعَلَّقُ بِيَرْجَحُ، وَأَهْلَ مَفْعُولُ صَحِبَ وَصِنْفُ فَاعِلُهُ وَضَمِيرُ لَهُ لِلْجَدِّ وَإِنْ يَرْجَحْ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ السُّدْسِ أَيْ يَجِبُ السُّدْسُ لِلْجَدِّ إنْ كَانَ أَرْجَحَ لَهُ وَأَفْضَلَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَذَلِكَ حَيْثُ يَجْتَمِعُ فِي الْفَرِيضَةِ صِنْفُ الْإِخْوَةِ وَأَهْلُ الْفُرُوضِ وَمِثَالُ أَفْضَلِيَّةِ الْمُقَاسَمَةِ فِي الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ زَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ وَأَخٌ.
الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشْرَ لِأَجْلِ الرُّبُعِ وَالسُّدْسِ إنْ أَخَذَ السُّدْسَ أَخَذَ اثْنَيْنِ وَإِنْ قَاسَمَ أَخَذَ ثَلَاثَةً وَنِصْفًا لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعَ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّةِ السُّدْسَ اثْنَانِ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ لِلْجَدِّ نِصْفُهَا وَلَوْ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ لَأَخَذَ اثْنَيْنِ وَثُلُثًا وَمِثَالُ أَفْضَلِيَّةِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ زَوْجَةٌ وَجَدٌّ، وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا فَالسُّدْسُ اثْنَانِ وَلَهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ اثْنَانِ وَرُبُعٌ لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةً تَبْقَى تِسْعَةٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ ثَلَاثَةً وَهِيَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ السُّدْسِ وَالْمُقَاسَمَةِ.
وَإِلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ أَوْ قِسْمَةُ السَّوَاءِ فِي الْبَقِيَّةِ أَوْ ثُلُثِهَا وَضَمِيرُ ثُلُثِهَا لِلْبَقِيَّةِ وَقَدْ تَسْتَوِي الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ كَزَوْجٍ، وَجَدٍّ، وَأَخَوَيْنِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ إنْ أَخَذَ السُّدْسَ كَانَ لَهُ وَاحِدٌ كَذَلِكَ إنْ قَاسَمَ وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي وَإِلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ أَشَارَ التِّلْمِسَانِيُّ بِقَوْلِهِ
وَإِنْ يَكُونُوا مَعْ ذَوِي السُّهْمَانِ ... مِنْ جُمْلَةِ الْإِنَاثِ وَالذُّكْرَانِ
كَانَ لَهُ الْأَفْضَلُ مِنْ ثَلَاثِ ... السُّدْسُ أَوَّلًا مِنْ الْمِيرَاثِ
أَوْ ثُلْثُ مَا تُبْقِي الْمَوَارِيثُ لَهُمْ ... مَبْدَأً وَإِنْ يَشَأْ قَاسَمَهُمْ
(2/307)

فَقَوْلُهُ وَإِنْ يَكُونُوا أَيْ الْإِخْوَةُ، وَالْجَدُّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُمَثِّلْ لِذَلِكَ كَغَالِبِ عَادَتِهِ وَقَدْ كُنْتُ قُلْتُ فِي ذَلِكَ
فَسُدُسٌ، كَزَوْجَةٍ مَعَ ابْنَتَيْنِ ... وَالْأَخُ وَالْجَدُّ فَحَسْبُ دُونَ مَيْنِ
وَقِسْمَةٌ كَالْجَدِّ وَالْأَخِ اسْمَعْ ... وَجَدَّةٍ فَحَقِّقَنْ ذَاكَ وَعِ
وَالثُّلْثُ كَالْأُمِّ وَجَدٍّ حَقِّقْ ... مَعْ خَمْسِ إخْوَةٍ وَمَا غَيْرٌ بَقِيَ
ثُمَّ التَّسَاوِي فِي الْوُجُودِ قَدْ وَرَدْ ... كَأَخَوَيْنِ مَعَ زَوْجٍ ثُمَّ جَدْ
قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْجَدَّ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَذَوِي السِّهَامِ كَانَ لَهُ الْأَفْضَلُ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَكَانَتْ الْفَرِيضَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْأَكْدَرِيَّةِ وَتُعْرَفُ أَيْضًا بِالْغَرَّاءِ اجْتَمَعَ فِيهَا مَنْ ذُكِرَ.
وَلَيْسَ حُكْمُهَا كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كَوْنِ الْجَدِّ مَعَ الْأُخْتِ كَأَخٍ بَلْ يُفْرَض لَهُ السُّدْسُ وَلَهَا النِّصْفُ ثُمَّ يُقَاسِمُهَا فَهِيَ مِنْ الشَّوَاذِّ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقِيَاسِ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ أَخْرَجَهَا مِنْ نَظَائِرِهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا وَجَدًّا وَأُمًّا وَأُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ النِّصْفُ الزَّوْجُ وَالْأُخْتُ وَثُلُثُ الْأُمِّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ السُّدْسُ وَاحِدٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْمَالُ أُعِيلَ لِلْأُخْتِ بِفَرْضِهَا وَهُوَ النِّصْفُ فَتَبْلُغُ تِسْعًا ثُمَّ يُضَمُّ سَهْمُ الْأُخْتِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ إلَى سَهْمِ الْجَدِّ وَهُوَ وَاحِدٌ يُقْسَمُ الْمَجْمُوعُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَقَسْمُ أَرْبَعَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ اضْرِبْ عَدَدَ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهِمْ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا تَبْلُغ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَهْمًا وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ.
ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي مِثْلِ مَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ فَكَانَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضْرِبهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَكَانَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ، وَكَانَ لِلْأُخْتِ وَالْجَدِّ مَعًا أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشْرَ لِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَإِلَى بَيَانِ حُكْمِهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَالْعَوْلُ لِلْأُخْتِ الْبَيْتَ وَبَاءُ بِهَا ظَرْفِيَّةٌ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي اجْمَعْهُمَا لِسَهْمِ الْأُخْتِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهَا وَلِسَهْمِ الْجَدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَدًّا فَضِّلَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَقَدْ اُتُّفِقَ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَخَذَ الثُّلُثَ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالثَّانِي أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الْأُمُّ وَالثَّالِثَ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الْأُخْتُ وَالرَّابِعُ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَهُوَ الْجَدُّ وَقَدْ يُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: فَرِيضَةٌ أَخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْهَا ثُلُثَهَا، وَالْآخَرُ ثُلُثَ الْبَاقِي، وَالْآخَرُ ثُلُثَ بَاقِي الْبَاقِي، وَالْآخَرُ مَا بَقِيَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ ذَكَرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ وَقَدْ فَرَغَ الْمَالُ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الْأَذْكِيَاءِ مُلْغِزًا فِي كَوْنِ الْأُنْثَى تَرِثُ دُونَ الذَّكَرِ
يَا أَهْلَ بَيْتٍ ثَوَى بِالْأَمْسِ مَيِّتُهُمْ ... فَأَصْبَحُوا يَقْسِمُونَ الْمَالَ وَالْحُلَلَا
فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمُو ... إنِّي أُسَمِّعُكُمْ أُعْجُوبَةً مَثَلًا
فِي الْبَطْنِ مِنِّي جَنِينٌ دَامَ رُشْدُكُمْ ... فَأَخِّرُوا الْقَسْمَ حَتَّى يُظْهِرَ الْجَلَلَا
فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ يُعْطَ خَرْدَلَةً ... وَإِنْ أَلِدْ غَيْرَهُ أُنْثَى فَقَدْ فَضَلَا
بِالثُّلُثِ حَقًّا يَقِينًا لَيْسَ يُنْكِرهُ ... مَنْ كَانَ يَعْلَمُ قَوْلَ اللَّهِ إذْ نَزَلَا
(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ) وَقَدْ كُنْت لَفَّقْتُ أَبْيَاتًا فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ فَقُلْت فِي ذَلِكَ:
أَلْغَزْتَ فَاحْفَظْ هَدَاكَ اللَّهُ فِي امْرَأَةٍ ... قَدْ خَلَّفَتْ زَوْجَهَا وَالْجَدَّ حَيْثُ تَلَا
وَأُمُّهَا حَامِلٌ فَإِنْ تَلِدْ ذَكَرًا ... فَعَاصِبٌ غَيْرُهُ اسْتَوْفَى الَّذِي حَصَلَا
وَإِنْ يَكُ امْرَأَةً بِالنِّصْفِ عِيلَ لَهَا ... لِكَوْنِهَا ذَاتَ فَرْضٍ فَافْهَمْ الْعِلَلَا
إلَّا أَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ فِي الْبَيْتِ الْأَخِيرِ بِالثُّلُثِ صَوَابُهُ بِالنِّصْفِ كَمَا قُلْنَا نَحْنُ فِي الْبَيْتِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ الِاصْطِلَاحَ أَنَّ الْعَوْلَ يُنْسَبُ لِلْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ عَالَتْ لِتِسْعَةٍ فَقَدْ عَالَتْ بِمِثْلِ نِصْفِهَا وَاَلَّذِي يُنْسَبُ لِلْمَجْمُوعِ أَعْنِي لِلْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنَّمَا هُوَ النَّقْصُ فَيُقَالُ فِي هَذِهِ: النَّقْصُ لِكُلِّ وَارِثٍ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيه) قَالَ فِي الْمُقَرِّب فَإِنْ تَرَكَتْ أُمًّا وَزَوْجًا وَأُخْتَيْنِ وَجَدًّا فَلَيْسَتْ هَذِهِ غَرَّاءَ لِأَنَّ الْأُمَّ إذَا أَخَذَتْ السُّدْسَ وَأَخَذَ الزَّوْجُ النِّصْفَ وَأَخَذَ الْجَدُّ السُّدْسَ فَيَبْقَى السُّدْسُ فَيَكُونُ لِلْأُخْتَيْنِ وَلَا يَرْبَى لَهُمَا شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ مُحَمَّدٌ إنَّمَا سُمِّيَتْ غَرَّاءَ لِأَنَّ الْأُخْتَ لَا يَرْبَى لَهَا مَعَ الْجَدِّ
(2/308)

فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ سِوَاهَا وَتُسَمَّى أَيْضًا الْأَكْدَرِيَّةُ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَلْقَاهَا عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَكْدَرُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الْفَرَائِضِ فَأَخْطَأَ فِيهَا فَسَمَّاهَا الْأَكْدَرِيَّةَ.
وَقَوْلُهُ:
وَالْقَسْمُ مَعْ شَقَائِقَ وَمَنْ لِأَبْ
الْبَيْتَيْنِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَالَةَ الثَّالِثَةَ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقَسْمَ يَكُونُ مَعَ الشَّقَائِقِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعًا بِحَيْثُ يُعَدُّ جَمِيعُهُمْ عَلَى الْجَدِّ ثُمَّ يَأْخُذُ الْأَشِقَّاءُ مَا يَجِبُ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ فَإِذَا كَانَ جَدٌّ وَأَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ فَإِنَّ الشَّقِيقَ يَعُدُّ الْجَدُّ أَخَاهُ لِلْأَبِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَجْهِ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّقِيقُ نَصِيبَ الَّذِي لِلْأَبِ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ وَقَدْ نَوَّعُوا مَسَائِلَ الْمُعَادَّةِ لِثَلَاثَ عَشَرَةَ صُورَةً تِسْعٌ مِنْهَا لَا يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ، وَأَرْبَعٌ مِنْهَا يَبْقَى فِيهَا لِلَّذِينَ لِلْأَبِ.
وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَهْمَا كَانَ فِي الشَّقَائِقِ ذَكَرٌ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي الشَّقَائِقِ أُنْثَتَانِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُنْقَصُ عَنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ لِلشَّقِيقَتَيْنِ فَلَا يَفْضُلُ شَيْءٌ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الشَّقَائِقِ ذَكَرٌ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يَبْقَى الَّذِينَ لِلْأَبِ وَذَلِكَ كَجَدٍّ، وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَأَخٍ لِأَبٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ خَمْسَةٍ يَأْخُذُ الْجَدُّ اثْنَيْنِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ كَذَلِكَ وَوَاحِدٌ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ بِكَمَالِ فَرْضِهَا وَهُوَ النِّصْفُ وَلَا نِصْفَ لِلْخَمْسَةِ وَهِيَ تُبَايِنُ مَقَامَ النِّصْفِ فَتُضْرَبْ الْخَمْسَةُ فِي اثْنَيْنِ مَقَامَ النِّصْفِ بِعَشَرَةَ لِلْجَدِّ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْأُخْتِ خَمْسَةٌ يَبْقَى لِلْأَخِ لِلْأَبِ عُشْرٌ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَكَانَ الْأَخِ لِلْأَبِ أُخْتَانِ لِأَبٍ الْعَمَلُ كَاَلَّتِي قَبْلهَا يَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ وَوَاحِدٌ عَلَى اثْنَيْنِ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَتُضْرَبُ الْعَشَرَةُ فِي اثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلشَّقِيقَةِ عَشَرَةٌ، وَاللَّتَيْنِ لِلْأَبِ اثْنَانِ وَكَذَلِكَ جَدٌّ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ، وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى اللَّذَيْنِ لِلْأَبِ فَتَأْخُذُ مِنْهُمَا اثْنَيْنِ لِكَمَالِ نِصْفِهَا يَبْقَى لَهُمَا وَاحِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَتُصْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَ لِلْجَدِّ اثْنَانِ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعَةٍ وَلِلَّذَيْنِ لِلْأَبِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ اثْنَانِ لِلْأَخِ وَوَاحِدٌ لِلْأُخْتِ.
وَكَذَلِكَ جَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ لِلْجَدِّ سِتٌّ وَلِلشَّقِيقَةِ تِسْعَةٌ وَلِلَّاتِي لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ عَلَى عِدَّتِهِنَّ وَمَا عَدَا هَذِهِ الْأَرْبَعَ لَا يَبْقَى لِلَّذِينَ لِلْأَبِ شَيْءٌ وَذَلِكَ كَجَدٍّ، وَأَخٍ شَقِيقٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ لِأَنَّ الشَّقِيقَ يَحْجُبُ الَّذِينَ لِلْأَبِ، أَوْ جَدٍّ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، وَأُخْتٍ لِأَبٍ لِأَنَّ فَرْضَ الشَّقِيقَتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْجَدُّ لَا يُنْقَصُ عَنْ الثُّلُثِ فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ
وَحَظُّ مَنْ لِلْأَبِ لِلْأَشِقَّا ... وَحْدَهُمْ يَكُونُ مُسْتَحَقَّا
وَلَمَّا كَانَ هُوَ الْكَثِيرَ أُطْلِقَ فِي كَوْنِ حَظِّ الَّذِينَ لِلْأَبِ لِلْأَشِقَّاءِ وَحْدَهُمْ (قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِهِ) وَقَدْ كُنْتُ قُلْتُ فِي أَوْجُهِ الْمُعَادَّةِ وَضَابِطِ مَا يَبْقَى فِيهِ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ وَاَلَّذِي لَا يَبْقَى
وَفِي الْمُعَادَّةِ وُجُوهٌ بَلَغَتْ ... ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَحَصْرُهَا ثَبَتْ
إنْ وُجِدَ الشَّقِيقُ أَوْ ثِنْتَانِ ... وَكَذَا فَمَنْ لِلْأَبِ فِي حِرْمَانِ
لِكَوْنِهِ يَحْجُبُ مَنْ يُنْمَى لِأَبْ ... وَالْجَدُّ لَا يُنْقَصُ عَنْ ثُلْثٍ وَجَبْ
وَالثُّلُثَانِ لِلشَّقِيقَتَيْنِ ... فَيَنْتَفِي الْفَضْلُ بِدُونِ مَيْنِ
وَالْأُخْتُ مِنْ أَبٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ ... مَعَ شَقِيقَةٍ بِسُدُسٍ أُفْرِدَتْ
تَكْمِلَةُ الثُّلْثَيْنِ وَالْحُكْمُ كَذَا ... مَعْ بِنْتِ صُلْبٍ لِابْنَةِ ابْنٍ يُحْتَذَى.
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنَّ لِلشَّقِيقَةِ النِّصْفَ وَلِلَّتِي لِلْأَبِ السُّدْسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ كَانَتْ الَّتِي لِأَبٍ وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً وَلِذَلِكَ قَالَ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَإِنْ اتَّحَدَتْ أَخَذَتْهُ وَحْدَهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ اقْتَسَمْنَ ذَلِكَ السُّدْسَ عَلَى عَدَدِهِنَّ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اجْتَمَعَتْ بِنْتُ الصُّلْبِ وَبِنْتُ الِابْنِ فَلِبِنْتِ الصُّلْبِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدْسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ كَانَتْ بِنْتُ الِابْنِ وَاحِدَةً أَوْ
(2/309)

مُتَعَدِّدَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ تَشْبِيهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِالْأُولَى وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأُخْتِ الَّتِي لِلْأَبِ أَخٌ لِأَبٍ فَإِنَّ النِّصْفَ الْفَاضِلَ عَنْ الشَّقِيقَةِ يَكُونُ لِلَّذِينَ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ أَخٌ لَهَا أَوْ ابْنُ عَمِّهَا فَإِنَّ النِّصْفَ الْفَاضِلَ عَنْ بِنْتِ الصُّلْبِ لِأَوْلَادِ الِابْنِ الذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) فَائِدَةُ قَوْلِهِمْ: تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ وَالسُّدْسَ فَرْضٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَتْ صَاحِبَةُ النِّصْفِ وَاجِبَهَا مِنْ أَصْلٍ فَإِنَّ صَاحِبَةَ السُّدْسِ مُقَدَّمَةٌ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ.
وَكَذَا إذَا بَاعَتْ صَاحِبَةُ السُّدْسِ فَصَاحِبَةُ النِّصْفِ مُقَدَّمَةٌ فِي الشُّفْعَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ الْوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَا إحْدَى الْبِنْتَيْنِ مَعَ الْأُخْرَى وَإِحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ.
وَالزَّوْجُ مِنْ نِصْفٍ لِرُبُعٍ انْتَقَلْ ... مَعْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ هَبْ سَفُلْ
وَيَنْقُلُ الزَّوْجَةَ مِنْ رُبُعٍ إلَى ... ثُمُنٍ صَحِيحُ نِسْبَةٍ مِنْ هَؤُلَا
هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي يَلِيه مِنْ النَّقْلِ مِنْ فَرْضٍ لِفَرْضٍ دُونَهُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ يَحْجُبُهُ وَلَدُ الزَّوْجَةِ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا كَانَ وَلَدَ صُلْبٍ أَوْ وَلَدَ ابْنٍ.
وَلِذَلِكَ قَالَ هَبْ سَفُلْ مِنْ زَوَاجٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِعَانٍ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ يَحْجُبُهَا وَلَدُ الزَّوْجِ أَوْ وَلَدُهُ، وَوَلَدُهُ اللَّاحِقُ بِهِ شَرْعًا كَيْف كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ وَعَلَى التَّنْبِيهِ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْوَلَدِ لَاحِقًا بِأَبِيهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: صَحِيحُ نِسْبَةٍ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَخْرَجَ بِهِ وَلَدَ الزِّنَا وَالْمَنْفِيَّ بِلِعَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ يَحْجُبُ لِلرُّبُعِ وَلَوْ كَانَ زِنًا، وَلَدُ الزَّوْجِ لَا يَحْجُبُ الْمَرْأَةَ لِلثُّمُنِ إلَّا إنْ لَحِقَ بِهِ شَرْعًا وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ وقَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] .
وَلَا فَرْقَ فِي مِيرَاثِ الزَّوْجَيْنِ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا
وَالْأُمُّ مِنْ ثُلْثٍ لِسُدْسٍ تُفْرَدُ ... بِهِمْ وَبِالْإِخْوَةِ إنْ تَعَدَّدُوا
وَغَيْرُ مَنْ يَرِثُ لَيْسَ يَحْجُبُ ... إلَّا أُولَاءَ حَجَبُوا إذْ حُجِبُوا
وَثُلْثُ مَا يَبْقَى عَنْ الزَّوْجَيْنِ ... تَأْخُذُ مَعْ أَبٍ بِغَرَّاوَيْنِ
تَقَدَّمَ أَنَّ فَرْضَ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَأَخْبَرَ هُنَا فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تُحْجَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدْسِ بِالْوَلَدِ يَعْنِي وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ فِي الْوَلَدِ وَجَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ مَصْدُوقِ الْجِنْسِ وَكَذَلِكَ تُحْجَبُ إلَى السُّدْسِ بِالْإِخْوَةِ إذَا تَعَدَّدُوا.
فَقَوْلُهُ: إنْ تَعَدَّدُوا رَاجِعٌ لِلْإِخْوَةِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونُوا
(2/310)

اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ وَرِثُوا أَوْ حُجِبُوا ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي بِقَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ بَابِ الْفَرَائِضِ وَهِيَ أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْإِخْوَةُ فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَ أُمَّهُمْ حَجْبَ نَقْصٍ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدْسِ وَإِنْ كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ أَوْ بِالْوَلَدِ حَجْبَ إسْقَاطٍ (قَالَ فِي الْمَعُونَةِ) وَلَا يَحْجُبُ إلَّا مَنْ يَرِثُ فَلَا يَحْجُبُ عَبْدٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا يَحْجُبُ غَيْرُ الْوَارِثِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِخْوَةُ مَعَ الْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدْسِ وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ شَيْئًا اهـ.
وَأَمَّا مَنْ لَا يَرِثُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ كَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ رَأْسًا لَا حَجْبَ نَقْصٍ وَلَا حَجْبَ إسْقَاطٍ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ فَقَوْلُهُ: إلَّا أُولَاءِ يَعْنِي الْإِخْوَةَ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِمْ قَرِيبًا حَجَبُوا الْأُمَّ حَجْبَ نَقْصٍ وَحُجِبُوا بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأُمَّ تَأْخُذُ فِي الْفَرِيضَتَيْنِ الْمَعْرُوفَتَيْنِ بِالْغَرَّاوَيْنِ ثُلُثَ مَا بَقِيَ بَعْدَ صَاحِبِ الْفَرْضِ لَا الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُمَا زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ الرُّبُعُ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ لِلْأَبِ وَالْأُخْرَى زَوْجٌ وَأَبَوَانِ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ عَلَى ثَلَاثَةِ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ تُضْرَبُ عِدَّةُ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهِمْ فِي اثْنَيْنِ.
أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ اثْنَانِ فَالْأُمُّ أَخَذَتْ فِيهِمَا ثُلُثَ الْبَاقِي وَهُوَ فِي الْأُولَى رُبُعٌ وَفِي الثَّانِيَةِ سُدُسٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمَّ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ الْأُولَى: إذَا وُجِدَ الْوَلَدُ أَوْ تَعَدَّدَتْ الْإِخْوَةُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا السُّدْسُ الثَّانِيَةُ: فِي الْغَرَّاوَيْنِ إنَّمَا لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ رُبُعٌ أَوْ سُدُسٌ كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّالِثَةُ: إذَا عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّهَا يُنْقَصُ لَهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ السُّدْسِ عَلَى قَدْرِ مَا يُنْقَصُ لِغَيْرِهَا

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ]
ِ حَجْبِ النَّقْلِ لِلتَّعْصِيبِ
لِلِابْنِ شَرْعًا حَظُّ بِنْتَيْنِ ادْفَعْ ... مِنْ مَالٍ أَوْ بَاقِيهِ فِي التَّنَوُّعِ
وَوَلَدِ ابْنٍ مِثْلُهُمْ فِي الْحُكْمِ ... وَإِخْوَةٌ كَذَا لِغَيْرِ الْأُمِّ
تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِنْتَ وَبِنْتَ الِابْنِ وَالْأُخْتَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ كُلُّهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الْفُرُوضِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُنَّ قَدْ يَصِرْنَ عَاصِبَاتٍ فَيَكُونُ لَهُنَّ نِصْفُ مَا يَجِبُ لِمَنْ عَصَبَهُنَّ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
لِلِابْنِ شَرْعًا حَظُّ بِنْتَيْنِ ادْفَعْ
فَالْبِنْتُ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا كَانَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ وَبِنْتُ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا مَنْ فِي دَرَجَتِهَا وَهُوَ أَخُوهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَمَنْ هُوَ أَنْزَلُ مِنْهَا كَابْنِ أَخِيهَا وَحَفِيدِ عَمِّهَا وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا الشَّقِيقُ.
وَكَذَا الَّتِي لِلْأَبِ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا وَأَمَّا الْأُخْتُ لِلْأُمِّ فَلَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا وَلِذَلِكَ قَالَ: لِغَيْرِ الْأُمِّ وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْصِيبِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِ الْمَالِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو فَرْضٍ كَالْأَوْلَادِ وَحْدَهُمْ وَالْإِخْوَةُ كَذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِهِ فَقَطْ حَيْثُ يَتَقَدَّمُ ذُو الْفَرْضِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ فَإِنَّ التَّعْصِيبَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
مِنْ مَالٍ أَوْ بَاقِيهِ فِي التَّنَوُّعِ
فَالْمُرَادُ بِالتَّنَوُّعِ فِي الْوَرَثَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِمْ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٌ
وَالْأُخْتُ لَا لِلْأُمِّ كَيْفَ تَاتِي ... مِنْ شَأْنِهَا التَّعْصِيبُ مَعْ بَنَاتِ
كَذَا يُعَصِّبْنَ بَنَاتِ الِابْنِ ... وَالْعَوْلُ فِي الصِّنْفَيْنِ عَنْهُ اُسْتُغْنِيَ
(2/311)

أَخْبَرَ أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ وَلِذَلِكَ قَالَ: لَا لِلْأُمِّ كَيْفَ تَأْتِي فَأَخْرَجَ الَّتِي لِلْأُمِّ وَعَمَّمَ فِي غَيْرِهَا مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ مَعَ الْبِنْتِ عَاصِبَةً تَرِثُ مَا فَضَلَ لَهَا وَلَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهَا كَانَتْ الْبِنْتُ وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً وَالْأُخْتُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ شَأْنُ الْبَنَاتِ أَنْ يُعَصِّبْنَ بَنَاتِ الِابْنِ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ بِالْفَرْضِ وَلِلْأُخْتِ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ.
وَإِنْ كَانَتْ ابْنَتَانِ فَأَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ مَا بَقِيَ وَلَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلَا لِلِاثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ فَتَعُولَ الْمَسْأَلَةُ بَلْ لَيْسَ لَهَا إلَّا مَا بَقِيَ وَلِذَلِكَ قَالَ
وَالْعَوْلُ فِي الصِّنْفَيْنِ عَنْهُ اُسْتُغْنِيَ
وَكَذَلِكَ الْبِنْتُ الْوَاحِدَةُ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ بَنَاتِهِ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ أَوْ بَنَاتِهِ السُّدْسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يُعَالُ لِبِنْتِ الِابْنِ أَوْ بَنَاتِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ:
وَالْعَوْلُ فِي الصِّنْفَيْنِ عَنْهُ اُسْتُغْنِيَ
وَالْمُرَادُ بِالصِّنْفَيْنِ الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ
وَبِنْتُ الِابْنِ إنْ تَكُنْ قَدْ حُجِبَتْ ... بِابْنٍ مُسَاوٍ أَوْ أَحَطَّ عُصِبَتْ
يَعْنِي أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ إذَا حُجِبَتْ بِبِنْتَيْ الصُّلْبِ لِاسْتِيفَائِهِنَّ لِلثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ عَاصِبَةً بِابْنٍ مُسَاوٍ لَهَا أَخِيهَا أَوْ ابْنِ عَمِّهَا أَوْ أَحَطَّ مِنْهَا كَابْنِ أَخِيهَا وَحَفِيدِ عَمِّهَا فَتَرِثُ الثُّلُثَ الْبَاقِي مَعَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
فَقَوْلُهُ بِابْنٍ يَتَعَلَّقُ بِعُصِبَتْ لَا بِحُجِبَتْ (قَالَ فِي الرِّسَالَةِ) فَإِنْ كَانَتْ الْبَنَاتُ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِبَنَاتِ الِابْنِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ الذَّكَرُ تَحْتَهُنَّ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ كَذَلِكَ
وَبِأَخٍ لَا بِابْنِهِ إخْوَةُ الْأَبْ ... تَعْصِيبَهُنَّ مَعْ شَقِيقَةٍ وَجَبْ
يَعْنِي أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ إنَّمَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا لَا ابْنُ أَخِيهَا فَإِذَا كَانَتْ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَلِلَّتِي لِلْأَبِ السُّدْسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ فَإِذَا كَانَ مَعَ الَّتِي لِلْأَبِ أَخٌ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا وَيَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ أُخْتَانِ شَقِيقَتَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَلَا شَيْءَ لِلَّتِي لِلْأَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ فَيَأْخُذُونَ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
(قَالَ فِي الرِّسَالَةِ) فَإِنْ كَانَتْ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ أَوْ أَخَوَاتٌ لِأَبٍ فَالنِّصْفُ لِلشَّقِيقَةِ وَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ السُّدْسُ وَلَوْ كَانَتَا شَقِيقَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فَيَأْخُذُونَ مَا بَقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اهـ.
(وَقَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ يَرْجِعُ إلَى مَسْأَلَةِ اتِّحَادِ الشَّقِيقَةِ وَتَعَدُّدِهَا فَيُعَصِّبُهَا أَخُوهَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ أَخِيهَا كَذَلِكَ أَيْضًا أَعْنِي اتَّحَدَتْ الشَّقِيقَةُ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: وَبِأَخٍ لَا بِابْنِهِ فَإِذَا كَانَتْ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ فَلِلَّتِي لِلْأَبِ السُّدْسُ وَلِابْنِ الْأَخِ الثُّلُثُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَتْ شَقِيقَتَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ فَلِلشَّقِيقَتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ أَخِيهَا بَلْ أَخُوهَا فَقَطْ وَانْظُرْ قَوْلَهُ: إخْوَةُ الْأَبِ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أُخْتٌ لِأَبٍ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّأْنِيثِ وَأَمَّا إخْوَةٌ فَجَمْعُ أَخٍ وَالتَّعْصِيبُ إنَّمَا هُوَ لِلْأُخْتِ وَالْأَخَوَاتِ لَا لِلْإِخْوَةِ الذُّكُورِ (قَالَ الشَّارِحُ) وَلَوْ قَالَ
وَبِأَخٍ لَا بِابْنِهِ أُخْتٍ لِأَبْ ... تَعْصِيبُهَا مَعَ شَقِيقَةٍ وَجَبْ
لَسَقَطَ عَنْهَا الِاعْتِرَاضُ حَيْثُ أَطْلَقَ الْإِخْوَةَ عَلَى الْأَخَوَاتِ

[فَصْلٌ فِي مَوَانِعَ الْمِيرَاثِ]
ِ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ
(2/312)

الْكُفْرُ وَالرِّقُّ لَإِرْثٍ مَنَعَا ... وَإِنْ هُمَا بَعْدَ الْمَمَاتِ ارْتَفَعَا
وَمِثْلُ ذَاكَ الْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدِّ ... وَمُطْلَقًا يَمْنَعُ قَتْلُ الْعَمْدِ
وَإِنْ يَكُنْ عَنْ خَطَإٍ فَمِنْ دِيَهْ ... وَحَالَةُ الشَّكِّ بِمَنْعٍ مُغْنِيَهْ
يَعْنِي أَنَّ الْكُفْرَ وَالرِّقَّ يَمْنَعَانِ مِنْ الْمِيرَاثِ فَإِذَا مَاتَ إنْسَانٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَلَهُ قَرِيبٌ كَافِرٌ أَوْ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ وَالرَّقِيقُ عَلَى رِقِّهِ أَوْ ارْتَفَعَ الْكُفْرُ وَالرِّقُّ بَعْدَ مَوْتِ قَرِيبِهِمَا بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَحُرِّيَّةِ الرَّقِيقِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ وَإِنْ هُمَا أَيْ الْكُفْرُ وَالرِّقُّ ارْتَفَعَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ
(2/313)

وَقْتُ الْمَوْتِ فَحِينَ زُهُوقِ الرُّوحِ وَبِالْقَرِيبِ مَانِعٌ مِنْ كُفْرٍ أَوْ رِقٍّ انْتَقَلَ ذَلِكَ الْإِرْثُ لِغَيْرِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَرْجِعُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَحُرِّيَّةِ الرَّقِيقِ وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْقَرِيبُ الْكَافِرُ أَوْ الرَّقِيقُ فَإِنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُهُ فَالْمَنْعُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ مَعًا وَسَوَاءٌ كَانَ الرِّقُّ كَامِلًا أَوْ فِيهِ طَرَفٌ مِنْ حُرِّيَّةٍ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ فَإِنْ مَاتَ هُوَ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْعَمْدِ عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِيرَاثِ مُطْلَقًا أَيْ لَا يَرِثُ لَا مِنْ الْمَالِ وَلَا مِنْ الدِّيَةِ وَهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا قَاتِلُ الْخَطَأِ فَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ فَيُعْطِيهَا كَامِلَةً وَلَا يَرِثُ مِنْهَا شَيْئًا وَيَرِثُ مِنْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ يَكُنْ عَنْ خَطَأٍ فَمِنْ دِيَةٍ وَأَمَّا قَاتِلُ الْعَمْدِ عَلَى وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَكَذَلِكَ لَا إرْثَ مُطْلَقًا لَا مِنْ مَالٍ وَلَا مِنْ دِيَةٍ إذَا شَكَّ فِي كَوْنِ الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَحَالَةُ الشَّكِّ بِمَنْعٍ مُغْنِيَهْ
(تَنْبِيهٌ) الْمَنْعُ مِنْ إرْثِ الرَّقِيقِ إنَّمَا هُوَ بِالْقَرَابَةِ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ وَأَمَّا بِالرِّقِّ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ بِالْإِرْثِ.
وَيُوقَفُ الْقَسْمُ مَعَ الْحَمْلِ إلَى ... أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَيُعْمَلَا
يَعْنِي إذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَمْلًا أَوْ لَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ إلَّا الْحَمْلُ فَإِنَّ قَسْمَ الْمِيرَاثِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ فَإِنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا وَتَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ وَرِثَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي لِلْعَاصِبِ أَوْ لِصَاحِبِ الْمَوَارِيثِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ أَيْضًا
وَبَيْنَ مَنْ مَاتَ بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقْ ... يَمْتَنِعُ الْإِرْثُ لِجَهْلِ مَنْ سَبَقْ
يَعْنِي إذَا مَاتَ قَرِيبَانِ كَالرَّجُلِ وَأَخِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا كَمَا إذَا مَاتَا تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ غَرِقَا أَوْ فُقِدَا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِلْجَهْلِ بِالسَّابِقِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَذَلِكَ هُنَا مُتَعَذِّرٌ وَيَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ
وَإِرْثُ خُنْثَى بِمَالِهِ اعْتُبِرْ ... وَمَا بَدَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ اُقْتُصِرْ
وَإِنْ يَبُلْ بِالْجِهَتَيْنِ الْخُنْثَى ... فَنِصْفُ حَظَّيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
يَعْنِي أَنَّ مِيرَاثَ الْخُنْثَى مُعْتَبَرٌ بِمَحَلِّ بَوْلِهِ فَإِنْ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الذَّكَرِ وَإِنْ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْأُنْثَى وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ نَصِيبِ أُنْثَى لِأَنَّ مِيرَاثَ الْأُنْثَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَسْوَأَ حَالَيْهِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مُتَنَازَعٌ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَا مُرَجِّحَ فَوَجَبَ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَالتَّدَاعِي.
(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ أَوَنَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ ثَدْيٌ أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ أَوْ مَنِيٌّ فَلَا إشْكَالَ أَيْ لَيْسَ هُوَ مُشْكِلًا بَلْ مُتَمَحِّضٌ إمَّا لِلذُّكُورَةِ إنْ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ، أَوْ كَانَ بَوْلُهُ مِنْهُ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ أَوَنَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، أَوْ أَمْنَى مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ لِلْأُنُوثَةِ إنْ بَالَ مِنْ فَرْجِهِ أَوْ كَانَ بَوْلُهُ مِنْهُ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ أَوْ حَاضَ أَوْ نَبَتَ لَهُ ثَدْيٌ فَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ ابْنًا وَخُنْثَى مُشْكِلًا فَعَمَلُ الْفَرِيضَةِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَتَكُونُ مِنْ اثْنَيْنِ، وَعَلَى أَنَّهُ أُنْثَى مِنْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ تُضْرَبُ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تُضْرَبُ السِّتَّةُ فِي حَالَيْ الْخُنْثَى وَهُمَا حَالُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ هِيَ الْجَامِعَةُ اقْسِمْهَا عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى يَخْرُجْ جُزْءُ سَهْمِهَا سِتَّةً وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَخْرُجْ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ تَضْرِبُ لِلْأَوَّلِ وَاحِدًا فِي سِتَّةٍ بِهَا وَاثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ اقْسِمْهَا عَلَى حَالَيْ الْخُنْثَى يَخْرُجْ لَك سَبْعَةٌ.
وَاضْرِبْ لِلْخُنْثَى وَاحِدًا فِي سِتَّةٍ بِهَا وَوَاحِدًا فِي أَرْبَعَةٍ بِهَا الْمَجْمُوعُ عَشَرَةٌ اقْسِمْهَا عَلَى حَالَيْ الْخُنْثَى يَخْرُجْ لَهُ خَمْسَةٌ هَذَا إذَا كَانَ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَعَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَإِرْثُهُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى عَلَى نِصْفِ إرْثِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَمَا إذَا كَانَ ابْنًا وَأَمَّا إنْ كَانَ إنَّمَا يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَقَطْ كَابْنِ الْأَخِ فَإِنَّمَا لَهُ نِصْفُ نَصِيبِ الذَّكَرِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى فَقَطْ كَالْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ فَإِنَّمَا لَهُ نِصْفُ أُنْثَى أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَرِثُ عَلَى الذُّكُورَةِ
(2/314)

وَالْأُنُوثَةِ سَوَاءٌ كَالْأَخِ فَلَهُ نَصِيبُهُ كَامِلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ هَذَا التَّفْصِيلَ مَعَ قَوْلِ التِّلْمِسَانِيِّ
فَافْرِضْ لَهُ نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ ... وَنِصْفَ حَظِّ امْرَأَةٍ مُقَدَّرِ
مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ فِي الْوَارِثِ (فَرْعٌ) فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَلَا يَرِثُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصِبٍ إذْ لَا يَسْتَكْمِلُ الْمَالَ كُلَّهُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَالْعَاصِبُ يَسْتَكْمِلُهُ إذَا انْفَرَدَ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ.
وَابْنُ اللِّعَانِ إرْثُهُ بِأُمِّهِ ... مَا كَانَ وَالسُّدْسُ أَقْصَى سَهْمِهِ
وَتَوْأَمَاهُ هَبْهُمَا تَعَدَّدَا ... هُمَا شَقِيقَانِ فِي الْإِرْثِ أَبَدَا
يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي نَفَاهُ أَبُوهُ بِاللِّعَانِ إنَّمَا يَكُونُ إرْثُهُ بِأُمِّهِ فَقَطْ لَا بِأَبِيهِ فَيَرِثُ جَدَّتَهُ لِأُمِّهِ دُونَ جَدَّتِهِ لِأَبِيهِ وَإِذَا كَانَ لِأُمِّهِ وَلَدٌ مِنْ أَبِيهِ الَّذِي نَفَاهُ وَلَدَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ اللِّعَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ السُّدْسَ لَا غَيْرُ، وَإِذَا كَانَ اللِّعَانُ يَنْفِي حَمْلًا فَوَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَهُمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا شَقِيقَانِ يَتَوَارَثَانِ تَوَارُثَ الشَّقِيقَيْنِ لِأَنَّ الْمُلَاعِنَ إنَّمَا نَفَى بُنُوَّتَهُمَا لَا أُخُوَّتَهُمَا.
(فَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) إذَا كَانَ ابْنٌ مِنْ زَوْجَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَاعَنَهَا فِيهِ ثُمَّ جَاءَتْ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ بِتَوْأَمَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْأُمِّ السُّدْسُ، وَلِلِابْنِ الَّذِي كَانَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ السُّدْسُ لِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ، وَلِلْبَاقِي مِنْ التَّوْأَمَيْنِ بَقِيَّةُ الْمَالِ وَذَلِكَ الثُّلُثَانِ لِأَنَّهُ شَقِيقٌ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ الْمُلَاعِنُ أَحَاطَ بِمِيرَاثِهِ الِابْنُ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَارِثٌ سِوَاهُ، فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ الَّذِي كَانَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ اللِّعَانِ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ، أُنْثَى، فَلِأُمِّهِ السُّدْسُ، وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ لِلْبَاقِي مِنْ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَمِّهِ وَلَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ أَوْ الِابْنَة شَيْئًا.
فَإِنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ السُّدْسُ، وَلِلْعَصَبَةِ مَا بَقِيَ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ، (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ مَالِكٍ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَاعَنَتْ عَنْ حَمْلٍ ظَهَرَ بِهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِتَوْأَمَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِالْأُمِّ وَالْأَبِ كَابْنَيْ رِشْدَةٍ اهـ (الْجَوْهَرِيُّ) وَتَقُولُ هُوَ لِرِشْدَةٍ خِلَافُ قَوْلِكَ لِزَنْيَةٍ اهـ
وَمَا قَصَدْتُ جَمْعَهُ هُنَا انْتَهَى ... وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بِغَيْرِ مُنْتَهَى
وَبِالصَّلَاةِ خَتْمُهُ كَمَا اُبْتُدِيَ ... عَلَى الرَّسُولِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدِ
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الْأَخْيَارِ ... مَا كُوِّرَ اللَّيْلُ عَلَى النَّهَارِ
الَّذِي قَصَدَ جَمْعَهُ هُوَ مَسَائِلُ الْأَحْكَامِ وَالْخُصُومَاتِ الَّتِي تَنْزِلُ بِالْقُضَاةِ وَتَتَكَرَّرُ لَدَيْهِمْ لِقَوْلِهِ فِي الصَّدْرِ
وَبَعْدُ فَالْقَصْدُ بِهَذَا الرَّجَزِ ... تَقْرِيرُ الْأَحْكَامِ بِقَوْلٍ مُوجَزِ
ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النَّعْمَةِ الْعُظْمَى مِنْ التَّوْفِيقِ لِنَظْمِ هَذَا الْكِتَابِ وَكَمَالِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ أَوْ عِلْمٍ يَبُثُّهُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ خَتَمَ النَّظْمَ بِالصَّلَاةِ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ابْتَدَأَهُ بِهَا تَبَرُّكًا بِهَا فِي الْمَحَلَّيْنِ قِيلَ وَلِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ قَطْعًا وَالْمَوْلَى سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَقْبَلَ الصَّلَاتَيْنِ وَيَدَعَ مَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَلَّى عَلَى آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ مُدَّةَ مُعَاقَبَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَيْ مُدَّةَ بَقَاءِ الدُّنْيَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
(2/315)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق