الجمعة، 12 يونيو 2015

كتاب الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - [بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا] - [فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]



كتاب
الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام
المعروف  بشرح ميارة


المؤلف
أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد الفاسي، ميارة
(المتوفى: 1072هـ)
الناشر: دار المعرفة
عدد الأجزاء: 2
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]



[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]
(فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ)
وَمَا مِنْ الْأُصُولِ بِيعَ وَظَهَرَ ... لِلْمُشْتَرِي عَيْبٌ بِهِ كَانَ اسْتَتَرَ
فَإِنْ يَكُنْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ ... فِي ثَمَنٍ فَخَطْبُهُ يَسِيرُ
وَمَا لِمَنْ صَارَ لَهُ الْمَبِيعُ ... رَدٌّ وَلَا بِقِيمَةٍ رُجُوعُ
وَإِنْ يَكُنْ يَنْقُصُ بَعْضَ الثَّمَنِ ... كَالْعَيْبِ عَنْ صَدْعِ جِدَارِ بَيِّنِ
فَالْمُشْتَرِي لَهُ الرُّجُوعُ هَهُنَا ... بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إذَا تَعَيَّنَا
وَإِنْ يَكُنْ لِنَقْصِ ثُلْثِهِ اقْتَضَى ... فَمَا عَلَا فَالرَّدُّ حَتْمٌ بِالْقَضَا
قَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ التَّقْلِيبِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى إمَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ لِلنَّاظِمِ أَوَائِلَ الْبُيُوعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا كَالدَّارِ وَالْفُنْدُقِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالثَّوْبِ وَعَلَيْهِمَا تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَصْلًا فَلَا يَخْلُو الْعَيْبُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ لَا يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ لِيَسَارَتِهِ، يُرِيدُ كَالشِّرَافَاتِ يَجِدُهَا مُنْهَدِمَةً، الثَّانِي لَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ وَنَحْوِهِ، الثَّالِثُ تُرَدُّ مِنْ أَجَلِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ يُخْشَى سُقُوطُ الدَّارِ مِنْهُ وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ السِّتِّ، فَقَوْلُهُ كَانَ اسْتَتَرَ أَيْ وَقْتَ التَّقْلِيبِ، قَوْلُهُ:
فَإِنْ يَكُنْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ
هُوَ إشَارَةٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي صَارَ لَهُ الْمَبِيعُ هُوَ الْمُشْتَرِي لَا يَرُدُّ مُشْتَرَاهُ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِيَسَارَتِهِ، وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ يَكُنْ يُنْقَصُ بَعْضَ الثَّمَنِ
الْبَيْتَيْنِ هُوَ إشَارَةٌ إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ يَكُنْ لِنَقْصِ ثُلْثِهِ اقْتَضَى
الْبَيْتَ إشَارَةٌ إلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ
(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) الْعُيُوبُ فِي الدُّورِ وَنَحْوِهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: عَيْبٌ خَطِيرٌ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ الثَّمَنِ، أَوْ مَا يُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُ حَائِطٍ كَصَدْعٍ فِيهِ فَهَذَا وَشِبْهُهُ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَالثَّانِي عَيْبٌ يَسِيرٌ لَا يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا لَا تُرَدُّ بِهِ الدَّارُ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِيَسَارَتِهِ وَيَتَمَسَّكُ بِالْمَبِيعِ، وَالثَّالِثُ لَا يُرَدُّ بِهِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ وَنَحْوِهِ اهـ وَهُوَ مِثْلُ كَلَامِ النَّاظِمِ إلَّا فِي تَقْدِيمِ الْوُجُوهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ الثَّالِثُ عِنْدَ النَّاظِمِ وَالثَّانِي عِنْدَهُ هُوَ الْأَوَّلُ عِنْدَ النَّاظِمِ وَالثَّالِثُ هُوَ الثَّانِي عِنْدَ النَّاظِمِ
(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) فِي تَفْسِيرِ الْعَيْبِ الْكَثِيرِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ مَا نَصُّهُ وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبْعِهِ، ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشْرَةُ مَثَاقِيلَ وَرُبْعُهَا عَشْرَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ إلَّا مَا أَضَرَّ اهـ وَمَنْ تَفْسِيرِهِ هَذَا الْعَيْبَ الْكَثِيرَ الْمُوجِبَ لِلرَّدِّ يُعْلَمُ حَدُّ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِلْقِيمَةِ
(قَالَ الْمَوَّاقُ) اُنْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْعَيْبُ الْيَسِيرُ فِي الدُّورِ لَا يَلْزَمُ الرَّدُّ بِهِ وَيُحْكَمُ لِلْمُبْتَاعِ إنْ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ انْفَتَحَ بِسَبَبِ هَذَا الْبَابِ التَّرَخُّصُ فِي الدَّيْنِ تَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ يُفَتِّشُ عُيُوبًا لِيَنْحَطَّ لَهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ اغْتِبَاطِهِ بِالْمَبِيعِ وَقَدْ يُعْطَاهُ فِيهِ رُبْعُ رَيْعٍ فَاَلَّذِي أَتَحَمَّلُ عُهْدَتَهُ فِي هَذَا فُتْيَا ابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ قَالَ مَا نَصُّهُ إذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي الْعَقَارِ يَسِيرًا فَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَلِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اصْرِفْ عَلَى مَا بِعْتُ مِنْك وَخُذْ الثَّمَنَ فَمِنْ حَقِّهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَكُونَ فِيهِ قِيمَةُ الْعَيْبِ اهـ وَبِفُتْيَا ابْنِ الْحَاجِّ هَذِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِفَاسَ
(2/32)

وَكُلُّ عَيْبٍ يَنْقُصُ الْأَثْمَانَا ... فِي غَيْرِهَا رُدَّ بِهِ مَا كَانَا
وَبَعْضُهُمْ بِالْأَصْلِ عَرْضًا أَلْحَقَا ... فِي أَخْذِ قِيمَةٍ عَلَى مَا سَبَقَا
يَعْنِي أَنَّ كُلَّ عَيْبٍ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيَّ مَبِيعٍ كَانَ مَا عَدَا الْأُصُولَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ مِمَّا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ وَقَامَ بِالْفَوْرِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ قَرِيبًا فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ عَنْ زَمَنِ الْبَيْعِ مُدَّةً يُمْكِنُ فِيهَا حُدُوثُ الْعَيْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ قِدَمِهِ وَإِنْ اسْتَعْمَلَ مَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ قَرِيبًا وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَ الْعَرَضَ بِالْأُصُولِ فَجَعَلَ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ فِي الْعَرَضِ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ إذَا بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ الثُّلُثَ فَمَا زَادَ
(قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ مِنْهُ. اهـ
(قَالَ الشَّارِحُ) : عُمُومُ قَوْلِ الشَّيْخِ وَكُلُّ عَيْبٍ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عَيْبٍ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ بِالْعُيُوبِ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا فُرِضَ سَالِمًا مِنْهُ فَإِنَّهُ عَيْبٌ لِكَوْنِهِ أَتَى بِهَا كُلِّيَّةً تَنْدَرِجُ تَحْتَهَا جُمْلَةٌ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يَنْحَصِرُ عَدَدُهَا وَذَلِكَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ شَامِلٌ لِلْأَصْلِ وَالْعَرَضِ وَكَفَى بِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْعَرَضَ يُرَدُّ فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مُطْلَقًا، وَالْأَصْلُ لَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَةُ الْعَيْبِ الثُّلُثَ، أَوْ الرُّبُعَ أَوْ الْعُشْرَ، عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ اهـ وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: وَبَعْضُهُمْ الْبَيْتَ إلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمُفِيدِ رَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا فَإِذَا فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ يَخْرُجُ فِي الْقَطْعِ لَمْ يُرَدَّ بِهِ وَوُضِعَ عَنْهُ قَدْرُ الْعَيْبِ اهـ وَقَدْ بَحَثَ مَعَهُ الشَّارِحُ فِي نَقْلِهِ لِهَذَا الْقَوْلِ لِاقْتِصَارِهِ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ قَالَ فَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَهُ ظَاهِرَ الْوَجْهِ رَاجِحَ الْمُدْرَكِ
(2/33)

ثُمَّ الْعُيُوبُ كُلُّهَا لَا تُعْتَبَرْ ... إلَّا بِقَوْلِ مَنْ لَهُ بِهَا بَصَرْ
تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ عَيْبٍ يَنْقُصُ الثَّمَنَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِهِ إذَا كَانَ لَمْ يَرَهُ وَقْتَ التَّقْلِيبِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا جَلِيًّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَدَّعِي الْبَائِعُ أَنْ لَا عَيْبَ فِيهِ وَيَزْعُمُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ عَيْبٌ فَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ مَنْ لَهُ بِذَلِكَ بَصَرٌ وَمَعْرِفَةٌ فَيَشْهَدُونَ بِوُجُودِ الْعَيْبِ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ مِمَّا يَنْقُصُ الثَّمَنَ لِأَنَّ مِنْ الْعُيُوبِ مَا هُوَ خَفِيفٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ الْمَبِيعُ غَالِبًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَتَقَدَّمَ لِلنَّاظِمِ فِي آخِرِ فَصْلِ بَيْعِ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ
وَيُثْبِتُ الْعُيُوبَ أَهْلُ الْمَعْرِفَهْ ... بِهَا وَلَا يُنْظَرُ فِيهِمْ لِصِفَهْ
(قَالَ الْبَاجِيُّ) إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَعُيُوبِهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ كَالْأَمْرَاضِ الَّتِي لَا يَعْرِفُ أَسْرَارَهَا إلَّا الْأَطِبَّاءُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَهُوَ أَتَمُّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ أَهْلُ عَدْلٍ قُبِلَ قَوْلُ غَيْرِهِمْ إنْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الْخَبَرُ مِمَّا يَنْفَرِدُونَ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْعُيُوبِ فِي جَسَدِ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَا تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ الْعُيُوبِ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي يَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ النِّسَاءُ قُبِلَ فِيهِ امْرَأَتَانِ مِنْ عُدُولِ النِّسَاءِ دُونَ يَمِينٍ.
وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهَا أَهْلُ الْعِلْمِ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ بِصِفَتِهِ وَسُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ (الْمُتَيْطِيُّ) الْوَاحِدُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ يَكْفِي إذْ طَرِيقُ ذَلِكَ، الْعِلْمُ لَا الشَّهَادَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْمُولُ بِهِ اهـ مِنْ الْمَوَّاقِ فَإِذَا ثَبَتَ الْعَيْبُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ فَقَدْ قَدَّمَ النَّاظِمُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَارِفِ يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ ظَاهِرًا كَانَ أَوْ خَفِيًّا، وَأَمَّا الْعَارِفُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْعَيْبِ الظَّاهِرِ وَفِي رُجُوعِهِ فِي الْخَفِيِّ خِلَافٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي فَصْلِ بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ:
.. ... فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ
إلَّا بِأَوَّلٍ بِمَا مِنْهُ ظَهَرْ ... لِمَنْ يَكُونُ بِالْعُيُوبِ ذَا بَصَرْ
وَالْخُلْفُ فِي الْخَفِيِّ مِنْهُ، أَيْ لِلْعَارِفِ أَيْضًا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ
فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ
وَلِلشَّارِحِ هُنَا تَفْصِيلٌ وَلَفْظُهُ بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ، وَإِذَا ثَبَتَ فِي نَظَرِهِمْ أَنَّهُ عَيْبٌ مُؤَثِّرٌ فِي الثَّمَنِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ، أَوْ مِمَّا لَا يَخْفَى عِنْدَهُ فَمَا لَا يَخْفَى يُحْمَلُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ رَآهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَبَدَا لَهُ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ يَحْتَالُ عَلَى حِلِّهِ أَوْ نَقْصِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَارِفِ وَغَيْرِهِ، فَالرَّدُّ بِهِ لِلْعَارِفِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى إلَّا عَلَى غَيْرِ الْعَارِفِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ غَيْرِ الْعَارِفِ فَلَهُ الرَّدُّ وَبَيْنَ الْعَارِفِ كَالنَّخَّاسِ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ فَلَا رَدَّ لَهُ اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ.
وَالْمُشْتَرِي الشَّيْءَ وَبَعْدُ يَطَّلِعْ ... فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قِيَامُهُ مُنِعْ
إلَّا عَلَى الْفَوْرِ وَمَهْمَا اُسْتُعْمِلَا ... بَعْدَ اطِّلَاعِهِ الْمَعِيبَ بَطَلَا
كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْبِنَاءِ ... وَالْهَدْمِ وَالْجِمَاعِ لِلْإِمَاءِ
(2/34)

تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيمَا اشْتَرَى فَلَهُ رَدُّهُ لَكِنْ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَوَانِعُ أَحَدُهَا الْبَيْعُ عَلَى الْبَرَاءَةِ إمَّا فِي الرَّقِيقِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ الثَّانِي فَوْتُ الْمَبِيعِ إمَّا حِسًّا كَالتَّلَفِ وَالْمَوْتِ وَإِمَّا حُكْمًا كَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ. وَالثَّالِثُ زَوَالُ الْعَيْبِ. الرَّابِعُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ كَاسْتِعْمَالِ الْمَعِيبِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَإِلَى هَذَا الْقِسْمِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْأَبْيَاتِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ فَلَا رَدَّ لَهُ، كَالسُّكُوتِ عَنْ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ خَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الطُّولِ، فَإِنْ قَامَ بِالْفَوْرِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَكَاسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ اخْتِيَارًا وَالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَحْرَى مِنْ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ.
(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَهَذَا لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إذْ الْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ وَتَرَاخَى عَنْهُ لَزِمَهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا. اهـ (ابْنُ شَاسٍ) ظُهُورُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ سُكُوتٍ مَانِعٌ
(2/35)

مِنْ الرَّدِّ (ابْنُ يُونُسَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَاضِرِ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ رُكُوبَ احْتِبَاسٍ لَهَا بَعْدَ عِلْمٍ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَذَلِكَ رِضًا وَإِنْ رَكِبَهَا لِيَرُدَّهَا وَشِبْهِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَلَوْ تَسَاوَقَ أَوْ تَسَاوَمَ بِالثَّوْبِ أَوْ لَبِسَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْعَيْبِ.
(ابْنُ عَرَفَةَ) تَصَرُّفُ الْمُخْتَارِ مُعْتَبَرٌ، أَمَّا سُكْنَى الدَّارِ وَنَحْوِهَا، بَعْدَ عِلْمِ عَيْبِهَا وَقَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ فَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا، وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ مُجَرَّدِ السُّكُوتِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقِيَامِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ: لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بَغْلَةِ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ حِينَ الْمُخَاصَمَةِ، وَالْغَلَّةُ لَهُ حَتَّى يُحْكَمَ بِالْفَسْخِ فَيَجْنِيَ الثِّمَارَ وَيَأْخُذَ غَلَّةَ الدَّارِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ الْمُكْرِيَ ثُمَّ يُخَاصِمَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِلسُّكْنَى وَيُمْنَعُ لُبْسَ الثَّوْبِ وَالتَّلَذُّذَ بِالْجَارِيَةِ فَإِنْ لَبِسَ أَوْ وَطِئَ كَانَ رِضًا وَسَقَطَ قِيَامُهُ (الْمَازِرِيُّ) وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ ابْنُ شَاسٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْزِلُ عَنْ الدَّابَّةِ إنْ كَانَ رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْقَوْدُ فَيُعْذَرُ فِي الرُّكُوبِ إلَى مُصَادَفَةِ الْخَصْمِ أَوْ الْقَاضِي عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.
(ابْنُ يُونُسَ) اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا فِي سَفَرِهِ فَرَوَى أَشْهَبُ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا لَزِمَتْهُ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا وَلْيَرْكَبْ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(ابْنُ يُونُسَ) وَبِهِ أَقُولُ، وَجْهُهُ أَنَّ الْمُضْطَرَّ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ مُكْرَهًا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ فَكَذَلِكَ مَعَ الِاضْطِرَارِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مَالِ غَيْرِهِ مَعَ الِاضْطِرَارِ فَفِي هَذَا أَحْرَى اهـ.
(فَرْعٌ) إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَوَجَدَ الْبَائِعَ غَائِبًا. فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ إنْ أَثْبَتَ الْعُهْدَةَ.
(التَّوْضِيحُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ رُدَّ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ الْغَيْبَةِ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَيُثْبِتُ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَصِحَّتَهُ وَصِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ، أَيْ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ اهـ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَرَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ، وَالْبَائِعُ غَائِبٌ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اشْتَرَى بِبَيْعِهِ الْإِسْلَامَ وَعُهْدَتَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا لَمْ يُعَجِّلْ الْإِمَامُ عَلَى الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْبَعِيدُ الْغِيبَةِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قَضَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ وَيُعْطِي الْمُبْتَاعَ ثَمَنَهُ الَّذِي نُقِدَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا أَتْبَعَهُ بِهِ الْمُبْتَاعُ اهـ مِنْ الْمَوَّاقِ، ابْنُ عَرَفَةَ غَيْبَةُ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُبْتَاعِهِ.
(قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) مَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ عَبْدًا اشْتَرَاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِغَيْبَةِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْنِهِ وَيُعْذَرُ لِغَيْبَةِ الْبَائِعِ لِتَنَقُّلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَيَرْجُو إنْ قَدِمَ الْبَائِعُ مُوَافَقَتَهُ. فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ سُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ إنْ قَدِمَ رَبُّهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ (ابْنُ عَرَفَةَ) وَلَهُ أَيْضًا الْقِيَامُ فِي غَيْبَتِهِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.
(فَرْعٌ) إذَا أَرَادَ الْبَائِعُ إحْلَافَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا اسْتَخْدَمَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَلَمْ يُحَلَّفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَادَةِ وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرِهِ.
وَكَامِنٍ يَبْدُو مَعَ التَّغْيِيرِ ... كَالسُّوسِ لَا يُرَدُّ فِي الْمَأْثُورِ
يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ الْكَامِنَ الَّذِي لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ كَسُوسِ الْخَشَبِ، وَمَرَارَةِ الْقِثَّاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْجَهْلِ بِهِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ بِهِ.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا بِيعَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَفِي بَاطِنِهِ عَيْبٌ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ يَجْهَلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَا يُعْلَمُ
(2/36)

بِعَيْبِهِ إلَّا بَعْدَ الشَّقِّ أَوْ الْكَسْرِ مِثْلُ الْخَشَبِ. وَشِبْهِهَا شِبْهِهِ يُشَقُّ فَيَجِدُ الْمُبْتَاعُ فِي دَاخِلِهَا دَاخِلِهِ عَيْبًا بَاطِنًا فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ رَدٍّ وَلَا قِيمَةِ عَيْبٍ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ، وَالْجَوْزُ يُوجَدُ دَاخِلُهُ فَاسِدًا، وَالْقِثَّاءُ تُوجَدُ مُرًّا فَلَا يُرَدُّ وَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَسَمِعَ أَشْهَبُ: الشَّاةُ يَجِدُهَا عَجْفَاءَ أَوْ جَوْفَهَا أَخْضَرَ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا، وَاضْطَرَبَ الشُّيُوخُ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَوَجَدَهَا عَجْفَاءَ لَا تُجْزِئُ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ فِيمَنْ اشْتَرَتْ رَمَادًا وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ جَيِّدٌ وَقَالَتْ بَيَّضْت بِهِ الْغَزْلَ فَلَمْ يَخْرُجْ جَيِّدًا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بُيِّضَ بِهِ غَزْلٌ فَإِنْ خَرَجَ جَيِّدًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّرِيعَةِ إذَا زَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لَا تَنْبُتُ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا وَيُخْتَبَرُ وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِرَدِّ الْجُبْنِ يُوجَدُ فَاسِدًا لِأَنَّهُ مِمَّا عَمِلَتْ الْأَيْدِي، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيدِ يُوجَدُ أَجْرَشَ مُتَقَطِّعًا إذَا دَخَلَ النَّارَ فَيُرَدُّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: مَنْ بَاعَ شَعِيرًا لِلزِّرَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ، فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَنْبُتْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ لِتَدْلِيسِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ مُبْتَاعُهُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ نَابِتًا أَوْ غَيْرَ نَابِتٍ عَلِمَ بَائِعُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يُرِيدُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ زَرِيعَةً وَلَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ وَحَكَى أَنَّ الْقَاضِيَ ابْنَ عَبْدِ الرَّفِيعِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَثْبِتْ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ أَنَّك زَرَعْتَ الزَّرِيعَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا مِنْ هَذَا بِعَيْنِهَا، وَأَنَّكَ زَرَعْتَهَا فِي الْإِبَّانِ وَفِي أَرْضٍ ثَرِيَّةٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَنْبُتْ وَلَك الرُّجُوعُ.
(قَالَ الْقَلْشَانِيُّ) وَاسْتَحْسَنَ هَذَا شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِي عِيسَى الْغُبْرِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ مِنْ الْقَلْشَانِيِّ بِاخْتِصَارٍ. قُلْت وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى زَرِيعَةُ دُودِ الْحَرِيرِ يُوجَدُ نَسْجُهَا فَاسِدًا فَإِذَا ذَكَرَ بَائِعُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ فَهَلْ هُوَ مِنْ الْغَرَرِ بِالْقَوْلِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ عَدَمُ الْغُرْمِ إلَّا أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ عَقْدٌ وَهَذَا الَّذِي اشْتَرَى الزَّرِيعَةَ عَلَى أَنَّهَا جَيِّدَةٌ قَدْ يَشْتَرِي لَهَا الْوَرَقَ بِمَالٍ مُعْتَبَرٍ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى الْخَسَارَةِ الْكَثِيرَةِ وَلَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى نَصٍّ.
وَالْبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ ... وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ
يَعْنِي أَنَّ الْبَقَّ فِي الدَّارِ عَيْبٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلرَّدِّ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ النَّاظِمِ أَنَّ مُطْلَقَ وُجُودِ الْبَقِّ عَيْبٌ وَلَوْ قَلَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ لَا يَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ دَارٌ، وَالْمُوجِبُ لِلرَّدِّ إنَّمَا هُوَ كَثْرَتُهُ فَلِذَلِكَ أُصْلِحَ كَلَامُهُ فَقِيلَ: وَكَثْرَةُ الْبَقِّ تَعِيبُ الدُّورَا وَتُوجِبُ الرَّدَّ لِأَهْلِ الشُّورَى وَفِي قَوْلِهِ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ بِقُرْطُبَةَ لَا الْمَشْهُورُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
(قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَكَثْرَةُ الْبَقِّ عَيْبٌ فِيهَا أَيْ فِي الدَّارِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ فُقَهَاءِ الشُّورَى بِقُرْطُبَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِقُرْطُبَةَ وَحُكِمَ بِرَدِّهَا ا. هـ.
(قَالَ الشَّارِحُ) وَعَلَى فُتْيَا أَهْلِ الشُّورَى اعْتَمَدَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فِي مَسْأَلَةِ النَّمْلِ الْأَسْوَدِ السَّابِقِ لَهُ فِيهِ الْفُتْيَا فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اهـ. وَنَقَلَ الشَّارِحُ الْفُتْيَا الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ:
وَكُلُّ عَيْبٍ يُنْقِصُ الْأَثْمَانَا
الْبَيْتَيْنِ، وَلَفْظُهُ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ دَارٍ بِيعَتْ وَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي نَحْوَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ وَهُوَ نَمْلٌ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُفْسِدُ الْخُبْزَ، وَالْإِدَامَ، وَيَأْكُلُ الْأَطْفَالَ، وَأَخْبَرَ الْجِيرَانُ أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ قَدِيمٌ يَظْهَرُ مِنْ فَصْلِ الرَّبِيعِ إلَى الْخَرِيفِ.
(فَأَجَابَ) إنْ ثَبَتَ الْعَيْبُ الْمَذْكُورُ وَقِدَمُهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ أَعْلَمَ بِهِ، وَلَا تَبَرَّأَ مِنْهُ، فَرَدُّ الدَّارِ بَيِّنٌ وَاجِبٌ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مَسْأَلَةً أُخْرَى نَزَلَتْ بِمَالِقَةَ وَهِيَ أَنَّ مُشْتَرِيَ رِيَاضٍ قَامَ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ، هُوَ أَنَّ امْرَأَةً قُتِلَتْ فِي الرِّيَاضِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنَّ الرِّيَاضَ بِسَبَبِ هَذَا الْقَتْلِ يُوحِشُ سَاكِنِيهِ، وَتَنْفِرُ نُفُوسُهُمْ عَنْهُ، وَيَأْبَى الْعِيَالُ وَالْأَوْلَادُ سُكْنَاهُ وَتَتَرَاءَى لَهُمْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْوَحْشَةِ خَيَالَاتٌ شَيْطَانِيَّةٌ مُفْزِعَةٌ مُقْلِقَةٌ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.

قَالَ النَّاظِمُ:
وَأُجْرَةُ السِّمْسَارِ تُسْتَرَدُّ ... حَيْثُ يَكُونُ لِلْمَبِيعِ رَدُّ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَفَعَ لِلدَّلَّالِ أُجْرَةً فَإِنَّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ تُرَدُّ،
(2/37)

لِلْبَائِعِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، أَمَّا إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا بِعَيْبٍ فَلَا تُرَدُّ.
(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ مَالِكٌ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ رَدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ، وَأَمَّا إنْ دَلَّسَ فَالْجَعْلُ لِلْأَجِيرِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اهـ.
(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَإِذَا رُدَّ الْعَبْدُ أَوْ الْجَارِيَةُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى الدَّلَّالِ بِمَا أَعْطَاهُ، فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالدَّلَالَةِ بَعْد أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ بِالْعَيْبِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) رَدُّ السِّمْسَارِ الْجُعْلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ لَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ الْإِقَالَةَ هَلْ يَجْرِي رَدُّ السِّمْسَارِ فِيهَا عَلَى كَوْنِهَا نَقْضًا أَوْ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا.
وَحَيْثُمَا عَيَّنَ قَاضٍ شُهَدَا ... لِلْعَيْبِ فَالْإِعْذَارُ فِيهِمْ عُهِدَا
يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَيَّنَ شُهُودًا لِإِثْبَاتِ عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمَا لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُعْذَرُ الْخَصْمُ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمْ كَالْمُوَجَّهِينَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي لِحِيَازَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يُعْذَرُ فِيهِمْ لِنِيَابَتِهِمْ عَنْهُ لِأَنَّ شُهُودَ الْعُيُوبِ مُخْبِرُونَ عَمَّا أَدَّاهُمْ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُمْ وَنَظَرُهُمْ وَمَعْرِفَتُهُمْ فَيُعْذَرُ فِيهِمْ كَغَيْرِهِمْ.
(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) فَإِذَا كَتَبَ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ فِي عَقْدِ الِاسْتِرْعَاءِ وَشَهِدُوا بِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَتَبَ الْحَاكِمُ بَعْدَهَا شَهِدُوا عِنْدِي بِنَصِّهِ عَلَى عَيْنِ الْمَمْلُوكِ الْمَنْعُوتِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْعَقْدُ عِنْدَهُ أَعْذَرَ فِيهِ إلَى الْبَائِعِ مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ لَا مِنْ طَرِيقِ الْعَدَالَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنْ أَتَى الْبَائِعُ بِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْعُيُوبِ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ سُمِعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا حُجَّةَ لَهُ اهـ. وَقَوْلُ الْمُتَيْطِيِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْعُيُوبِ فَيَبْقَى الْإِعْذَارُ فِيهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِيهِ كَلَامٌ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ، وَوَاحِدٌ يُجْزِئُ فِي بَابِ الْخَبَرِ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق